تواجه الصحافة الورقية في المغرب أزمة خانقة، تتجلى بشكل واضح مع إعلان الشركة العربية الإفريقية للتوزيع والنشر والصحافة “سابريس” عن نيتها فرض إجراءات مالية جديدة على ناشري الصحف. تأتي هذه الخطوة في وقت تعاني فيه الصحافة المكتوبة من تراجع حاد في المبيعات واهتمام القراء، مما يهدد وجودها في السوق.
تحتكر “سابريس” توزيع الصحف الورقية في البلاد، وقد بدأت بالفعل بعقد اجتماعات فردية مع الناشرين لإبلاغهم بالتكاليف الإضافية التي ستُفرض مقابل استمرار خدمات التوزيع. هذه الإجراءات تأتي بعد تقليص الدعم الحكومي المخصص للموزع الوطني، مما يزيد من الضغوط على الصحف ويضع العديد منها أمام خيار الإغلاق.
على الرغم من أن الحكومة خصصت مبلغ 200 مليون درهم لدعم قطاع الصحافة، إلا أن النتائج كانت بعيدة عن التوقعات. الدعم المقدم لشركة “سابريس” لم يسفر عن تحسينات ملموسة في توزيع الصحف أو زيادة في أعداد النسخ الموزعة.
بل على العكس، تأخر صرف المستحقات المالية للصحف فاقم الوضع، مما أدى إلى تفاقم الأزمة.
الفيدرالية المغربية لناشري الصحف حذرت من أن هذه الإجراءات قد تؤدي إلى تغييب الصحافة الورقية عن المشهد الإعلامي المغربي. وقد اعتبرت أن المشكلة تتجاوز مجرد خلاف تجاري بين “سابريس” والناشرين لتصبح قضية وطنية تتطلب تدخلًا حكوميًا عاجلاً.
إن استمرار “سابريس” في اتخاذ مثل هذه الإجراءات يعكس عدم الاكتراث بمستقبل الصحافة الورقية، ويظهر تجاهلًا لاحتياجات الناشرين والعاملين في هذا القطاع. إذا كانت الحكومة جادة في إنقاذ الصحافة المكتوبة، فإنها بحاجة إلى إعادة النظر في سياساتها ودعمها بشكل فعّال، بدلاً من الاعتماد على حلول مؤقتة لا تعالج جذور المشكلة.
في ظل هذه الظروف، يبدو أن مستقبل الصحافة الورقية المغربية على المحك. إذا لم تتضافر الجهود لإنقاذ هذا القطاع الحيوي، فإننا قد نشهد قريبًا نهاية حقبة الصحافة المكتوبة في المغرب. الحلول لن تكون سهلة، لكنها ضرورية لحماية تاريخ طويل من الإعلام الذي خدم الرأي العام الوطني.