هيئة التحرير
على الرغم من الإنجازات الملحوظة التي حققها المغرب خلال عام 2024، فإن التحديات والصعوبات التي يواجهها تتطلب جهودًا مستمرة وتعاونًا بين الحكومة وكل الشركاء، وتغيير الخطاب السياسي، وتجويده يظل تحديا كبيرا، بالرقي بمنظومة التواصل التي من شأنها زرع الثقة، وإشاعة الأمل والتفاؤل، لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز رفاهية المواطنين. إن معالجة هذه القضايا المجتمعية هي مسؤولية الحكومة أولاً، ولكنها ورش مشترك، يتطلب.مشاركة فعالة من جميع الأطراف المعنية لتحقيق الأهداف الوطنية وتحسين الظروف المعيشية للمغاربة.
وفي السياق ذاته، حقق المغرب خلال سنة 2024 مكاسب سياسية ودبلوماسية مهمة، وتم تنزيل مشاريع ملكية استراتيجية خففت الاختلالات الحكومية في عدد من الملفات، وتظل سنة 2024، سنة الإنجازات الدبلوماسية والأمنية بامتياز، والمشاريع الملكية الماكرواقتصادية.
الإنجازات الدبلوماسية
في هذا الصدد، يذكر أن الدبلوماسية المغربية حققت في عام 2024 نجاحات استثنائية، حيث حقق المغرب نسبة نجاح بلغت 100% في جميع الترشيحات المقدمة للمنظمات الدولية والإقليمية. هذه الحصيلة التاريخية تعكس المصداقية والثقة التي تحظى بها الدبلوماسية المغربية، بفضل الرؤية الاستراتيجية للملك محمد السادس، كما شهدت السنة دعمًا ملحوظًا من دول كبرى مثل فرنسا، التي اعترفت رسميًا بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية. هذا الاعتراف يمثل تحولًا كبيرًا في المواقف الدولية ويعزز من موقف المغرب في المحافل العالمية. كما شهدت العلاقات مع دول أمريكا اللاتينية تطورات إيجابية، حيث علقت كل من الإكوادور وبنما اعترافهما بالجمهورية الصحراوية الوهمية، مما يزيد من عزلة جبهة الوهم البوليساريو، وحققت دبلوماسية القنصليات نجاحات باهرة، حيث استمرت دبلوماسية القنصليات في قلب المعادلة الجيوسياسية، بافتتاح أكثر من 30 قنصلية لدول إفريقية في الأقاليم الجنوبية للمغرب. هذا التطور يعكس الاعتراف الدولي المتزايد بسيادة المغرب ويعزز من وجوده الدبلوماسي في المنطقة.
وفي هذا السياق، تم تعزيز العلاقات العربية والإفريقية، إذ على المستوى العربي، جددت العديد من الدول دعمها الثابت للوحدة الترابية للمملكة. كما تولى المغرب منصب الأمين العام للمنظمة الأفريقية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة، مما يعكس استراتيجية دبلوماسية متكاملة تهدف إلى تعزيز الشراكات والتعاون مع الدول الأخرى.
الإنجازات الاقتصادية ورهانات كبرى
سجل الاقتصاد المغربي نموًا بنسبة 3.3% خلال عام 2024، وفقًا لتقديرات البنك المركزي. يُعزى هذا النمو إلى التحسينات الملحوظة في القطاعات الرئيسية مثل الصناعة والخدمات، بالإضافة إلى انتعاش السياحة، كما أن مشاريع بنية تحتية طموحة تم تدشينها، فأطلقت عدة مشاريع بنية تحتية كبرى مثل ميناء الداخلة وخط الغاز نيجيريا-المغرب، والتي تهدف إلى تعزيز الاقتصاد الوطني. هذه المشاريع تمثل خطوة مهمة نحو تحسين البنية التحتية وتعزيز القدرة التنافسية للمغرب، وتم استقطاب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة تتجاوز 20 مليار درهم مغربي، مما يعكس الثقة المتزايدة للمستثمرين في الاقتصاد المغربي. ومع ذلك، لا يزال هناك حاجة لمزيد من الجهود لجذب الاستثمارات إلى المناطق النائية والقطاعات الأقل تطورًا.
المشاريع الملكية: بعد الرؤية وحكمة الخيارات
تُعتبر المشاريع الملكية أبرز إنجازات سنة 2024، حيث عكست رؤية ملكية ماكرواقتصادية بعيدة الرؤية، تشمل عدد مجالات، علاوة على الإنجازات الدبلوماسية والعسكرية والأمنية، تحققت الأهداف ذات الأولية الجيوستراتيجية للمشروع الملكي، باعتماد مجموعة من الخطوات تشكل خريطة طريق لتحقيق هذا التموقع الاستراتيجي، وطنيا وإقليميا ودوليا، بتأهيل المجال الساحلي وطنيا بما فيه الواجهة الأطلسية للصحراء المغربية، وكذا هيكلة هذا الفضاء الجيوسياسي على المستوى الإفريقي، واستكمال المشاريع الكبرى، التي تشهدها أقاليمنا الجنوبية، وتوفير الخدمات والبنيات التحتية المرتبطة بالتنمية البشرية والاقتصادية، و تسهيل الربط بين مختلف مكونات الساحل الأطلسي، وتوفير وسائل النقل ومحطات اللوجستيك، بما في ذلك التفكير في تكوين أسطول بحري تجاري وطني وقوي وتنافسي، مع إقامة اقتصاد بحري يساهم في تنمية المنطقة، ويكون في خدمة ساكنتها وهذا من باب مواكبة التقدم الاقتصادي والتوسع التنموي الذي تعرفه مدن الصحراء المغربية، مع إطلاق دينامية قوية للتنقيب عن الموارد الطبيعية في عرض البحر. ومواصلة الاستثمار في مجال الصيد البحري وتحلية مياه البحر، ومشاريع رائدة وطنيا ودوليا في مجال الطاقات المتجددة.
ويذكر أن اعتماد استراتيجية خاصة بالسياحة الأطلسية، تظل انجازا مغربيا كبيرا عكس حكمة الملك، وهي تقوم على استثمار المؤهلات الكثيرة للمنطقة، قصد تحويلها إلى وجهة حقيقية للسياحة الشاطئية والصحراوية على مستوى الواجهة الأطلسية الإفريقية، مع الاستمرار في العمل مع الأشقاء الأفارقة والشركاء على إيجاد إجابات عملية وناجعة لها في إطار التعاون الدولي، باعتماد مقاربة شمولية للمشاكل والصعوبات التي تواجه دول منطقة الساحل الشقيقة أمنيا وعسكريا واعتماد التعاون والتنمية المشتركة.
وفي هذا الصدد، تظل المبادرة الملكية ” المحيط الأطلسي” قوية ورائدة، إذ تهدف إلى تمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي، مع تأهيل البنيات التحتية لدول الساحل والعمل على ربطها بشبكات النقل والتواصل لمحيطها الإقليمي، إنجازات ملكية قوية غيرت موازين القوى بالمنطقة.
وفي هذا السياق، يظل برنامج التنمية الحضرية لأكادير الذي يهدف إلى تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمدينة مشروعا رائدا، لا يقل تميزا وقوة وأثرا عن مشروع القطار فائق السرعة، الذي يربط بين طنجة والدار البيضاء، وتمديده نحو مراكش في أفق ربط سككي بالبراق أوسع، إلى جانب المشروع القوي والفريد.لخط أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي الذي يربط المغرب ونيجيريا عبر عدة دول إفريقية.
وجدير بالذكر، أن الملك محمد السادس حقق للمغرب عدة إنجازات بارزة، تعكس التزامه بتطوير المغرب في مجالات متعددة، أهمها، تنظيم كأس العالم 2030 حيث أعلن الملك محمد السادس عن استضافة المغرب لكأس العالم 2030 بالتعاون مع إسبانيا والبرتغال، مما يعكس الطموح الوطني ويعزز مكانة المغرب على الساحة الدولية
الإنجازات الثقافية
في أكتوبر 2024، تم تدشين المسرح الملكي بالرباط بحضور شخصيات بارزة، مما يعزز من مكانة العاصمة كمركز ثقافي للمغرب ويعكس التزام الدولة بتطوير الفنون والثقافة، وأعلنت المديرة العامة لليونسكو اختيار مدينة الرباط عاصمة عالمية للكتاب لعام 2026. هذا الاختيار يبرز الجهود المستمرة لتعزيز القراءة والثقافة في المغرب،وشهد عام 2024 تنظيم فعاليات العام الثقافي قطر-المغرب، الذي جمع بين البلدين في سلسلة من الأنشطة الثقافية والفنية التي تعزز العلاقات الثقافية بينهما، وتم الاحتفاء بمراكش كعاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2024، حيث استضافت المدينة مجموعة من الفعاليات الثقافية والفكرية التي تسلط الضوء على الحضارة الإسلامية.
إنجازات أمنية
وفي سياق مماثل ومتميز، حقق المغرب في عام 2024 إنجازات أمنية مهمة على الصعيدين المحلي والدولي، عكست قوة وكفاءة الأجهزة الأمنية المغربية تحت قيادة عبد اللطيف حموشي، على سبيل المثال لا الحصر، تحديث البنية التحتية، إذ تم افتتاح مختبر علمي وتقني للشرطة بالدار البيضاء، مما عزز قدرات المديرية العامة للأمن الوطني في مواجهة التحديات الأمنية الحديثة، وتعززت الإدارة الذكية الأمنية برقمنة الخدمات، بإطلاق بطاقة التعريف الوطنية الإلكترونية الجيل الثاني (CNIE 2.0) مع خدمات رقمية متطورة، مما يسهل الإجراءات الإدارية ويعزز الأمن.
وفي هذا الصدد حققت الإدارة العامة للأمن الوطني إنجازات دولية متميزة، كانت موضوع إشادة دولية، إذ تقوى التعاون الأمني، بإسهام المخابرات المغربية في إحباط مخططات إرهابية دولية، حيث قدمت معلومات حيوية للولايات المتحدة، وعدد من الدول الغربية، حالت دون تنفيذ عمليات إرهابية دموية، علاوة على تقوية وتعزيز الشراكات الاستراتيجية، بإبرام المغرب لاتفاقيات مع دول مثل إسبانيا والإمارات لتعزيز التعاون الأمني، بما في ذلك تبادل المعلومات حول الجرائم العابرة للحدود.
وجدير بالذكر أن المغرب انتخب نائبًا لرئيس شبكة NASCA للأمن السيبراني، مما يعكس مكانته كقوة رائدة في مجال الأمن السيبراني على مستوى القارة، تؤكد هذه الإنجازات التزام المغرب بتعزيز الأمن والاستقرار، وتطوير استراتيجيات فعالة لمواجهة التهديدات المتزايدة.
إنجازات الرياضة المغربية
شهدت الرياضة المغربية في عام 2024 عامًا مليئًا بالإنجازات البارزة التي تعكس تطور المملكة في مختلف المجالات الرياضية، وتؤكد مكانتها كقوة رياضية إقليمية ودولية.
من أبرز الإنجازات التي حققها المغرب هو فوزه بشرف تنظيم كأس العالم لكرة القدم لعام 2030، بالتعاون مع إسبانيا والبرتغال، يعد هذا الحدث التاريخي علامة فارقة في مسيرة المغرب الرياضية، حيث يعكس الثقة الدولية في قدرات المملكة على استضافة مثل هذه الفعاليات الكبرى، وتألق في الألعاب الأولمبية.
وفي سياق مماثل، وفي إطار مشاركة المغرب في الألعاب الأولمبية التي أقيمت في باريس، أظهر العداء المغربي سفيان البقالي براعته وموهبته الفائقة، حيث تمكن من إحراز الميدالية الذهبية في سباق 3000 متر موانع. كما حقق المنتخب الأولمبي المغربي لكرة القدم إنجازًا كبيرًا بفوزه بالميدالية البرونزية بعد انتصاره على نظيره المصري، مما يبرز تطور كرة القدم المغربية على المستوى الدولي، وبرزت بقوة النجاحات البارالمبية، حيث لم تقتصر الإنجازات على الرياضيين العاديين، بل حقق الرياضيون المغاربة في الألعاب البارالمبية أيضًا نجاحات ملحوظة، بإحراز الفريق المغربي 15 ميدالية، منها 3 ميداليات ذهبية، مما يعكس الجهود المبذولة لتعزيز الرياضة الخاصة بذوي الإعاقة.
وفي هذا الصدد، حققت الرياضة المغربية هيمنة كرة القدم داخل القاعة، إذ واصل المنتخب المغربي تألقه بعد أن توج بلقب كأس أمم إفريقيا للمرة الثالثة على التوالي، هذا الإنجاز عكس قوة الفريق والتزامه بتحقيق المزيد من النجاحات على الساحة الإفريقية والدولية، إلى جانب هذه الإنجازات، حققت الرياضات الأخرى أيضًا نجاحات ملحوظة، ففي بطولة إفريقيا للكاراتيه، تمكن الفريق الوطني من إحراز 18 ميدالية، مما يدل على تطور هذه الرياضة في المغرب وزيادة الاهتمام بها.
