قررت شركة “إكسيليا” الفرنسية، التي تتعاون مع الجيش الإسرائيلي، فتح فرع لها في مدينة المحمدية بالمغرب منذ ما يقارب سنتين، في سياق رخصة صناعية، لا علاقة لها بالانتاج الحربي.
هذا القرار جاء بعد تعرض الشركة لانتقادات شديدة من قبل نشطاء حقوق الإنسان في فرنسا، الذين اتهموها بتوريد مكونات إلكترونية تستخدم في صناعة الأسلحة المتطورة، مثل الصواريخ والقنابل الموجهة، مما أثار العديد من التساؤلات حول تأثيرات هذا التحول على العلاقات الدولية والمراقبة الحكومية في المغرب.
التاريخ والنشاط التجاري لشركة “إكسيليا”
شركة “إكسيليا” هي واحدة من الشركات الرائدة في توفير المكونات الإلكترونية العسكرية، مثل المكثفات والموصلات الكهربائية والمحولات التي تستخدم في الأنظمة العسكرية، بما في ذلك الطائرات العسكرية والمنصات الفضائية.
منذ سنوات، كانت “إكسيليا” تعمل مع الشركة الأمريكية “هيكو كوبراشيون” التي تتعاون مع شركات إسرائيلية لتوريد أجزاء حيوية للجيش الإسرائيلي. وقد تم تسليط الضوء على هذه الأنشطة في عدة تقارير غربية، بما في ذلك تقارير من The Guardian و Reuters، التي تناولت تعاون الشركات الغربية مع إسرائيل في مجالات الدفاع والأمن.
لكن مع تصاعد الاحتجاجات القانونية والحقوقية في فرنسا، قررت “إكسيليا” إيقاف تصدير معداتها إلى إسرائيل. ومع ذلك، لم توقف الشركة أنشطتها، بل انتقلت إلى المغرب للاستفادة من بيئة اقتصادية أكثر مرونة من حيث الرقابة والمراقبة.
نقل الأنشطة إلى المغرب
تقارير متعددة، بما في ذلك تقارير من Financial Times و Haaretz، تشير إلى أن “إكسيليا” قامت بنقل عملياتها إلى مدينة الدار البيضاء في 2023، بسبب انخفاض تكاليف الإنتاج وتوفر اليد العاملة الرخيصة. كما أن غياب الرقابة المشددة من السلطات المغربية جعل من السهل على الشركات الأجنبية ممارسة أنشطتها دون قيود.
تتمثل الأنشطة التي تقوم بها الشركة في تصنيع مكونات إلكترونية تستخدم في الأسلحة العسكرية، من بينها المكثفات التي تستخدم في شحن وتفريغ الطاقة، ومحولات الطاقة للطائرات العسكرية، بالإضافة إلى منصات الأقمار الصناعية.
وهذه المكونات تستخدم بشكل رئيسي في الأسلحة المتطورة مثل الصواريخ والقنابل الموجهة، وهو ما يعزز التعاون العسكري بين المغرب وإسرائيل، ويثير تساؤلات حول تأثير هذه الأنشطة على السياسة الإقليمية.
الشركات الأخرى المتورطة في التعاون مع إسرائيل
لا تقتصر العلاقات بين الشركات المغربية وإسرائيل على “إكسيليا” فقط. هناك تقارير تشير إلى أن شركات أخرى، مثل “بلو بيرد”، المتخصصة في صناعة الطائرات الدرون العسكرية، تشارك أيضًا في تزويد الجيش الإسرائيلي بالمعدات العسكرية المتطورة. هذا التعاون يتسق مع الاتجاه العام الذي يشهد زيادة في التعاون العسكري بين المغرب وإسرائيل، خاصة بعد تطبيع العلاقات بين البلدين في إطار اتفاقات “أبراهام” (2020).
مخاوف حقوقية وأمنية
الوجود المتزايد لهذه الشركات في المغرب، والمتورطة في دعم الصناعات العسكرية الإسرائيلية، يثير العديد من المخاوف على الصعيدين الحقوقي والأمني.
النشطاء الحقوقيون في المغرب ومنظمات دولية، مثل منظمة “هيومن رايتس ووتش”، تدعو إلى فرض رقابة صارمة على هذا النوع من التعاون الصناعي، خاصة في ظل الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان في فلسطين.
التساؤلات حول دور السلطات المغربية
تساؤلات عديدة تثار حول دور السلطات المغربية في منح التراخيص لهذه الشركات. الصحف الغربية مثل The New York Times و BBC News تناولت هذه القضية، مشيرة إلى أن الحكومة المغربية قد تواجه تحديات في مراقبة أنشطة الشركات الأجنبية التي قد تتورط في دعم المشاريع العسكرية الإسرائيلية.
يظل السؤال الأهم: هل تتحمل الحكومة المغربية مسؤولية ضمان أن هذه الشركات لا تشارك في أنشطة تضر بمصالح المغرب أو تزيد من تعقيد التوترات الإقليمية؟
إن قرار شركة “إكسيليا” بفتح فرع لها في المحمدية يعكس تحولًا في أنماط التعاون الصناعي والعسكري بين الشركات المغربية والإسرائيلية. هذا التحول يطرح أسئلة عميقة حول طبيعة العلاقات بين المغرب وإسرائيل، خاصة في ظل المخاوف من دعم الصناعات العسكرية الإسرائيلية، وضرورة فرض رقابة أكبر على الشركات التي تعمل في هذا المجال. بينما تواصل الحكومة المغربية البحث عن توازن بين مصالحها الاقتصادية والسياسية، تظل الأنظار متوجهة إلى كيفية إدارة هذا التعاون الصناعي في المستقبل.