تقرير مجلس المنافسة عن المحروقات الذي مر في صمت: هامش مرتفع للربح لا يتناغم وأسعار السوق الدولية

آخر تحديث :
تقرير مجلس المنافسة عن المحروقات الذي مر في صمت: هامش مرتفع للربح لا يتناغم وأسعار السوق الدولية
خالد أخازي

كشف تقرير مجلس المنافسة الأخير عن واقع مُقلق لسوق المحروقات في المغرب، حيث تهيمن شركات قليلة على القطاع، في ظل غياب انعكاس فعلي لتراجع الأسعار الدولية على المستهلكين المحليين.

التقرير، الذي يُعد بمثابة جرس إنذار، يفتح الباب أمام تساؤلات اجتماعية حول العدالة في إدارة هذا القطاع الحيوي، ومدى مراعاة مصالح المواطنين في معادلة الربح والخسارة.

أرقام تُثقل كاهل المواطن

بحسب التقرير، استحوذت تسع شركات رئيسية على 85% من واردات المحروقات في المغرب، بقدرات تخزين هائلة تبلغ حوالي 1.27 مليون طن من إجمالي 1.5 مليون طن على المستوى الوطني. هذه الأرقام تعكس سيطرة شبه كاملة على السوق، مما يحرم المستهلكين من فرص المنافسة العادلة التي قد تسهم في خفض الأسعار.

هوامش الربح: الشركات أولًا

رغم انخفاض الأسعار العالمية للنفط، لم تصل مع الأسف هذه التخفيضات إلى المواطن. أشار التقرير إلى أن أسعار بيع الغازوال والبنزين المحلية تعتمد على تكاليف كليا المنتجات المكررة وليس النفط الخام، ما يؤدي إلى فجوة بين التغيرات الدولية والأسعار المحلية.

هذه الفجوة تُفسر استمرار الشركات في تحقيق هوامش ربح مريحة، بينما يُثقل المستهلكون بأعباء إضافية.

التأثير الاجتماعي: ضغوط متزايدة

هذا الوضع لا يُلقي بظلاله فقط على مالكي السيارات، بل يمتد ليشمل جميع فئات المجتمع. ارتفاع أسعار النقل العمومي، الناجم عن زيادات تكاليف المحروقات، أصبح عبئًا يوميًا على الأسر ذات الدخل المحدود. المواطن البسيط المغلوب على أمره، الذي يُعاني بالفعل من ارتفاع تكاليف المعيشة، يجد نفسه في مواجهة مباشرة مع السياسات التجارية و الاقتصادية التي يبدو أنها تُفضل مصلحة الشركات على حساب الأفراد.

غياب الشفافية: مصدر للاحتقان

غياب آليات واضحة وشفافة لمراقبة الأسعار هو أحد الأسباب  الرئيسة وراء هذا الاحتقان الاجتماعي. في ظل غياب الشفافية والرقابة، تُترك الشركات لتحديد أسعارها بحرية، مما يُعمق شعور المواطن بعدم الإنصاف.

التقرير يدعو إلى إصلاحات جذرية لسياسات تدبير قطاع المحروقات، من خلال:

  • فرض رقابة صارمة على هوامش الربح.
  • تعزيز الشفافية في تسعير المحروقات.
  • تشجيع المنافسة من خلال فتح السوق أمام مستثمرين جدد.
  • مراجعة الضرائب المفروضة على الوقود لتخفيف الضغط عن المستهلكين.

سوق المحروقات في المغرب ليس مجرد قطاع اقتصادي، بل هو جزء من حياة يومية تُؤثر في كافة جوانب المجتمع.

التقرير الأخير يُظهر أن المواطن هو الحلقة الأضعف، وأن الإصلاح ليس خيارًا، بل ضرورة. إذا استمرت هذه السياسات دون تغيير، فقد يؤدي ذلك إلى اتساع الفجوة بين المواطن والحكومة، ما يُهدد بتفاقم الاحتقان والتوتر الاجتماعيين

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الأخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق