في فضيحة مدوية تعكس عمق الفساد الذي يضرب بعض القطاعات في المغرب، تعرض عدد من المتضررين من زلزال الحوز لعملية نصب واحتيال من قبل مقاول، مما أثار موجة غضب عارمة في أوساط الرأي العام.
الحادثة وقعت في جماعة أمغراس دائرة أمزميز، بإقليم الحوز، حيث استغل المقاول الظروف الصعبة التي يعيشها الضحايا بعد الزلزال الذي ضرب المنطقة في 8 شتنبر 2023.
المقاول، الذي كان قد حصل على ثقة الضحايا بفضل تزكية من السلطات المحلية، استلم مبالغ مالية كبيرة تحت ذريعة إعادة بناء المنازل المتضررة.
لم يقم المقاول بإتمام الأشغال المتفق عليها، مما زاد من معاناة السكان الذين يعيشون في ظروف قاسية. وقد تم الكشف عن هذه التجاوزات بعد أن قرر عدد من الضحايا التقدم بشكاوى فردية للنيابة العامة، مما أدى إلى فتح تحقيقات حول القضية.
ما زاد من تعقيد الأمور هو اكتشاف تورط النائب الثالث لرئيس جماعة أمغراس وموظف آخر في هذه القضية.
هذا التواطؤ المحتمل يثير تساؤلات حول مستوى الشفافية والنزاهة داخل المؤسسات المحلية، ويؤكد على ضرورة محاسبة جميع المتورطين بغض النظر عن مناصبهم.
في خضم هذه المأساة، برزت جهود الدرك الملكي بدائرة أمزميز كأمل لتحقيق العدالة وكشف ملابسات هذه القضية.
فقد تمكنت عناصر الدرك من اعتقال المقاول بعد تلقي شكاوى الضحايا، ثم بعد تحقيق موسع ثم اعتقال النائب الثالث والموظف، مع الكشف عن كل ملابسات القضية، مما يعكس التزام درك دائرة أمزميز بحماية حقوق المواطنين وخصوصا ضحايا زلزال الحوز. التحقيقات التي أجرتها درك أمزميز بحرفية أسفرت عن اكتشاف المزيد من التفاصيل حول تورط المسؤولين المحليين.
أثارت هذه الحادثة استياءً واسعًا بين المواطنين الذين دعوا إلى ضرورة محاسبة المسؤولين المتورطين وتطبيق القانون بشكل صارم.
كما طالب العديد من النشطاء بضرورة اتخاذ تدابير فعالة لحماية حقوق المتضررين وضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات في المستقبل.
إن ما حدث في إقليم الحوز يبرز الحاجة الملحة لإصلاحات جذرية في قطاع البناء والأشغال العمومية بالمغرب. يجب على الحكومة أن تتخذ خطوات فعالة لضمان الشفافية والنزاهة في جميع العمليات المتعلقة بإعادة الإعمار، وأن تعمل على وضع آليات لمراقبة المقاولين والتأكد من احترامهم للعقود المبرمة مع المتضررين.
إن هذه القضية ليست مجرد حادثة عابرة، بل هي تذكير صارخ بأن الفساد لا يزال يشكل عائقًا أمام التنمية والعدالة الاجتماعية.
يجب على السلطات المعنية أن تتحمل مسؤولياتها وأن تعمل بجد لضمان حقوق المواطنين وحمايتهم من أي استغلال أو احتيال. إن العمل الجبار للدرك الملكي هو خطوة نحو تحقيق العدالة، ويجب أن يكون دافعًا للجميع للعمل معًا من أجل بناء مجتمع أكثر عدلاً ونزاهة.