كأننا عشية إعلان الراحل الحسن الثاني عن السكتة القلبية..

آخر تحديث :
كأننا عشية إعلان الراحل الحسن الثاني عن السكتة القلبية..

خالد أخازي

كأننا نعيش السياق ذاته القاسي والمر، يوم أعلن الراحل الحسن الثاني عن “السكتة القلبية” للاقتصاد المغربي في 13 أكتوبر 1995 خلال خطاب له من قبة البرلمان. جاء هذا الإعلان بعد تلقيه تقريرًا من البنك الدولي يوضح الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتدهور في البلاد، حيث أشار التقرير إلى أن المغرب كان على حافة أزمة خطيرة تتطلب إصلاحات عاجلة.

تجلت الأزمة الاقتصادية حينذاك في معاناة البلاد من ارتفاع معدلات البطالة، التي بلغت حوالي 16%، وعجز الميزانية، وثقل الديون التي أنهكت كاهل الدولة، وتجلت أيضًا في عدم الاستقرار المالي والانغلاق السياسي والحقوقي.

كأن السياق اليوم يتكرر، السيناريو نفسه… فقد كان الاقتصاد المغربي يعتمد بشكل كبير على الأمطار، وبالتالي تأثرت النتائج الاقتصادية بالتغيرات المناخية، وكان معدل النمو يتأرجح بين 2% و3%.

كأننا نعيش السياق التاريخي ذاته، لكن بحدة أكثر؛ معدل البطالة يقارب اليوم 25%، رغم أن مؤشرات الإحصاء اعتمدت مؤشرات رشيقة زمنياً، في إحصاء “النشط” مقابل “العاطل”، ونوعية العمل وأسلوبه. والحقيقة مخيفة…

ماذا أُضيف على هذا السياق الذي يتكرر؟

ارتفاع مؤشر الفساد وتغول المال السياسي، وانهيار الوساطات الحزبية والثقافية التي كانت تمتص الغضب وتشكل صمام الأمان المجتمعي، تنميط الصحافة والتحكم فيها بالمال والتضييق، وانهيار الطبقة الوسطى. وحتى الفئة النشطة في القطاع الخاص جلها يشتغل وفق نظام الوساطة والمناولة دون استقرار اجتماعي ومهني. كما ارتفعت الأسعار التي طالت المواد الأساسية، وتنامت الفضائح السياسية والحزبية، وتفشى خطاب سياسي يصنع اليأس، وتوسع الفوارق الطبقية، وتحكم المال في القرار السياسي للبلاد.

السياق ذاته يتكرر، بل أعقد منه وأصعب، ومفتوح على المجهول. والدرس الحسني ما زال طريًا وما زال صالحًا.

فبعد إعلان الملك الراحل الحسن الثاني عن “السكتة القلبية” للاقتصاد المغربي في 13 أكتوبر 1995، والوضع شبيه اليوم وأكثر تعقيدًا وتشاؤمًا، اتخذ الراحل عدة خطوات سياسية هامة للتعامل مع الوضع الاقتصادي المتدهور. أطلق مراجعات دستورية، بما في ذلك تعديل دستور 1992. كلف الملك عبد الرحمن اليوسفي، أحد قادة المعارضة، بتشكيل حكومة جديدة في عام 1998، مما سمح بتعزيز المشاركة السياسية. وعمل على تعزيز الحوار مع المعارضة السياسية، مما أسهم في خلق بيئة أكثر انفتاحًا للتغيير السياسي.

الوضع صعب… صعب جدًا… كأننا نعود ليوم 13 أكتوبر 1995… اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا. ما زال الدرس الحسني في تدبير السكتة القلبية صالحًا لليوم… لننعش الآمال ونئد اليأس…

اليوم يعاني المغرب من ظروف مشابهة وأكثر التباسًا… حيث يقترب معدل البطالة من 25%… ورغم استخدام مؤشرات إحصائية مكيفة وملطفة، تبقى الأرقام مقلقة…

الوضع اليوم يعكس تكرارًا للتحديات التي واجهها المغرب قبل ثلاثة عقود. وزواج المال والسياسة وضع خلق انتكاسة كبرى للمغرب، وحكومة عاجزة بأطر مقاولاتية من ذوي القربى الاقتصاديين، وتوجهات اقتصادية تخدم لوبي متحكم في القرار السياسي. إذن السياق أكثر تعقيدًا والوضع مخيف…

إجهاض مسلسل انطلق لتحصين البلاد ضد الفساد والريع والإثراء غير المشروع وتقوية قوانين قهرية انتكاسة… ضاقت حرية التعبير بشرعية قانونية… قتل الحلم المغربي والرقص فوق جثته…

يبقى الدرس الذي قدمه الملك الراحل حسن الثاني حول ضرورة الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية صالحًا حتى اليوم. مما يستدعي جهودًا متضافرة لإنعاش الآمال ومواجهة اليأس… ولابد من زلزال مهما كان الثمن… لنطوِ الصفحة!

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الأخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق