محمد المهدي بنسعيد: الله يهديك… حاول تعرف من نحن؟

آخر تحديث :
محمد المهدي بنسعيد: الله يهديك… حاول تعرف من نحن؟
خالد أخازي

هل نحكي لك حكاياتنا الحقيقية… يا بني؟

هناك خلل ما… لا تغضب…!

ففيك خير كثير… يحتاج إلى شجاعة المدبر…

وفيك عرق مناضل أصيل… يحتاج لفريق عمل نصوح … مخطط… بلا أقنعة… ولا لغة المؤشرات المزيفة…

فقط خذ جلسة حكي مع الشاب الحقيقي… خارج مقر البام بالدار البيضاء، على بعد خطوات من عين الذئاب…

لقد عدتَ إلى الترويج الإعلامي بمشاريع لا تلامس الواقع. أيها الشاب الحالم، استشرْ من حولك، فأنت تخطط لمغرب ثقافي تجهله، ولشباب يرتشف القهوة في الغرب. هل تعرف شباب مدن الصفيح والقرى والدواوير؟ ماذا يفعل بهم “البوفا”؟ هل سيصنع الأمل تحطيم رقم قياسي في الحكي؟

حكاياتنا مرة وقاسية، حكايات شباب يموت غرقًا، حكايات فراغ وعطالة وغلاء وضياع، حكايات موت وعوز ورحيل مبكر. دعنا نحكِ لك حكاياتنا الموجعة، بلون الوطن ومرارة الخوف والهشاشة.

أبهجت مراكش بـ 80 ساعة و35 دقيقة من الحكي، وحطمت رقمًا قياسيًا في “البهجة” و”الفن الأصيل”، ولكن الأجمل أن تحكي القلوب المتفائلة لا الحناجر المسافرة في خيال غير خيال الوطن.

وزير الثقافة والشباب والتواصل، محمد مهدي بنسعيد، في غيبوبة عن واقع مرٍّ يُدمي قلوب الشباب المغربي. بينما يزهو الوزير بهذا “الإنجاز التاريخي”، يتجاهل أرقامًا كارثية تنذر بكارثة اجتماعية واقتصادية وشيكة: أكثر من 300 ألف شاب مغربي يغادرون البلاد سنويًا بحثًا عن فرص عمل؛ معدل البطالة في صفوف الشباب (15-24 سنة) تجاوز 32%، أي ضعف المعدل الوطني؛ وأكثر من 40% من الشباب خريجي الجامعات عاطلون عن العمل.

يبدو أن هذه الأرقام لا تثير قلق الوزير بنسعيد، الذي يخطط لشباب باريس لا شباب الهراويين. فهو يفضل التركيز على “البهجة” و”الفن” و”التراث”، ويرصد ميزانيات ضخمة للمهرجانات الفنية والاحتفالات الصاخبة، بينما تعاني دور الشباب والمراكز الثقافية من نقص حاد في التمويل والتجهيزات. كم كلّفت “البهجة” التي دخلت بها مراكش موسوعة غينيس؟ كم مليارًا صُرفت على استضافة 100 حكواتي من 30 دولة، بينما تتضور جوعًا المشاريع الثقافية والإبداعية التي يقودها شباب مغاربة؟

أنت تتباهى برقم قياسي في الحكي، بينما يسجل الفساد والرشوة أرقامًا قياسية في المغرب! تقرير منظمة الشفافية الدولية الأخير كشف عن تراجع مدوٍ للمغرب في مؤشر مدركات الفساد، بسبب غياب الشفافية والمساءلة، وتفشي المحسوبية والزبونية في توزيع المناصب والموارد. هل كان الأجدر صرف هذه الملايين على مهرجان الحكي، أم على دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تخلق فرص عمل للشباب؟ هل كان الأجدر استضافة حكواتيين أجانب، أم دعم المواهب المغربية الشابة التي تعاني من التهميش والإقصاء؟

الخلاصة المرة: الوزير محمد مهدي بنسعيد، الذي يحتفل برقم قياسي في الحكي، بينما يتجاهل الأرقام القياسية للبطالة والفساد، هو وزير خارج السياق، وزير لا يرى الواقع، وزير يرتكب خطيئة تاريخية في حق الشباب المغربي. فليتذكر الوزير الوسيم أن التاريخ لا يرحم، وأن الأجيال القادمة ستحاسبه على خياراته وقراراته. قريبًا لنا معك حكايات بلا بهجة عن مخيمات أُغلقت، وعن جيل جديد وعدتَ به.

تذكر، الشباب هم: سواعد معطلة في القرية والبادية، أنفاس تُنهك في معامل القهر بلا أفق، شباب يموتون في صمت، ظلال بشر حطمهم القرقوبي والبوفا، مرضى يتسولون الدواء والعزاء، جثث يلفظها البحر، قابعون في السجون بجرائم يصنعها الفقر والقهر… هل نحكي لك حكاياتنا الحقيقية؟ هناك خلل ما، فلا تغضب، وخذ جلسة حكي مع الشاب الحقيقي، خارج مقر البام بالدار البيضاء، على بعد خطوات من عين الذئاب.”

ننتظر رقما قياسيًا في الجيل الجديد من المخيمات…

ننتظر رقما قياسيًا في العرض التخييمي…

ننتظر رقما قياسيًا في جودة التكوين وتوظيف الخريجين من معاهد الوزارة

ننتظر رقما قياسيًا في عدد مؤسسات الاستقبال والشباب وتوفير الأطر بدل تفويتها للجمعيات بطرق ملتوية للتهرب من التوظيف العمومي

ننتظر رقما قياسيا في دعم الكتاب والمقروئية خارج المساطر البائدة… وفتح الدعم خارج التنظيمات البائدة… نريد دعما للمسرح والفن عامة حقيقيا واقعيا عقلانيا يحفظ الكرامة ويضمن العيش الكريم… يدمج الخريجين ويصنع المقاولة الفنية والثقافية ويدعمها… ويقطع مع مسرح  العابرين….

نريد استرجاع التلفزيون المغربي… والخروج من منطق الغنيمة والقبيلة إلى منطق الوطن والوطنية…

نريد قرارا شجاعة وطنيا مواطنا في قطاع الإعلام… هل ترضى أن يسجل عليك التاريخ أنه في مرحلتك دبر قطاع الصحافة بأطول لجنة مؤقتة كأننا في حالة استثناء أو في زمن الحرب والطوارئ…؟

لا تُرضِ جهة ولا أحدا على حساب وطنك وسيرتك السياسية…

صدقني… حلحلة بعض المؤسسات الصحفية والثقافية واللجن  في حد ذاتها إنجاز… تدخل به التاريخ بلا غلاف مالي…

بل بقرار سياسي شجاع…

تصحيح وضعية المؤسسات…. لا يعني خرق مبدأ الاستقلالية…

فأنت تمثل القطاع الوصي، أنت يد الدولة في قطاعك، اليد التي تتدخل لضمان السير العادي للمؤسسات…

المجلس الوطني للصحافة…. وضعه المؤجل…. لا يخدم مغرب المؤسسات…. كن شجاعة بما يكفي… وصحح الوضع…. لسنا في زمن الحرب….

اتحاد كتاب المغرب… يحتاج منك لشجاعة المدبر، لا تبرر هذا الصمت بالاستقالية، فأنت المانح والوصي، وعليك أن تحلحل الوضع…

هذه حكاياتنا اليومية…

لن أحدثك عن الفنانين والفنانات… عن مآس مرة… عن عللهم وحياتهم الصعبة…

اجتهد… خارج الخرائط الجاهزة… فأنت قادر على صناعة العمل بقطع دابر الفوضى المصطنعة لضمان المواقع المريحة….

ننتظر أيضا أن تفتح المخيمات التي أغلقت للصيانة والتجديد… أن نوسع العرض كما وسعت الوجبات، أن تعتبر أطر المخيمات موظفين مؤقتين، ليحصلوا على أجر مقابل عملهم، فالتطوع مكلف، ولا يشكل جسرا لعبور الكفاءات….

ودعنا نعيد على الأقل عدد المستفيدين إلى ما قبل ” الصيانة”… حطم معنا رقما قياسيا في التكوين والتوظيف والتأهيل…. لنحكي حكاية عن شاب فهم الشباب… أحبهم فأحبوه… عن وزير مبدع أنصف وأفحم وأبدع….

ننتظر حكايات تحطم الرقم القياسي عن مشاريع تدمج الشباب…لا بجواز الشباب… بل بالحق في عيش الشباب كشباب… الحق أن تكون وزير يمثل الشباب المغربي ويترافع عن قضاياه بعيدا عن  اختزال قضاياه في جامعات شبابية متجاوزة التصور ولو بعناوين خاضعة…

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الأخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق