في حاجة لإعادة الاعتبار للمدرسة والمدرس

Last Update :
في حاجة لإعادة الاعتبار للمدرسة والمدرس

 

* جمال رداحي: استاذ وباحث

 

تغييب الدور الحقيقي للمدرسة وافراغ التعليم من هدفه الحقيقي الذي يتجلى في خلق انسان متشبع بثقافة النقد البناء وتقبل الاختلاف، هو ما ترك الفرصة لإنتشار الشعودة الفكرية بكل تجلياتها والتي تظهر من خلال سلوكات الناس كإنتشار تقديس الموتى وزيارة الأضرحة والتبرك بهم، وقصد من يدعون امتلاك القدرة على الشفاء ومعرفة ما سيقع في المستقبل، عندما غاب الدور الحقيقي للتعليم عوض الراقي الشرعي الطبيب، وعوضت الأتربة المأخودة من الحفر الموجودة في الأضرحة أدوية الصيدلية، وعوض لعاب شخص مقعد لا يتحرك يمسح ببصقه على رؤوس المريدين عوض مسكنات الآلام ….

إذا ما نظرنا إلى أوربا نجدها بدأت تقطع مع مثل هذه السلوكات ابتداء من القرن الخامس عشر مع النهضة الأوربية، وظهور مفكرون أسسوا لثقافة جديدة قطعت مع ثقافة القرون الوسطى، وإلى كل ما كانت تروج له الكنيسة على أنه حقيقة، حيث دعا مفكروا عصر النهضة الى استخدام العقل وتمجيد الانسان، إذا نظرنا إلى المجتمع المغربي نجد أن ثقافة القرون الوسطى لازالت تعشش في أفكار فئة كبيرة من المجتمع، وأنه رغم وصول الانسان الى مناصب عليا وارتداء رابطة العنق وقيادته سيارة فارهة، فإنه مازالت تتحكم فيه تلك الثقافة الموروثة والتي تظهر بطرق سواء مباشرة أو غير مباشرة، فمثلا تجد الإنسان تتوفر فيه كل تلك الصفات، إلا أنه يقف في طابور لكي يرى الفقيه (الشريف ) لكي يحدثه عن عكس أو شيء من هذا القبيل يمنعه من الزواج، ومثله بنسبة لفتاة كبرت في السن ولم تتزوج، وأخرى تريد الانجاب وأخر يريد الحصول على وظيفة… وغيرها من الأمور التي يتوجه فيها الانسان لقوى غيبية وطقوس غريبة لكي تساعدها من أجل تحقيقها، إن ظاهرة تقديس الموتى والأضرحة والأولياء، هي مرتبطة أساسا بفترة الأزمات خاصة الاقتصادية والاجتماعية… وحتى النفسية، لذلك نجدها تنتشر بشكل كبير في المجتمعات المتخلفة، لأنها تجد التربة التي تتغدى منها وهي غياب الوعي وانتشار الجهل والأمية، كما تتغدى من الهالة التي تحظى بها هذه الفئة، سواء من خلال الاعلام الذي يسوق نجاحها في حل المشاكل أو من خلال المكانة التي تمنحها السلطة لها، فمثلا عندما تمنح للأضرحة 14 مليار كل سنة كهيبة، هنا يتبين أن الدولة هدفها ليس هو نشر الوعي والثقافة ودعوة الانسان الى استخدام عقله، بل تشجع وتنشر الشعودة الفكرية وهدفها المحافظة على الوضع القائم، واعادة إنتاج نفس السلوكات المنتشرة في المجتمع، فهذه الميزانية كان من الأجدر أن تضخ في مختبرات البحث العلمي تشجيعا للباحثين، وأن تضخ في وزارة الثقافة بغية انتاج ثقافة حقيقية بعيدة عن الميوعة الحاصلة في الميدان، وان تضخ في ميزانية التعليم والصحة  بغية النهوض بهم وتجويد خدماتهم، لكن للأسف كل هذه القطاعات لا تقوم بالدور التي تقوم به الأضرحة فهذه الأخيرة تخضر  وتسكن العقول، لكن التعليم يدعوا الى التحرر  وهنا الفرق.

تطور المجتمع رهين بتطور وتحسين مستوى التعليم فالشعوب تقاس بمستواها الثقافي.

 

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

Comments تعليقان
Type a small note about the comments posted on your site (you can hide this note from comments settings)
  • Reinaldo 14 نوفمبر 2024 - 8:58

    Howdy! Do you know if they make any plugins to assist with SEO?
    I’m trying to get my blog to rank for some targeted keywords but
    I’m not seeing very good gains. If you know of any please share.
    Appreciate it! You can read similar text here: Eco blankets

  • Nate 13 مارس 2025 - 10:09

    Hello there! Do you know if they make any plugins to assist with Search Engine Optimization? I’m trying to get my site to
    rank for some targeted keywords but I’m not seeing very
    good results. If you know of any please share. Appreciate it!
    I saw similar text here: Code of destiny

الأخبار العاجلة

We use cookies to personalize content and ads , to provide social media features and to analyze our traffic...Learn More

Accept