محمد الكحلي
شرعت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الإستئناف بالدار البيضاء اليوم الخميس، 48 متهم من بينهم منتدب قضائي إقليمي “محمد.ر” و أربعة محامين من هيئة الدار البيضاء وثلاثة نواب للملك بالمحكمة الابتدائية الزجرية بالدار البيضاء والمحكمة الابتدائية بالمحمدية والمحكمة الاجتماعية “قضاء الاسرة”، بتهمة، تكوين عصابة إجرامية، الرشوة، النصب وإفشاء سر مهني والمشاركة.
وارجأت غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بجرائم الاموال بالدار البيضاء، القضية الى 15 من الشهر الجاري لتتمة الدفوعات الشكلية.
والتمس الدفاع خلال الدفوعات الشكلية ببطلان بعض الخروقات المسطرية ، مركزين على بطلان المحاضر المتعلقة بالتقاط المكالمات.
وتقدم المحامي عبد المجيد خشيع بمجموعة من الخروقات المسطرية من بينها المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية، التي تقتصر على عصابة إجرامية، بينما الملف الذي ينوب على المحامين، قرر قاضي التحقيق بمتابعتهم بجنحة وليس جناية، وتساؤل هل يمكن ان يصدر الوكيل العام للملك اوامره، بالتقاط المكالمات على جنحة المشاركة في الارتشاء.
وتابع المحامي خشيع، على أن المادة 108 من ق.م.ج نصت على أنه يمكن لقاضي التحقيق إذا اقتضت ضرورة البحث ذلك أن يأمر كتابة بإلتقاط المكالمات الهاتفية وكافة الإتصالات المنجزة بواسطة وسائل الإتصال عن بعد وتسجيلها وأخذ نسخ منها أو حجزها، وهذا يوضح أن المشرع المغربي لم يقيد سلطة قاضي التحقيق بنوع الجريمة ولا بخطورتها كما فعل بالنسبة للوكيل العام للملك، لذلك فإنه يمكن لقاضي التحقيق أن يلجأ إلى هذه المسطرة كلما إقتضت ذلك ضرورة البحث الذي يقوم به وكيفما كانت الجريمة التي يحقق فيها.
ونظرا لأن قاضي التحقيق يمكنه اللجوء إلى هذه الوسيلة كلما اقتضت ضرورة البحث ذلك، أو توفرت حالة الإستعجال ،أو الخوف من إندثار وسائل الإثبات، فإن بعض الفقه أبدى تخوفه من الإفراط والإستسهال في استخدام هذه الوسيلة، ذلك أن الإمكانيات التي تتبعها للوصول إلى الإثبات وسهولتها قد تجعل الإقدام عليها يتم بشكل تلقائي كلما اعترضت الجهة المكلفة بالبحث صعوبة أو تعقيد في الإستنطاق، خصوصا وأن القيود الواردة على هذا الإجراء تتميز بمفهوم واسع ونسبي من قبل “ضرورة البحث” “اندثار الأدلة” حالة الإستعجال”، بل إن هذا الفقه يخشى أن يصبح التنصت والإلتقاط هو الإجراء الوحيد في التحقيق، وأن يندرج مبدأ حرية الإثبات نتيجة حتمية لذلك وأن يصير مبدأ الاقتناع الصميم مجرد صفة شكلية فارغة من كل محتوى لإضطرار القاضي إلى الخضوع إلى ما سوف يراه ويعتبره مجسدا في المكالمة أو المراسلة المسجلة.
لذلك كان يتعين على المشرع تحديد وتدقيق الحالات التي تبيح لقاضي التحقيق القيام بهذا الإجراء ،نظرا لإنعكاساته السلبية ومساسه بالحرية الشخصية والحياة الخاصة للأفراد، بل إن أثاره قد تطال أشخاص لا علاقة لهم بالجريمة التي يتم التحقيق فيها، لذلك فإنه يتعين على قضاة التحقيق أن لا يأمروا بهذا الإجراء إلا بشكل احتياطي عندما لا تسعف باقي الإجراءات الأخرى للوصول إلى مرتكب الجريمة.
واوضح المحامي خشيع، بخصوص الوكيل العام للملك فإنه وفقا للمادة 108 من قانون المسطرة الجنائية يمكنه تقديم ملتمس للرئيس الأول لمحكمة الإستئناف من أجل إصدار أمر بالتقاط المكالمات الهاتفية أو الإتصالات المنجزة بوسائل الإتصال عن بعد وتسجيلها وأخذ نسخ منها إذا إقتضت ضرورة البحث ذلك، إلا أن إختصاصه وعلى خلاف قاضي التحقيق مقيد ببعض الجرائم المحددة على سبيل الحصر، أي أنه لا يمكن تقديم الملتمس للرئيس الأول لمحكمة الإستئناف إلا إذا تعلق الأمر بالجرائم التي تمس أمن الدولة، أو الجريمة الإرهابية، أو الجرائم التي تتعلق بالعصابات الإجرامية، أو التي تتعلق بالمخدرات والمؤثرات العقلية، أو الإختطاف وأخذ الرهائن، أو بالقتل والتسميم، أو تزييف أو تزوير النقود أو سندات القرض العام، أو بالأسلحة والذخيرة والمتفجرات، أو بحماية الصحة.
وأضاف المحامي خشيع، يمكن للوكيل العام للملك في حالة الإستعجال القصوى وبصفة إسثنائية أن يأمر كتابة بإلتقاط المكالمات الهاتفية والإتصالات المنجزة بوسائل الإتصال عن بعد ودون تقديم ملتمس للرئيس الأول لمحكمة الإستئناف متى كانت ضرورة البحث تقتضي التعجيل خوفا من اندثار الأدلة شريطة إشعار الرئيس الأول فورا بهذا الأمر.
ويتعين على الرئيس الأول خلال أجل 24 ساعة أن يصدر مقررا بتأييد أو تعديل أو إلغاء قرار الوكيل العام ، وفي هاته الحالة الأخيرة يصبح إلتقاط المكالمات الهاتفية موقوفا وتعتبر الإجراءات المنجزة تنفيذا للأمر الملغى كأن لم تكن. والمقرر الصادر عن الرئيس الأول بشأن قرار الوكيل العام للملك لا يقبل أي طعن.
وأشار المحامي خشيع، أن منح الاختصاص للوكيل العام للملك من أجل التقاط المكالمات هو اختصاص استثنائي، ومشروط بأن تكون الجريمة جماعية ومنظمة، ويغلب عليها طابع المساس بما يصطلح عليه بالأمن القومي، وهي مفقودة في هذا القضية، المحامين الذي كلفه النقيب بمآزرتهم، قرر قاضي التحقيق بمتابعتهم بجنحة.
وتسائل خشيع، على الجهة التي قامت بنشر البحث التمهيدي لقاضي التحقيق، الذي يضم أسماء المتهمين وارقام بطاقة التعريف وعنوان سكناهم.
ويتابع في الملف 48 متهما من ضمنهم قاضي بالمحكمة الابتدائية بالمحمدية واخر من المحكمة الابتدائية الزجرية بالدار البيضاء ونائبة بالمحكمة الاجتماعية “قضاء الاسرة” وأربعة متحاميين بهيئة الدار البيضاء ، وموظفين بالمرافق القضائية بالدار البيضاء، إضافة إلى المتهم الرئيسي محمد ريبكو المنتدب القضائي وسماسرة وآخرون الذي أسقط العديد من الأسماء، حيث يواجهون تهما تتعلق بـ”المشاركة في الارتشاء، والرشوة، والنصب، وإفشاء السر المهني، وتكوين عصابة إجرامية، والعصابات الإجرامية، والمشاركة في الرشوة، الارشاء ومحاولة ذلك”.
وكانت الغرفة الجنحية لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، قد قررت تأييد قرار الإحالة الذي أصدره عبد الواحد مجيد قاضي التحقيق بالغرفة الأولى في ملف “الزلزال القضائي”، مع تعديله بإضافة تهمة تكوين عصابة إجرامية لبعض المتهمين، وهو ما كانت النيابة العامة طالبت به في طعنها أمام الغرفة الجنحية.
وفتحت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية تحقيقاتها بتعليمات من الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، تحقيقاتها في تلاعبات بأحكام قضائية وسمسرة مكنت من الإيقاع بمنتدب قضائي بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، وهو الخيط الذي فجر مفاجآت ثقيلة في المرافق القضائية للنفوذ القضائي بالدار البيضاء، حيث أسقطت قضاة ومحامين في قضية تلاعبات في الأحكام القضائية والتدخل في ملفات معروضة على القضاء والإرشاء والارتشاء واستغلال النفوذ، وغيرها من الجرائم ذات الطبيعة الجنحية أو الجنائية.