تواصل وزارة التربية الوطنية، تحت إشراف الكاتب العام، انتهاج أساليب ترقيعية مثيرة للجدل في ملف الترقيات، بإبداع صيغ ترقية تخالف القانون وتساهم في تأجيج الاحتقان داخل القطاع، بدلًا من معالجة الإشكالات بشكل جذري.
وفق القوانين المنظمة، الترقية تتم بناءً على معايير واضحة ومحددة، تشمل فئة إدارية متجانسة دون تمييز أو استثناء، لضمان المساواة والإنصاف بين الأطر.
غير أن الوزارة، وبتوجيه من الكاتب العام، تعيد إنتاج ممارسات قديمة تنحو نحو إرضاء أطراف معينة على حساب أطراف أخرى، ما يعكس قصر النظر الإداري في التعامل مع القضايا التربوية الحساسة.
ازدواجية المسارات: الإسناديون والمسلكيون
أبرز مظاهر هذا الخلل تتمثل في ملف ترقيات المتصرفين التربويين، الذين تم تقسيمهم بشكل غير قانوني إلى مسارين غير متجانسين:
المسار الأول: يشمل المتصرفين الذين تم انتقاؤهم بعد اجتياز مقابلات شفوية شاقة، تضمنت الترافع عن مشاريع تربوية، وأُطلق عليهم تعسفًا اسم “الإسناديين”. هؤلاء خضعوا بدورهم لتكوين نظري وميداني مكثف، واجتازوا امتحان الإقرار، فضلًا عن مناقشة مذكرة بحث.
المسار الثاني: يضم المتصرفين الذين اجتازوا مباراة كتابية للدخول إلى مسلك التكوين، وأُطلق عليهم اسم “المسلكيين”.
رغم أن الفئتين تؤديان المهام نفسها وتخضعان للإطار القانوني ذاته، إلا أن الوزارة تصر على التمييز بينهما في الترقيات، ما يكرس التفرقة داخل فئة يُفترض أن تكون منسجمة إداريًا ووظيفيًا.
المطالبة بحلول استثنائية
لتجاوز هذا العبث الإداري، يطالب المتضررون بترقية عادلة استثنائية للإسناديين، باعتبارهم ضحية قرارات وإجراءات غير مدروسة، وطي صفحة التمييز غير المبرر وفتح المجال لترقية الجيل الجديد من المتصرفين دون تأخر ولا هدر زمني، كما يلح الفاعلون التربويون على ضرورة توحيد مسارات الترقية داخل فئة المتصرفين التربويين، بغض النظر عن المسميات والتوصيفات التي لا سند قانوني لها.
أزمة الحوار القطاعي
ما يزيد الوضع تأزمًا هو تعامل الكاتب العام مع المركزيات النقابية، حيث يُتهم باستغلال كيانات ليست لها قوة التمثيلية المطلوبة، لتفتيت الصف النقابي وإطالة أمد الأزمة.
هذا الوضع دفع نقابة الاتحاد المغربي للشغل إلى الانسحاب من جلسات الحوار، احتجاجًا على ما وصفته بـ”التفاوض غير الشرعي وغير القانوني”.
دعوة لتغيير النهج
في ظل هذا الوضع المتأزم، بات من الضروري والعاجل تغيير مقاربة الحوار القطاعي في قطاع التعليم بشجاعة المدبر وحسن النوايا، والانتقال من سياسات ربح الوقت التي تخضع لحسابات سياسية ضيقة، إلى مقاربة تركز على الحلول الجذرية التي تضع مصلحة الوطن والقطاع التعليمي في المقدمة. فقط عبر إصلاح شامل مبني على الإنصاف والشفافية يمكن إنهاء الهدر الزمني وإعادة الثقة للفاعلين التربويين.