لمواجهة التحديات الصعبة التي يشهدها سوق الشغل المغربي، تبرز مبادرة “خطة العشرة” التي أطلقتها رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين، كمحاولة مبتكرة لإنعاش هذا القطاع الحيوي، وفتح آفاق جديدة أمام الشباب. فهل تحمل هذه الخطة بشائر مستقبل أفضل لسوق الشغل؟
تأتي “خطة العشرة” في سياق جهود وطنية متواصلة لتحسين فرص التشغيل، وتمثل إضافة نوعية من قبل المجتمع المدني، حيث تسعى إلى تقديم حلول مبتكرة وواقعية لمعالجة مشكلة البطالة، التي تؤثر على الشباب وتعيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
السياق والتحديات
على الرغم من المبادرات الحكومية في مجال سوق الشغل في السنوات الأخيرة، مثل زيادة فرص العمل المدفوعة، إلا أن معدل البطالة الذي بلغ 13.3% في عام 2024، يظل تحديًا قائمًا، يستدعي تضافر الجهود لإيجاد حلول فعالة.
وفي هذا السياق تشير الإحصائيات إلى أن البطالة تتركز بشكل خاص بين الشباب، وحاملي الشهادات العليا، والنساء، وسكان المدن، مما يعكس الحاجة إلى برامج ومبادرات تستهدف هذه الفئات بشكل خاص.
وجدير بالذكر أن الفجوة بين مهارات الخريجين ومتطلبات سوق العمل مقلقة، مما يتطلب العمل على تطوير التعليم والتدريب المهني، بما يواكب التغيرات المتسارعة في الاقتصاد.
خطة العشرة: مبادرة في توقيت مجتمعي صعب
تقدم “خطة العشرة” رؤية شاملة لمعالجة مجمل القضايا المرتبطة التشغيل، وتقوم على عشرة محاور أساس تهدف حسب الفريق الاقتصادي المدني الاستقلالي إلى تحقيق نقلة نوعية في سوق الشغل، وتحويل التحديات إلى فرص واعدة:
1. تحليل معمق لسوق الشغل: إجراء دراسات دقيقة لتحديد احتياجات الشركات، وفهم أسباب عدم تطابق المهارات مع متطلبات العمل.
2. تطوير المهارات المطلوبة: وضع خطة وطنية لتحديد المهارات المستقبلية، وإطلاق برامج تدريبية سريعة في القطاعات الواعدة، مثل الطاقة المتجددة والتكنولوجيا الرقمية.
3. دعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة: تسهيل الإجراءات الإدارية، وتوفير الدعم المالي والتقني، وتشجيع إنشاء حاضنات الأعمال في مختلف المناطق.
4. تعزيز المنتج الوطني: دعم الشركات المحلية، وتفضيلها في العقود الحكومية، وتوعية المستهلكين بأهمية شراء المنتجات المغربية، لخلق فرص عمل محلية.
5. دمج القطاع غير المهيكل: تسهيل انضمام الشركات غير الرسمية إلى الاقتصاد المنظم، وتقديم الدعم والتسهيلات اللازمة.
6. تيسير الحصول على التمويل: إطلاق آليات تمويل مبتكرة للشركات التي توظف الشباب، وتشجيع التمويل الجماعي.
7. تشجيع أنماط العمل المرنة: تنظيم العمل عن بعد والعمل بدوام جزئي، وتوفير الحماية الاجتماعية للعاملين في هذه الأنماط.
8. تنمية المناطق القروية: دعم التدريب المهني للشباب القروي، والاستثمار في السياحة البيئية والزراعة المستدامة، وتحسين البنية التحتية.
9. تحقيق التوازن الجهوي: تفعيل دور الجهات في إنشاء صناديق استثمارية، وتخصيص الأراضي للمقاولات، وتطوير برامج تدريبية متخصصة.
10. دعم القطاعات الاستراتيجية: تطوير اقتصاد الرعاية، والاقتصاد الأزرق، والطاقات المتجددة، والتحول الرقمي.
“خطة العشرة”: نحو مستقبل أفضل لسوق الشغل
مع إطلاق “خطة العشرة”، يحدونا الأمل في أن تسهم هذه المبادرة في تحقيق تحسينات ملموسة في سوق الشغل المغربي. ويتطلب تحقيق ذلك، تضافر جهود الحكومة، والمجتمع المدني، والقطاع الخاص، من أجل تنفيذ هذه الخطة الطموحة على أرض الواقع.
ويبقى السؤال: هل ستنجح “خطة العشرة” في تحقيق أهدافها الطموحة، وتحويل التحديات إلى فرص واعدة؟ الأيام القادمة ستكشف لنا الإجابة.