يخلد مسرح البدوي، يوم الثلاثاء 28 يناير، الذكرى الثالثة لرحيل مؤسسه وعميد المسرح المغربي، الأستاذ عبد القادر البدوي، في احتفاء يعكس قيمته كأحد أبرز رواد المسرح المغربي وأحد أعمدته الذين تركوا بصمة لا تُمحى في الحركة الثقافية والفنية بالمغرب.
ويأتي هذا الحدث اعترافاً بما قدمه هذا الرمز المسرحي من إبداع والتزام وطني عبر مسيرته الحافلة.
اختار مسرح البدوي إحياء هذه الذكرى في مقره الرمزي التاريخي بشارع الناظور، قرب حديقة لارميطاج بمدينة الدار البيضاء، وهو المكان الذي شهد أوج نشاطه وتألقه وطنياً وعربياً.
وجدير بالذكر أن الاحتفال يتضمن معرضاً توثيقياً يحمل عنوان “مسرح البدوي: ذاكرة مسرح، ذاكرة وطن”، يبرز أهم المحطات الفنية والنضالية في تاريخ هذا المسرح العريق الذي لم يكن فقط فضاءً لتقديم العروض، بل مدرسة أثرت أجيالاً من الفنانين والمثقفين، ومرجعاً علمياً للباحثين الأكاديميين في قضايا الثقافة والفن والنضال الوطني.
ويذكر أن هذه الفعاليات تتزامن والذكرى الثالثة لرحيل عبد القادر البدوي والذكرى الـ73 لتأسيس فرقة مسرح البدوي، التي كانت منذ إنشائها عام 1952 على يد عبد القادر وشقيقه أحمد الطيب البدوي من أولى الفرق المسرحية الاحترافية في المغرب.
وقد ارتبطت الفرقة في بداياتها بالحركة الوطنية، حيث جعلت المسرح وسيلة للتعبير عن قضايا الشعب والمساهمة في الكفاح ضد الاستعمار الفرنسي، مقدمة أعمالاً مسرحية ذات طابع اجتماعي وسياسي وإنساني مثل “الهارب”، “الضحية”، و”عندما يزهر اللوز”. وتميزت هذه الأعمال بالجمع بين الأصالة المغربية والتأثيرات المسرحية العالمية.
لم يكن مسرح البدوي مجرد فرقة مسرحية، بل مركزاً ثقافياً ساهم في نشر الوعي المجتمعي، وتكوين أجيال من الفنانين، وإحياء التراث المسرحي المغربي.
وظل المسرح رمزاً للإبداع الملتزم، حيث كان عبد القادر البدوي يؤمن بالمسرح كأداة تربية وتعليم، وجعل من توثيق أعماله ومساهماته جزءاً لا يتجزأ من دعمه للبحث الأكاديمي.
رغم رحيله عام 2020، يبقى عبد القادر البدوي رمزاً للفن المسرحي الملتزم، حيث حظي بتقدير وطني وعربي واسع.
وجدير بالذكر أنه نال جوائز عديدة تكريماً لدوره الرائد. ويظل مسرح البدوي، الذي بات يشكل جزءاً من الذاكرة الثقافية الوطنية والتراث اللامادي المغربي، شاهداً على مسيرة فنية غنية تستحق التوثيق والصيانة حفاظاً على الهوية الثقافية المغربية.
فعاليات هذه الذكرى ستتضمن وصلة من الأمداح النبوية، شهادات في حق الراحل، وندوة فكرية بعنوان “مسرح البدوي: تراث ثقافي وطني”، بمشاركة نخبة من الأساتذة والمهتمين بالمسرح والثقافة.
تنطلق الأنشطة ابتداءً من الساعة السادسة مساءً، لتعيد تسليط الضوء على قيمة مسرح البدوي ودوره المحوري في تشكيل وجدان الجماهير وتعزيز الوعي الثقافي.