إضراب وطني عام في المغرب: صرخة الطبقة العاملة ضد تعطيل الحوار الاجتماعي وغلاء الأسعار

آخر تحديث :
إضراب وطني عام في المغرب: صرخة الطبقة العاملة ضد تعطيل الحوار الاجتماعي وغلاء الأسعار
تمغربيت24

في ظل تفاقم الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية بالمغرب، دعت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل إلى خوض إضراب وطني عام إنذاري لمدة 24 ساعة يوم الأربعاء 5 فبراير 2025. هذه الخطوة التصعيدية جاءت كرد فعل على ما وصفته النقابة بتعنت الحكومة وتجاهلها لمطالب الشغيلة وعموم الجماهير الشعبية. فماذا وراء هذا الإضراب؟ وما هي دوافعه الحقيقية؟

1. تعطيل الحوار الاجتماعي وعدم الوفاء بالالتزامات

أحد أبرز أسباب هذا الإضراب هو ما تعتبره الكونفدرالية تماطلًا حكوميًا في تفعيل الحوار الاجتماعي والتراجع عن تنفيذ الالتزامات التي تم الاتفاق عليها في محاضر رسمية. فبالرغم من توقيع اتفاق 30 أبريل 2022 ومحضر 30 أبريل 2024، إلا أن الحكومة لم تلتزم بمضامينهما، مما أدى إلى تعميق أزمة الثقة بين الطرفين. فالنقابة ترى أن الحوار الاجتماعي لا يجب أن يكون مجرد أداة لامتصاص الغضب، بل آلية فعلية لتحسين أوضاع العمال وتحقيق العدالة الاجتماعية.

2. غلاء الأسعار وتراجع القدرة الشرائية

يشكل الارتفاع المهول للأسعار، خاصة في المواد الأساسية، دافعًا رئيسيًا لهذا الإضراب. فمع استمرار موجة الغلاء، أصبحت القدرة الشرائية للمواطنين مهددة بشكل غير مسبوق، مما زاد من معاناة الطبقة العاملة والفئات الهشة. وفي غياب إجراءات حكومية فعالة للحد من هذه الأزمة، ترى النقابة أن الاحتجاج والإضراب هما السبيلان الوحيدان للضغط على الحكومة من أجل التدخل العاجل لحماية المواطنين من تداعيات هذا الوضع الاقتصادي الصعب.

3. استهداف الحق في الإضراب وتضييق الحريات النقابية

من بين القضايا التي دفعت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل إلى اتخاذ هذا القرار، ما تعتبره محاولات حكومية ممنهجة لتقييد الحق في الإضراب عبر الدفع بمشروع قانون تنظيمي وصفته بالمجحف. وترى النقابة أن هذا المشروع، الذي تسعى الحكومة لتمريره، يتناقض مع مبادئ الدستور المغربي والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، حيث يفرض قيودًا صارمة على ممارسة هذا الحق المشروع.

إضافة إلى ذلك، تندد النقابة بما تصفه بـ”الهجوم الممنهج” على الحريات النقابية، والتضييق على العمل النقابي داخل المؤسسات، وهو ما تعتبره استهدافًا مباشرًا للدور الذي تلعبه النقابات في الدفاع عن حقوق العمال وضمان التوازن داخل سوق الشغل.

4. المساس بمكتسبات الشغيلة وتراجع الخدمات الاجتماعية

تعبر الكونفدرالية عن رفضها التام لأي مساس بمكتسبات الطبقة العاملة، سواء فيما يتعلق بأنظمة التقاعد أو الحماية الاجتماعية. وتنتقد النقابة بشدة السياسة الحكومية في هذا المجال، معتبرة أن هناك توجهًا واضحًا لتقليص حقوق العمال وتخفيض مستوى الخدمات الاجتماعية، خاصة في الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (CNOPS) والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS).

5. الاحتجاج ضد السياسات الاقتصادية والاجتماعية الفاشلة

إلى جانب المطالب المباشرة للطبقة العاملة، يمثل هذا الإضراب الوطني أيضًا احتجاجًا عامًا ضد السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تنتهجها الحكومة، والتي يعتبرها كثيرون غير منصفة للفئات الشعبية والعمالية. فبدلًا من اتخاذ إجراءات حقيقية لحماية الفئات الهشة وتحقيق العدالة الاجتماعية، يرى النقابيون أن الحكومة تنحاز إلى السياسات الليبرالية المتوحشة التي تخدم المصالح الكبرى على حساب الطبقات الكادحة.

هل تستجيب الحكومة لمطالب الشغيلة؟

في ظل هذه الأوضاع المتوترة، يبقى السؤال المطروح: هل ستتجاوب الحكومة مع مطالب النقابات وتفتح قنوات حقيقية للحوار؟ أم أن المواجهة ستتجه نحو مزيد من التصعيد؟
الإضراب الوطني ليوم 5 فبراير 2025 سيكون بمثابة اختبار لقدرة الشغيلة المغربية على فرض مطالبها، كما أنه سيكشف مدى استعداد الحكومة للتفاعل مع الغضب الاجتماعي المتزايد. وفي ظل غياب حلول ملموسة، يبقى الباب مفتوحًا أمام تصعيدات أخرى قد تعمّق الأزمة أكثر فأكثر.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الأخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق