خالد أخازي
أبدى عبد الله بوانو، رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، استياءه من حضور وفد إسرائيلي في اجتماع المؤتمر العالمي للأممية الاشتراكية بالمغرب، معتبرًا ذلك “استفزازًا غير مقبول”، تأتي هذه التصريحات في وقت يتذكر فيه الكثيرون مسار التطبيع الذي بدأ رسميًا بين المغرب وإسرائيل عام 1994، والذي شهد مدا وجزرًا على مدى العقود الماضية.
وجدير بالذكر أنه بعد سنوات من العلاقات غير الرسمية، جمدت الرباط هذه العلاقات في عام 2000 إثر انتفاضة الأقصى. ومع ذلك، شهدت السنوات الأخيرة تحولات استراتيجية، حيث أعلن المغرب في دجنبر 2020 استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل بموجب اتفاق تاريخي برعاية أمريكية. هذا الاتفاق لم يكن مجرد خطوة رمزية، بل جاء بعد اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء المغربية، مما أضاف بُعدًا جديدًا للعلاقات الثنائية، دون أن يتخلى ملك المغرب عن دعم فلسطين علانية وانتقاد الممارسات الإسرائيلية الدموية بغزة في كل محفل دولي وعبر بلاغات رسمية.
وفي السياق ذاته، تساءل بوانو عن كيفية السماح لمكون سياسي مغربي باستدعاء الوفد الإسرائيلي في ظل ما يحدث في غزة، مشيرًا إلى أن هذا الأمر يتطلب توضيحات، ورغم أن المغرب يعتبر استئناف العلاقات بمثابة خطوة نحو الحوار والتفاهم، إلا أن حضور الوفد الإسرائيلي يثير تساؤلات حول التزام المملكة بموقفها الثابت من القضية الفلسطينية.
وفي هذا الصدد عكست تصريحات بوانو قلقًا متزايدًا داخل المشهد السياسي المغربي حيال التطبيع مع إسرائيل، وتطرح تساؤلات حول مستقبل العلاقات المغربية الإسرائيلية في ظل التحديات الإقليمية والدولية الراهنة.
ويرد بعض المتتبعين على بوانو بكون حزب العدالة والتنمية يتحمل مسؤولية كبيرة في مسار التطبيع مع إسرائيل، حيث كان له دور محوري في توقيع اتفاق التطبيع في ديسمبر 2020، رغم أن الحزب لطالما ادعى رفضه للتطبيع، إلا أن الأمين العام السابق، سعد الدين العثماني، وقع الاتفاق تحت ما زعم ضغوط سياسية واعتبارات براغماتية، مما أدى إلى انقسام داخلي حاد داخل الحزب.
ويذكر أن هذا التطبيع لم يكن مجرد خطوة سياسية، بل أثر بشكل عميق على مصداقية الحزب وأدى إلى تصدع في صفوفه. العديد من الأعضاء عبروا عن استيائهم من هذا القرار، مما دفع بعضهم إلى تجميد عضويتهم احتجاجًا. كما واجه الحزب انتقادات شديدة من قبل الديوان الملكي، الذي اعتبر مواقفه الأخيرة بشأن العلاقات مع إسرائيل “تجاوزات غير مسؤولة”.
وفي سياق مماثل ينتقد دعاة المقاطعة حزب إدريس لشكر على هذه الخطوة، دون تبرئة البيجيدي الذي يرفع شعارات الدفاع عن القضية الفلسطينية، مذكرين دوره في عملية تطبيع مع اسرائيل، هذه التناقضات تعكس أزمة هوية عميقة داخل الحزب وتطرح تساؤلات حول مستقبله السياسي في المغرب.