عبد الرزاق الجباري: مشروع قانون المسطرة الجنائية ينتهك الدستور ويقيّد استقلال القضاء

Last Update :
عبد الرزاق الجباري: مشروع قانون المسطرة الجنائية ينتهك الدستور ويقيّد استقلال القضاء
خالد أخازي

في ندوة قانونية حاشدة بمدينة القصر الكبير، صاغ عبد الرزاق الجباري، رئيس نادي قضاة المغرب،  مرافعة نقدية قانونية ودستورية ضد مشروع قانون المسطرة الجنائية الجديد، واصفاً إياه بـ”النص المعيب الذي يكرس انتهاكات خطيرة للدستور ولحقوق الإنسان”. وحذر الجباري من أن مواده “تُهدد استقلال السلطة القضائية وتُضعف ضمانات المحاكمة العادلة”.

وأكد الجباري أن المادة الثالثة من المشروع “تنقلب على مبدأ فصل السلط”، مُستنكراً اشتراط حصول النيابة العامة على طلب من “جهات إدارية أو هيئات حكامة” لفتح تحقيقات في قضايا الفساد المالي.

وعبّر عن استنكاره قائلاً: “كيف نرضى أن تُقيّد يد القضاء بإجراءات بيروقراطية؟ هذه المادة تمنح الإدارة سلطة التحكم في تحريك الدعوى العمومية، وهو ما ينتهك الفصل 107 من الدستور الذي يكفل استقلال القضاء عن التشريعية والتنفيذية”.

وأضاف أن المشروع يتناقض مع الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد  التي صادق عليها المغرب، والتي تُلزم الدول بإشراك المجتمع المدني في محاربة الفساد، بينما “يَحصُر المشرع المغربي هذه الصلاحية في جهات محددة، وكأن الفساد جريمة عادية وليس سرطاناً ينخر المؤسسات”.

كما انتقد الجباري منح ضباط الشرطة القضائية سلطة تقديرية لوضع المشتبه بهم تحت الحراسة النظرية دون إذن قضائي، مشيراً إلى أن “الحرية لا تُقيّد إلا بأمر من القضاء. كيف نسمح لضابط شرطة أن يقرر مصير مواطن بناءً على اجتهاده الشخصي؟ هذه السلطة التقديرية تفتح الباب لتعسف لا يُحمد عقباه”.

وكشف رئيس نادي القضاة عن تناقض آخر في المادة 51 التي – بحسب قوله – “تحوّل النيابة العامة من سلطة قضائية تطبق القانون إلى منفذ لسياسة الحكومة الجنائية”، معتبراً أن ذلك “خلطٌ خطير بين الأدوار، فالقضاء حامٍ للحقوق وليس تابعاً للسلطة التنفيذية”.

وجه الجباري انتقاداً خاصاً لمواد المشروع التي تعطي “محاضر الضابطة القضائية” حجية مطلقة في الإثبات، قائلاً: “جعل محضر الشرطة وثيقةً تُحسم بها الإدانة يُحوّل القضاء إلى آلة تصديق، ويُهدر قرينة البراءة التي هي أساس العدالة. الاعترافات المسجلة في المحاضر قد تُنتزع تحت الضغط، فكيف نُحمّلها قدسية القانون؟”.

ختم الجباري مداخلته بدعوة البرلمان والحكومة إلى “مراجعة المشروع قبل فوات الأوان”، مؤكداً أن “أي مساس باستقلال القضاء هو ضربةٌ لمشروع الدولة الديمقراطية التي نص عليها الدستور”.

كما طالب بإلغاء الشروط الإدارية لتحريك الدعوى العمومية في جرائم الفساد، وإخضاع أي تقييد للحريات الفردية لرقابة قضائية مسبقة، ومراجعة المواد المتعلقة بأدلة الإثبات لحماية قرينة البراءة.

جاءت مداخلة الجباري خلال ندوة نظمها المركز الوطني للدراسات والأبحاث القانونية والقضائية،  بحضور عشرات الخبراء والقضاة، في وقت تشهد فيه المغرب جدلاً واسعاً حول الإصلاح القضائي، وسط تحذيرات من منظمات حقوقية من “تراجع الضمانات القانونية لصالح منطق أمني”. هذا الهجوم القوي يعكس القلق المتزايد بين القضاة والنقابات القانونية بشأن مستقبل العدالة في المغرب.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

Comments تعليقان
Type a small note about the comments posted on your site (you can hide this note from comments settings)
الأخبار العاجلة

We use cookies to personalize content and ads , to provide social media features and to analyze our traffic...Learn More

Accept