تؤكد هذه الإنجازات الرياضية المتنوعة الرؤية الملكية لتطوير الرياضة الوطنية وتعزيز حضورها الدولي، إن هذه النجاحات ليست مجرد أرقام أو ميداليات، بل هي تجسيد للجهود المستمرة والتفاني من قبل الرياضيين والمدربين والإداريين الذين يسعون جميعًا لوضع المغرب على خريطة الرياضة العالمية.
التحديات العالقة
يُعتبر الهدر المدرسي أحد أبرز التحديات التي تواجه التعليم في المغرب، حيث يغادر أكثر من 300 ألف تلميذ مقاعد الدراسة سنويًا بسبب الظروف الاقتصادية والاجتماعية للأسر، فالتقارير تشير إلى أن حوالي 40% من الطلاب لا يستطيعون قراءة نصوص بسيطة بشكل صحيح، مما يعكس أزمة حقيقية في النظام التعليمي.
وفي السياق ذاته، يعاني قطاع الصحة من نقص حاد في التمويل، حيث لا تتجاوز الميزانية المخصصة للصحة 6% من الناتج المحلي الإجمالي. تتوزع الخدمات الصحية بشكل غير متوازن بين المناطق الحضرية والريفية، مما يؤدي إلى حرمان سكان المناطق النائية من الرعاية الصحية اللازمة. كما تشير الإحصائيات إلى أن نسبة الأطباء لكل 1000 نسمة لا تتجاوز 1.5 طبيب.
ويذكر أن المغرب عرف ارتفاعًا ملحوظًا في الأسعار خلال عام 2024، حيث أصبح من أغلى الدول للعيش فيها، بارتفاع الرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك بنسبة 1.3% مقارنة بالعام السابق، بينما زادت أسعار المواد الغذائية الأساسية بشكل كبير؛ إذ ارتفعت أسعار الفواكه والخضروات واللحوم والأسماك بنسب عالية. ورغم هذه الزيادات المتواصلة للأسعار، لم تُظهر الحكومة استجابة فعالة لمطالب المواطنين بخصوص ضبط الأسعار وتفعيل صندوق المقاصة بشكل يضمن استفادة الطبقات الفقيرة والمتوسطة، رغم خطة الاستيراد التي لم تنعكس إبجابيا على السوق، في مفارقة غريبة، أثارت الريبة والشكوك.
وتظل الاختلالات والتحديات الاجتماعية متنوعةوتعوق التنمية كارتفاع معدل البطالة، حيث يعاني المغرب من ارتفاع مستمر في معدل البطالة الذي وصل إلى 13.7% خلال الربع الأول من عام 2024 الذي عانق ربع ساكنة المغرب، يُظهر هذا الرقم زيادة ملحوظة مقارنة بالسنوات السابقة، حيث ارتفع عدد العاطلين عن العمل إلى مليون و683 ألف شخص. يعد هذا الوضع مؤشرًا على إخفاق الحكومة في إدارة ملف التشغيل وتحقيق الأهداف التنموية المرجوة.
كما أن التخليق السياسي، وضبط معايير المنافسة الشريفة، وتطويق ظاهرة تضارب المصالح، وإنعاش مشروع قانون الإغتناء غير المشروع، ستظل قضايا عالقة وذات ملحاحية، وتحتاج إلى إرادة سياسية، بما فيها كل القوانين المرتبطة بالتخليق ومحاربة الفساد.
وفي مجال محاربة الفساد، لعب المجلس الأعلى للحسابات دورا مهما خلال عام 2024، فطالت أصابع قضاته المؤسسات المنتخبة والعمومية والحزبية والنقابية، مما جعل تقاريره تحصل على العلامة الكاملة، إلى جانب القضاء الذي واجه الفساد بحزم واستقلالية، مرسخا ثقة المواطنين والمواطنات في المؤسسات، علاوة على مجهودات وزارة لفتيت التي نزلت بقوة استراتيجية دقيقة لمحاربة الفساد وسوء التدبير في المؤسسات المنتخبة، وعزلت قضائيا عددا من المنتخين، كما زج ببعضهم في السجون.
Your blog is a breath of fresh air in the often stagnant world of online content. Your thoughtful analysis and insightful commentary never fail to leave a lasting impression. Thank you for sharing your wisdom with us.
Hi Neat post Theres an issue together with your web site in internet explorer may test this IE still is the marketplace chief and a good component of people will pass over your fantastic writing due to this problem