حذرت الجمعية المغربية لحماية المال العام من المخاطر الجسيمة التي يحملها مشروع قانون المسطرة الجنائية، وخاصة المادة 3 التي تمنع الجمعيات والأفراد من تقديم شكايات بشأن جرائم المال العام. واعتبرت الجمعية أن هذه الخطوة تمثل تهديدًا خطيرًا للمكتسبات الدستورية والحقوقية في المغرب، وتعزز مناخ الفساد والإثراء غير المشروع.
في بيان أصدرته عقب اجتماع مكتبها الوطني اليوم السبت بمدينة المحمدية، أكدت الجمعية أن تمرير هذه المادة يمثل تراجعًا غير مسبوق عن مبادئ المساءلة، حيث تمنح حصانة لفئة معينة من المسؤولين المنتخبين، مما يؤدي إلى تعزيز ثقافة الإفلات من العقاب.
وفي السياق ذاته، أشارت الجمعية إلى عدة سلبيات تتعلق بالمادة 3، منها تقييد دور المجتمع المدني، حيث تمنع المادة الجمعيات والأفراد من الإبلاغ عن جرائم المال العام، مما يحد من قدرتهم على مراقبة الأنشطة الحكومية والمساهمة الفعالة في مكافحة الفساد. كما تسهم هذه المادة في حماية المسؤولين من المساءلة القانونية، مما يشجع على استمرار الفساد ويعزز الإثراء غير المشروع.
وجدير بالذكر أن هذه المادة تفرض قيودًا على النيابة العامة، حيث تتطلب إحالة الشكايات من مؤسسات معينة قبل اتخاذ أي إجراء، مما يضيق مساهمة المجتمع المدني في محاربة الفساذ، ويعرقل سرعة وكفاءة التحقيقات وتدبير الزمن.
وفي هذا الصدد تعتبر الجمعية هذه المادة انتهاكًا للمبادئ الأساسية التي تضمن دور المجتمع المدني في محاربة الفساد، مما يقوض الثقة في النظام القضائي.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تقليص إمكانية التبليغ عن الجرائم المالية يفتح المجال أمام ناهبي المال العام لمواصلة أنشطتهم دون خوف من المساءلة، مما يهدد الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.
وفي سياق متصل، دعت الجمعية إلى ضرورة تحريك المتابعات القضائية ضد جميع المتورطين في قضايا الفساد والإثراء غير المشروع، مؤكدة على أهمية تجريم هذه الأفعال ووضع منظومة قانونية متطورة تتماشى مع المعايير الدولية لمكافحة الفساد.
وجدير بالذكر أن هذه التحذيرات تأتي في ظل تفشي ظاهرة الفساد والرشوة في الحياة العامة، حيث عبرت الجمعية عن قلقها من غياب ما وصفته الإرادة السياسية الحقيقية لمواجهة هذه التحديات.
وفي هذا السياق، أعلنت عن تنظيم مسيرة شعبية في مراكش يوم 9 فبراير 2025 تحت شعار “حماية المبلغين وربط المسؤولية بالمحاسبة”.
تستمر الجمعية المغربية لحماية المال العام في دعواتها لتعزيز الشفافية والمساءلة في الحياة العامة، مؤكدةً على ضرورة التصدي للفساد كخطوة أساسية نحو تحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية في المغرب.