قصة إنسان: نصوص من حبر الوجع

نصوص في الأمل والإلحاح

آخر تحديث :
قصة إنسان: نصوص من حبر الوجع
مكرم مفيد

عاشق المسرح

شاب مثقف جدا، حاصل على شهادة الدكتوراه في “تاريخ الفن المسرحي وتطور أدائه على المستوى العربي” إنسان مختلف عن الآخرين جدا اختلافا ايجابيا يكمن في عشقه اللامتناهي للفن المسرحي وتعلقه به حد ممارسته في حياته اليومية ومن خلال واقعه المعيش، هذا على الرغم من أن واقعه المهني يبقى بعيدا كليا عن طبيعة تكوينه ومجال دراسته العليا، درس الفن المسرحي وتشبت به إلى درجة الجنون ووهب حياته وفكره وروحه وقلبه له، حيث يجد في عوالمه متعة وراحة لا نظير لهما.

يعاني هذا الشاب من عقدة كبيرة جعلته يلعب دور الإنسان المتشائم على ركح مسرحية الحياة، حيث لا يتردد عن التعبير بكل الوسائل “الفكرية…اللغوية…الإيحائية…” عن سخطه لما آل إليه وضعه الشخصي وما أضحت عليه نفسيته المحبة للمسرح والفن والثقافة، بسبب عدم ارتياحه لمزاولة مهنة بعيدة كل البعد عن مجال دراسته و تكوينه.

لايتردد هذا الشاب في الاعتراف بأن الحاجة الماسة لأجر شهري يستطيع بواسطته سد احتياجاته ومتطلباته الحياتية هي من دفعته للترشح لاجتياز مباراة ولوج سلك الوظيفة العمومية كمراقب لمصلحة شرطة البناء بإحدى الجماعات المحلية، مجال اشتغال لا علاقة له بمجال التكوين كفيل بأن يسبب للرجل يوميا المزيد من الألم والندم على عدم حصوله على فرصة للاشتغال في مجال تخصصه من جهة، ولممارسته لمهنة لا يجد فيها أدنى متعة أو بعبارة أخرى لا يجد فيها ذاته.

رغم ما فرضته عليه الحياة من تغيير لمساره المهني لازال الرجل وسيبقى على ما يبدو وفيا لحبه الأول “المسرح” من خلال الاهتمام والمتابعة والمطالعة ويتضح ذلك جليا عندما يردد قائلا “روحي مأخوذة في رحلة فكرية وثقافية إلى عالم المسرح بغير رجعة، وجسدي يصارع هنا من أجل لقمة العيش”.

موظف في مصلحة شرطة البناء بإحدى الجماعات المحلية، شخصية مثقف حاصل على شهادة الدكتوراه في “تاريخ الفن المسرحي وتطور أدائه على المستوى العربي” مهووس بالمسرح، يعيش عذابا نفسيا حقيقيا لأنه محروم من مزاولته مهنيا ولأن مجال اشتغاله لا علاقة له بأفكاره ومبادئه وتصوراته، ينتابه دائما إحساس بالذنب لأنه فرط في المسرح على حساب أجر شهري في مهنة لا يحبها ووظيفة لم يتمناها، تلاحقه الحسرة والندم على مجال أحبه بصدق لكنه لم يعطيه بالمقابل حقه كإنسان مثقف ومكون في مجال لم يجد فيه فرصة عمل أو عرض وظيفي وذلك أضعف الإيمان، ناهيك عن النجاح والتألق الذي يستحقه كل متميز في مجال تخصصه.

السجينة البريئة

طالبة جامعية متفوقة وطموحة وجدت نفسها متورطة في قضية تزوير الأوراق النقدية وترويجها حكم عليها بأربعة سنوات سجنا قضتها ظلما وعدوانا، عاشت داخل أسوار السجن معاناة مريرة غير أنها صبرت واحتسبت حتى انقضاء مدة العقوبة الحبسية، لتجد نفسها حرة طليقة مدافعة عن براءة نالتها وحق في استكمال الدراسة طالبت به فلم يضع إذ عادت إلى الجامعة مفعمة بالتفاؤل والأمل في غد أفضل.

قصة إنسانية عنوانها “الظلم”، بدايتها الحزن والمعاناة ونهايتها الحرية والاعتراف بالبراءة ثم إعادة الاعتبار

تعود أحداث القصة إلى ست سنوات حيث كانت الشابة “مريم” طالبة جامعية تدرس اللغة الفرنسية وآدابها بكلية الآداب بنمسيك، كانت وهي في سنتها الثانية من مسيرتها الجامعية شابة مهذبة طموحة تروم تحقيق ذاتها وتكوين مستقبلها قبل أن تصطدم بقدر غيّر حياتها من الأحسن إلى الأسوأ، لم تتخيل “مريم” نفسها يوما “سجينة” وراء القضبان مسلوبة الحرية والإرادة محكوم عليها بأربعة سنوات سجنا نافذا بسبب تورطها في قضية تزوير أموال، غير أن رفقة السوء والكثير من الاستهتار كانا وراء إلقاء القبض عليها بمعية ثلة من زملائها الطلبة الذين يدرسون معها بنفس الكلية وهم أجانب من دول جنوب الصحراء قدِموا إلى المغرب بغرض إتمام دراستهم الجامعية، لكنهم اتجهوا صوب غمار تجربة خطيرة وهي تزوير الأوراق النقدية وترويجها، لم تكن للطالبة “مريم” أي دراية بما يقوم به زملائها لكنها لم تكن تفارقهم في جميع الأوقات والمناسبات حيث ألقي القبض عليهم في سيارة ذات مساء وبعد التحقيق وجدت “مريم” نفسها متورطة معهم في القضية.

