خالد أخازي
في تصعيد دبلوماسي غير مسبوق، عبرت الحكومة المالية عن استيائها العميق من الجزائر، متهمة إياها بدعم الجماعات الإرهابية التي تنشط في منطقة الساحل، هذا الغضب لم يكن مجرد رد فعل عابر، بل جاء بعد سلسلة من الأحداث التي زادت من توتر العلاقات بين البلدين، ويبدو أن مالي لم تعد تطيق صبرا لعبة الجزائر القذرة في المنطقة، على غرار عدة دول التي بدأت تعبر عن غضبها من سياسية الجنرالات في رهن البلدان في العنف بافتعاله ودعمه، للابتزاز والمساومات الرخيصة، والضغط بورقة التطرف.
وفي هذا الصدد، اعتبرت الحكومة المالية أن الجزائر تسعى لتعزيز نفوذها الإقليمي على حساب أمن واستقرار البلاد، مشيرة إلى أن دعم الجزائر للجماعات المسلحة هو السبب الرئيسي وراء تفاقم الأوضاع الأمنية في مالي.
يبدو أن الجزائر، بدلاً من أن تكون جارة صديقة، اختارت أن تلعب دور المتفرج الذي يسهم في إشعال الفوضى، مستعملة الأسلوب نفسه مع دول الجوار، بالاستثمار في القلاقل والتوترات، ودعم الإرهاب والتطرف، لخدمة مصالحها.
تأتي هذه الاتهامات في وقت حساس بالنسبة للنظام الجزائري، الذي يعاني من اخفاقات داخلية وخارجية متعددة. فبينما تحاول الجزائر تعزيز صورتها كقوة إقليمية بكل الطرق، بما فيها الابتزاز السياسي وشراء المواقف وزرع الفتن، إلا أن نظام الكابرانات مصر على تجاهل المخاطر التي تترتب على دعم الجماعات الإرهابية.
المثير للسخرية هو أن الجزائر، التي تدعي أنها تسعى لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، تترك جيرانها يعانون من آثار سياساتها غير المدروسة. وفي الوقت الذي تتزايد فيه الضغوط على الحكومة المالية لمواجهة التحديات الأمنية، يبدو أن الجزائر تفضل الاستمرار في لعبة السياسة القذرة.
هذا الوضع يتطلب وقفة حقيقية من المجتمع الدولي. فهل ستستمر الجزائر في تجاهل مسؤولياتها وتفشي الفوضى في المنطقة؟ أم ستتحرك الدول المعنية لوضع حد لهذه السياسات التي تهدد الأمن الإقليمي؟
وجدير بالذكر أن الجزائر تواصل لعبتها السياسية غير المسؤولة مع عدد من الدول، فغضب مالي لم يكن ردة فعل من موقف محدود، بل هو صرخة مدوية تطالب بوضع حد للتدخلات السلبية التي تؤثر على استقرار الدول، كما أن التغييرات البنيوية التي قام بها الغزواني الرئيس الموريتاني لقيادات الحيش، تصب في الاتجاه نفسه، وهو قطع حبل سرة الفتنة مع رحم نظام الفتن الجزائري.