الأغلبية في غرفة الإنعاش: أخنوش في مرمى مدفعية حلفائه

آخر تحديث :
الأغلبية في غرفة الإنعاش: أخنوش في مرمى مدفعية حلفائه
خالد أخازي

يعيش التحالف الحكومي في المغرب على وقع تصدعات متزايدة تنذر بإمكانية تفككه، بعدما خرج حزب الأصالة والمعاصرة، أحد أضلاع الأغلبية، إلى العلن بانتقادات غير مسبوقة لأداء الحكومة ومؤسساتها التشريعية.

هذه الانتقادات، التي جاءت على لسان رئيس فريق الحزب بمجلس النواب، أحمد التويزي، لم تكن مجرد ملاحظات عابرة، بل حملت رسائل سياسية واضحة تكشف عن أزمة ثقة داخلية قد تعيد تشكيل المشهد الحكومي في الأشهر المقبلة.

ففي جلسة الأسئلة الشفهية الأخيرة، لم يتردد أحمد التويزي في توجيه انتقادات لاذعة للحكومة ومكتب مجلس النواب، متهمًا إياهما بإفراغ العمل البرلماني من مضمونه.

وفي هذا السياق ندد التويزي بما اعتبره “تحكمًا غير مبرر” في إدراج الإحاطات والأسئلة داخل المجلس، معتبرًا أن النواب من حقهم مساءلة الحكومة دون عراقيل إجرائية تحول دون ذلك.

لكن هذه ليست النقطة الوحيدة التي فجرت الخلاف. فقد هاجم التويزي ما وصفه بـ”الغياب الممنهج” للوزراء عن جلسات البرلمان، معتبرًا أن ذلك يعكس استخفافًا واضحًا بمبدأ التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، ويفرغ النقاش البرلماني من جديته، ليصبح مجرد “حوار مع الفراغ”.

انتقادات لم تقتصر على الحكومة فقط، بل امتدت إلى الجانب الإعلامي، حيث اتهم التويزي المشرفين على الإخراج التلفزيوني الرسمي لجلسات البرلمان بممارسة “إقصاء ممنهج” لفريق الأصالة والمعاصرة، والتركيز على فريقين برلمانيين فقط، في مشهد يعيد إلى الأذهان الجدل الدائم حول استقلالية الإعلام العمومي.

وفي السياق ذاته طالب بوضع “ميثاق أخلاقي” يضمن عدالة التغطية الإعلامية تحت قبة البرلمان، في خطوة تعكس قناعة الحزب بأن المعركة لم تعد فقط تشريعية، بل إعلامية أيضًا.

هذه التطورات تضع حزب التجمع الوطني للأحرار، قائد الائتلاف الحكومي، أمام تحدٍّ جديد يتمثل في احتواء غضب حلفائه، وتفادي مزيد من التصعيد قد يؤدي إلى تفكك التحالف.

وجدير بالذكر أن رئيس الحكومة عزيز أخنوش يتفادى الرد المباشر على انتقادات “البام”، لكن مصادر من داخل الأغلبية أفادت أن الحزب بات مستاءً من ازدواجية مواقف حليفه، الذي يبدو وكأنه يلعب دور “المعارضة من داخل الحكومة”، وهو تكتيك سياسي قد يعكس استعداد الحزب لإعادة التموضع قبل الانتخابات المقبلة.

في هذا الصدد  يفضل”حزب الاستقلال”، الشريك الثالث في الأغلبية، نهجا برغماتيا، بعدم الدخول في هذا الصراع بشكل مباشر، لكنه يراقب الوضع عن كثب، وقد لا يتردد في اتخاذ موقف إذا ما شعر أن التحالف الحكومي بدأ يفقد توازنه، رغم تعبيره عن طموح رئاسة حكومة 2026.

ما يحدث داخل التحالف الحاكم ليس مجرد خلاف سياسي تقليدي، بل يعكس أزمة هيكلية في طريقة تدبير الأغلبية، حيث أصبح كل حزب يحاول الدفاع عن مصالحه استعدادًا للمرحلة المقبلة. ومع تصاعد حدة الانتقادات، تتزايد السيناريوهات المطروحة لمستقبل التحالف.

وأسوؤها تفكك الأغلبية، ففي حال استمر “البام” في نهجه التصعيدي، قد يجد “الأحرار” نفسه أمام خيار البحث عن تحالفات بديلة، أو مواجهة سيناريو حكومة أقلية هشة.

المشهد السياسي في المغرب يدخل مرحلة دقيقة، حيث لم تعد الخلافات داخل الأغلبية مجرد تباينات في الرؤى، بل تحولت إلى صدامات علنية تكشف عن أزمة ثقة متفاقمة أو طموحات غير متقاطعة. ومع اقتراب موعد الانتخابات، يبدو أن كل طرف يسعى إلى تأمين موقعه السياسي، ولو على حساب استقرار التحالف الحكومي.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الأخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق