عبد النباوي يعرض رؤية متكاملة مبتكرة لتخليق المحتوى الرقمي بانخراط الفاعل الديني

في تطور لافت يعكس قلقًا متزايدًا إزاء تأثير الفضاء الرقمي، دعا رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية قادة الفكر والدين إلى الانخراط الفاعل في توجيه دفة صناع المحتوى الرقمي نحو مسارات أكثر إيجابية.

هذا النداء جاء خلال لقاء تواصلي انعقد في رحاب المجلس العلمي الأعلى بالرباط الأحد الماضي، حيث سلط الضوء على الحاجة الماسة لمواجهة المد المتصاعد للمحتويات السلبية التي تغزو منصات التواصل الاجتماعي.

يأتي هذا التحرك في ظل مشهد رقمي يزداد تعقيدًا، حيث تتنافس القيم الإيجابية مع محتويات تنشر “المنكرات والفواحش، والمس بالمقدسات، والزور والبهتان”، حسب تعبير المسؤول القضائي.

هذا الواقع يطرح تحديات جمة أمام المجتمعات، إذ تتجاوز قدرة القوانين وحدها على احتواء هذه الظاهرة المتنامية. فالأدوات القانونية، على أهميتها، تصطدم بحقيقة أن التحكم في البرمجيات والتطبيقات العابرة للحدود يظل أمرًا بعيد المنال.

تتجاوز مبادرة رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية مجرد الدعوة إلى الرقابة أو التقييد. إنها ترتكز على إيمان عميق بقدرة التأثير الإيجابي للقادة الروحيين والمفكرين على توجيه صناع المحتوى.

الفكرة هنا هي تحفيز هؤلاء المؤثرين الرقميين على تبني قيم أخلاقية رفيعة، والابتعاد عن المحتويات التي تسيء إلى الأعراض وتهدد الأمن المجتمعي.

المبادرة لا تنفصل عن سياق أوسع يتعلق بضرورة تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية التمييز بين المحتويات الهادفة والمحتويات الهدامة. إنها دعوة إلى الجمهور ليكون أكثر انتقائية في اختياراته الرقمية، وتجنب المواقع التي تروج للتفاهة أو تنشر الكراهية.

في تأكيده على أن التشريعات القانونية وحدها لا تكفي، يشدد على الدور المحوري لخطاب العلماء وأهل العلم في الدعوة إلى الأخلاق الحسنة والتبليغ الصحيح.

هذا التوجه يعكس فهمًا عميقًا لطبيعة التحديات التي تواجه المجتمعات في العصر الرقمي، حيث تتطلب المواجهة مقاربة شاملة تجمع بين الأدوات القانونية والجهود التوعوية والتأثير الإيجابي للقادة الروحيين والمفكرين.

اللقاء الذي احتضن هذه الدعوة الهامة شهد حضورًا لافتًا لشخصيات مرموقة، من بينهم وزراء ومسؤولون حكوميون، مما يعكس الاهتمام المتزايد الذي توليه الدولة لتداعيات الفضاء الرقمي على مختلف جوانب الحياة المجتمعية. هذا الحضور يؤشر أيضًا على استعداد مختلف الفاعلين للانخراط في حوار جاد ومسؤول حول كيفية التعامل مع هذه التحديات، وتعزيز الاستفادة من الفرص التي يتيحها العالم الرقمي.

إن مبادرة رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية تمثل منعطفًا هامًا في طريقة تعاملنا مع التحديات الرقمية. إنها لا تكتفي بتسليط الضوء على المشاكل، بل تقدم رؤية مبتكرة للحل، تعتمد على تضافر جهود القادة الروحيين والمفكرين وصناع المحتوى والجمهور، من أجل بناء فضاء رقمي أكثر إيجابية ومسؤولية.

هذه الرؤية تستحق الدعم والتشجيع، لأنها تمثل خطوة ضرورية نحو حماية مجتمعاتنا من الآثار السلبية للفضاء الرقمي، وتعزيز قدرتها على الاستفادة من الفرص الهائلة التي يتيحها هذا العالم المتصل.