بعد عقود من العيش في ظروف سكنية لا إنسانية، طوت الدار البيضاء صفحة “دوار ضاي ضاي” بالبرنوصي، آخر معاقل الصفيح في المنطقة الصناعية.
عملية الهدم، التي تمت تحت إشراف السلطات المحلية والأمنية، أذنت بنهاية 60 عامًا من السكن العشوائي، وبدء فصل جديد يأمل قاطنو “ضاي ضاي” أن يحمل معه بوادر حياة أفضل.
قرابة 200 أسرة، كانت تقطن هذا الدوار، تستعد الآن للانتقال إلى شقق سكنية جديدة بمنطقة الشلالات، ضواحي المحمدية.
وفي هذا الصدد يرى البعض في هذه الخطوة بارقة أمل، لا تخلو العملية من تحديات ومخاوف، خاصة في ظل الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة التي تعيشها هذه الأسر.
وفي هذا الصدد أكدت السلطات المحلية وشهود عيان أن عملية الترحيل تمت “بسلاسة”، كما أكد اللجنة الخاصة المشرفة على العملية ان الأسر المرحلة استفادت من عملية إعادة الإسكان وفق شروط تحفظ الكرامة.
يبقى السؤال المطروح: هل الاستفادة تقتصر فقط على الحصول على شقة، أم تتجاوز ذلك لتشمل ضمان حياة كريمة ومستدامة؟
تحديات عديدة تواجه هذه الأسر، فالانتقال إلى سكن جديد يفرض عليهم تكاليف إضافية، مثل أداء مبلغ 10 ملايين سنتيم، وتجهيز ملف القرض البنكي، وواجبات الموثق. هذه التكاليف قد تكون باهظة بالنسبة لأسر تعيش بالكاد.
هنا، يبرز دور المجتمع المدني والجهات المعنية، لتقديم الدعم الاجتماعي اللازم، وتسهيل إجراءات إعادة الإسكان، وتوفير فرص عمل تساعد هذه الأسر على الاندماج في محيطها الجديد.
طي صفحة “ضاي ضاي” لا يعني نهاية المشكلة. فالقضاء على السكن العشوائي يتطلب مقاربة شاملة تتجاوز الهدم والترحيل، لتشمل توفير فرص عمل، وتحسين الخدمات الأساسية، وتعزيز الاندماج الاجتماعي.
هل ستنجح الدار البيضاء في تحويل هذه الأسر من قاطني الصفيح إلى مواطنين فاعلين في المجتمع؟ وهل ستكون الشقق الجديدة بداية لحياة أفضل، أم مجرد نقل للتهميش إلى مكان آخر؟ وحدها الأيام كفيلة بالإجابة.