الصبر والتحدي زاوية لمعالجة هاته القصة وعمودها الرئيسي، إذ ليس من السهل أبدا أن يجد الإنسان نفسه مظلوما بين عشية وضحاها قابعاً في زنزانة سجنية بدل المدرجات الجامعية، فما كان “لمريم الضحية” غير الصبر والتشبث ببراءتها وقضاء العقوبة الحبسية بشقاء وألم لا يوصفان

بعد خروج “مريم” من السجن تمكنت بفضل مساعدة أهلها لها من إتباع السبل القانونية لإثبات براءتها ثم عادت إلى رحاب الجامعة لإتمام دراستها الجامعية.

الإرهابي التائب

كل شئ بالنسبة إليه كان صعبا منذ البداية، لم يجد نفسه في غرفة ولادة مصنفة أو نظيفة مزينة بالورود تطوف حوله ملائكة الرحمان في الأرض بود وحب، لم يجد أيضا وجوها جميلة باسمة الثغر فرحة القلب بقدوم مولود جديد، ولم يجد أيضا ملعقة في فمهه حتى من “البلاستيك” فما بالك بمن جاؤوا إلى عالمنا وفي أفواههم ملاعق من ذهب، فتح مقلتيه الصغيرتين في محيط سئ ينذر بمستقبل صعب وغامض مرسومة خطاه على أرض ملغمة، بدأ رحلة حياته وهو متعب ومحروم من أبسط الحقوق التي من الممكن أن تخلق لديه توازنا نفسيا يجعله يشعر بنوع من المساواة المفتقدة، لكن واقعه وظروفه حالا دون ذلك٠

طفولة مغتصبة مليئة بالتناقضات والاختلالات تشوبها نواقص عدة وتتخللها ظواهر سلبية مستخلصة من بيئة اجتماعية معقدة، جعلت من “علي” شابا مضغوطا وحقودا يعتبر أن الحياة ظلمته وحكمت عليه جورا بالاقبار منذ البداية حيث انعدمت فرص عديدة تعتبر بالنسبة للبعض الآخر حقوقا أساسية، بدأ المسير في الحياة على درب حي شعبي مهمش وسط أسرة فقيرة فقرا مدقعا لم تستطع معه توفير وجبة غذاء متكاملة أو سترة أنيقة أو محفظة يحملها إلى مدرسة لم يعرف طريقها يوماً، مما جعله يحس بضياع وحاجة وحرمان لازماه إلى أن وصل لنقطة يأس دفعته إلى الشعور بحقد طبقي وسخط على محيطه البئيس وواقعه المرير فلم يجد “علي” غير تبني أفكار تطرفية إرهابية أرضيتها الخصبة هي اليأس والملل والسوداوية المكتسبة من واقعه القاسي، وفي اللحظة التي قرر فيها “علي الحاقد” الانضمام إلى صفوف الارهابين من خلال شد الرحال إلى سوريا والالتحاق بتنظيم داعش فوجد من يآزره في العنف والظلامية الشئ الذي لم يتلقى نظيره لأجل حياة طيبة وكريمة.

التحق “علي” بصفوف داعش وأمضى في رحابهم خمسة أعوام من الدم والكراهية والحقد والموت، وفي اللحظة التي كان فيها على أتم الاستعداد لتنفيذ عملية انتحارية أحب الحياة ولأول مرة بصدق وشغف كبيرين، مما جعله يتراجع عن فعلته الشنعاء في آخر لحظة، تمكن “علي” من مرجعة نفسه وأفكاره وتطلع لتغيير واقعه وتحسين ظروفه فعاد بكل رجاء وأمل إلى أرض وطنه بطاقة إيجابية كبيرة لعله يعيد بناء نفسه وترميم شخصيته طالبا من الحياة انصافه وإعادة الاعتبار إليه ومطالبا بعدالة اجتماعية وحق عيش كريم لكن هذه المرة بالتفاؤل والعمل بدل اليأس والضجر٠

هو ضحية لظروف اجتماعية قاسية نشأ في وسط فقير وبئيس عاش الحاجة والحرمان، مما جعله يحس بالظلم والضياع امتلأ حقدا وحاول تفريغه عن طريق الإرهاب والتطرف كره الحياة وتمنى نهايتها وفي آخر لحظة وهو على شفا حفرة من الموت أحبها وعاد إلى جادة صوابه وابتدأ من جديد برؤية تفائلية هو ضحية لظروف اجتماعية قاسية نشأ في وسط فقير وبئيس عاش الحاجة والحرمان، مما جعله يحس بالظلم والضياع امتلأ حقدا وحاول تفريغه عن طريق الإرهاب والتطرف كره الحياة وتمنى نهايتها وفي آخر لحظة وهو على شفا حفرة من الموت أحبها وعاد إلى جادة صوابه وابتدأ من جديد برؤية تفائلية و أمل أكبر٠

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الأخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق