عثمان المراكشي
يبدو أن مشروع خلق “شركات رياضية” داخل المشهد الرياضي المغربي صار ضرورة ملحة لدعم هذا القطاع الحيوي، أكثر من أي وقت مضى، في أفق إمكانية انطلاق التجربة بصفة رسمية، لاسيما أن بداية الحديث عن ذلك قد مرت عليه سنوات كثيرة، إلى حد طالت معه الفترة الانتقالية، ولم يعد الوضع يطيق أي انتظار إضافي.
وتشكل “الشركات الرياضية”، المزمع خلقها، أكبر ورش جدير بالاشتغال عليه، بحكم ارتباطه عضويا بالمشروع الاحترافي، الذي يعد أقوى الخيارات الاستراتيجية، لاسيما بالنسبة إلى كرة القدم على وجه الخصوص، دونها من باقي الرياضات، لاعتبارات متعددة، تتوزع بين ما هو رياضي، من حيث وجود العدد الكافي من الممارسين المحترفين، في إطار تعاقد احترافي مع النادي، كأحد الشروط الأساسية المتضمنة لقانون التربية البدنية 30.09، وبين ما تكتسيه هذه اللعبة من شعبية واسعة ومتابعة جماهيرية عريضة، من شأنها تهيئ أرضية قابلة للاستثمار وتحفيز المساهمين، نسبيا، على الانخراط في المشروع.
وبين الحاجة الماسة لإطلاق هذه “الشركات الرياضية”، وبين ضرورة إعلان “احتراف حقيقي”، وجعله في منأى عن “تسمية احترافية” بـ”أندية هاوية”، نجد أنفسنا محاصرين أمام مجموعة أسئلة حارقة ومعلقة، لتظل بحاجة إلى أجوبة شافية ومقنعة..
ما هي طبيعة هذه الشركات الرياضية، وما هي حدود اختصاصها في الشق التدبيري، مقارنة مع الجمعية، في سياق تجاذب النسب المائوية بينهما؟
أي جهة وصية تعتبر أولى بالسهر على حماية المشروع وضمان حقوقه؟
أية ماهية قانونية وضريبية يفترض توفيرها لإنجاح التجربة؟
ما هو النموذج الأنسب لإخراج المشروع، ومدى أهميته لتطوير كرة القدم المغربية؟
هل من إشكالات وإكراهات تعيق هذا التوجه، وأي سبل كفيلة بمواجهتها في حال وجودها؟
أية تحفيزات تقتضي إعدادها لتشجيع المستثمرين الخواص المفترضين في قطاع الرياضة؟
بالتأكيد، لن يجادل اثنان حول أهمية الاستثمار في القطاع الرياضي، من منطلق أنه اقتصاد قائم بذاته، وتدور في فلكه قطاعات أخرى، على تعددها وتنوعها، بيد أنه بحاجة إلى ثقة الفاعلين في القطاع، كما مختلف القطاعات المرتبطة به، سواء منهم القائمين على الشأن الرياضي، أو المستثمرين من رجال مال وأعمال، من أجل تبني فكرا مقاولاتيا في تدبير الأجهزة الرياضية، عبر الاقتناع بأن الرياضة مشروع مجتمعي تنموي، مثلما هي منتوج أساسي وكتلة استهلاكية مهمة، ومورد هام للدخل.
ويمر الطريق نحو ضفة إنجاح رهان خلق شركات رياضية عبر العمل على تفعيل قانون التربية البدنية رقم 30.09، وصدور مراسيم تنظيمية من شأنها تسهيل الانتقال من “نظام جمعوي” إلى “نظام بين جمعوي وشركاتي”، ووضع مدونة للاستثمار في القطاع الرياضي، على نحو يراعي خصوصيات القطاع، واستحضار الالتقائية بين مختلف القطاعات الحكومية، دعما للمنظومة الاستثمارية في الاقتصاد الرياضي.
لم يعد من داع لتأجيل خلق “شركات رياضية”، كمخرج أو سبيل أوحد لتقوية الممارسة الاحترافية، بل “الروح المثلى للاحتراف”، بعدما ظل هذا المشروع محور أحاديث لسنوات كثيرة، وهدفا متوخى لم يعد يحتمل أي تأجيل أو انتظار، اللهم انتظار قيام الوزارة الوصية على الرياضة بدورها، كما الأمانة العامة للحكومة، بخصوص إخراج المراسيم التطبيقية، الكفيلة بتسهيل المهمة على الأندية في خلق شركات رياضية، مع إعداد الأجواء الملائمة لخلق الشركة، وجعلها تستهوي المستثمرين الخواص.
ختاما، لا بد من الإقرار بأنه قد حان الوقت لحسم موعد انطلاق العمل بنظام شركات رياضية.. ولا تراجع بعد اليوم عن التعامل بجرأة والعمل على تطبيق القانون.. ولا تسامح بعد الآن أمام تكريس التراخي وتلاشي المجهود.
وإلى ذلكم الحين.. سنبقى في الانتظار، مع متمنياتنا بأن لا يطول، من أجل احترام روح التشريع الوطني، والسهر على خدمة القطاع الرياضي.
بالتوفيق..