فيما يستعد المغرب لاستضافة كأس العالم 2030، تتجه الأنظار نحو خطة طموحة لإعادة هيكلة قطاع النقل الحضري، قوامها استثمار ضخم في شراء 7000 حافلة، مع تركيز خاص على الطاقة الكهربائية. هذا التحول الجذري، الذي أعلن عنه وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، يطرح أسئلة جوهرية حول مستقبل التنقل في مدن المغرب، ومدى قدرة هذه الخطة على تحقيق أهداف الاستدامة المعلنة، دون إغفال التحديات الاقتصادية واللوجستية التي تلوح في الأفق.
بعيدًا عن الشعارات الرنانة، يواجه المغرب اختبارًا حقيقيًا في قدرته على ترجمة هذه الرؤية إلى واقع ملموس. فمجرد شراء هذا العدد الهائل من الحافلات الكهربائية ليس كافيًا، بل يتطلب ذلك منظومة متكاملة تشمل بنية تحتية متطورة للشحن، وشبكة توزيع كهرباء قادرة على استيعاب الطلب المتزايد، بالإضافة إلى كفاءات بشرية مؤهلة لصيانة وتشغيل هذا الأسطول الضخم.
إعلان الحكومة عن نيتها إنشاء شركات جهوية لإدارة قطاع النقل “الكهربائي” يثير بدوره تساؤلات مشروعة. هل ستمثل هذه الشركات إضافة نوعية قادرة على تجاوز العراقيل البيروقراطية والتنسيق الفعال بين مختلف الجهات المعنية؟ أم ستكون مجرد هياكل إدارية جديدة تزيد من تعقيد المشهد؟
الرهان الحقيقي يكمن في قدرة المغرب على تحقيق التوازن بين الطموحات البيئية والواقع الاقتصادي. فالحافلات الكهربائية، رغم مزاياها البيئية، تبقى مكلفة، سواء من حيث سعر الشراء أو تكاليف الصيانة على المدى الطويل. فهل ستتمكن المملكة من تحمل هذه التكاليف، وضمان استفادة جميع شرائح المجتمع من هذه الخدمة، دون إثقال كاهل المواطنين؟
في نهاية المطاف، يبقى الحكم على نجاح هذه الخطة مرهونًا بالأفعال لا الأقوال. فالمغرب على موعد مع اختبار حقيقي لقدرته على التخطيط الاستراتيجي، والتنفيذ الفعال، والشفافية في إدارة الموارد، وذلك من أجل تحويل حلم النقل المستدام إلى واقع معاش، يعود بالنفع على البيئة والمواطنين على حد سواء. فهل يكون المونديال نقطة تحول إيجابية في مسار النقل الحضري في المغرب، أم مجرد فرصة ضائعة؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة.