يعيش اتحاد كتاب المغرب، أحد أقدم المؤسسات الثقافية في البلاد، أزمة وجودية غير مسبوقة تهدد تاريخه الممتد منذ ستينيات القرن الماضي. بين صراعات حول الشرعية، وجمود تنظيمي، ولجوء متكرر إلى القضاء، يتأرجح مصير الاتحاد بين إمكانية إعادة إحياء دوره الريادي أو الانزلاق نحو مزيد من التدهور والانقسام.
تأسس الاتحاد عام 1961 تحت اسم “اتحاد كتاب المغرب العربي”، كتعبير عن التطلعات الوحدوية المغاربية، وليكون منبرًا للدفاع عن حرية التعبير واحتضان الأصوات الأدبية والفكرية، لا سيما خلال “سنوات الرصاص” السياسية.
لكن العقد الأخير شهد تراجعًا حادًّا في أدواره، بدأ مع فشل المؤتمر العام التاسع عشر في طنجة عام 2018، الذي توقف خلال جلساته الافتتاحية، ليدخل الاتحاد في حالة “موت سريري” امتدت لست سنوات.
أدى هذا الجمود إلى بقاء المكتب التنفيذي الحالي في منصبه دون تفويض جديد من مؤتمر عام، مما أثار شكوكًا حول شرعيته، وتسبب في تجميد عضوية الاتحاد في اتحاد الأدباء والكتاب العرب، وفقدان حضوره الثقافي على المستويين الوطني والدولي.
سعى المكتب التنفيذي إلى كسر الجمود عبر الدعوة لعقد مؤتمر استثنائي في مدينة العيون عام 2024، بهدف “تجديد الشرعية” وإصلاح الهياكل التنظيمية. إلا أن القرار واجه معارضة من أعضاء اتهموا المكتب بعدم تمثيلهم، ولجؤوا إلى القضاء لوقف المؤتمر.
في 31 يناير 2024، أصدرت المحكمة الابتدائية بالرباط حكمًا بوقف المؤتمر، وصفه المكتب التنفيذي في بيان له بـ”محاولة اختطاف المنظمة”، مشيرًا إلى أن خمسة أحكام قضائية سابقة أكدت شرعيته وشرعية اللجنة المنتدبة من مؤتمر طنجة. من جانبهم، يرى المعارضون أن المؤتمر الاستثنائي يُدار بعيدًا عن الشفافية ويُكرس هيمنة المكتب الحالي.
يرتكز الخلاف على ثلاث نقاط رئيسية:
1. آلية انتخاب الرئيس: ينقسم الأعضاء بين من يطالب بانتخابه عبر المؤتمر العام (الهيئة التمثيلية العليا)، ومن يؤيد اختياره من قبل المكتب التنفيذي، مما يعكس صراعًا بين النهج الديمقراطي والمركزي.
2. أزمة الشرعية: يشكك المعارضون في شرعية المكتب التنفيذي لبقائه دون تفويض جديد منذ 2018، بينما يستند الأخير إلى أحكام قضائية تدعم موقفه.
3. دور القضاء: تحولت المحاكم إلى ساحة موازية لحسم الخلافات، مما كشف عن عجز الآليات الداخلية للاتحاد عن إدارة النزاعات.
برزت حاولات لتجاوز الأزمة، أبرزها تشكيل “لجنة المساعي الحميدة” بمبادرة من مثقفين مستقلين، سعت للوساطة بين الأطراف.
كما يؤكد المكتب التنفيذي إنجازاته مثل تشييد “دار الفكر” الثقافية في الرباط بدعم ملكي، ويرى أن الحفاظ على هذه المكاسب يتطلب حلّ الخلافات.
لكن استمرار الأزمة ينذر بتداعيات خطيرة، كتآكل دور الاتحاد كجسر بين الأجيال الأدبية وتراجع تأثيره في المشهد العربي، وشبح خطر انقسام الاتحاد أو إعادة تأسيسه تحت مسمى جديد، مع تحوّل القضاء إلى طرف فعّال في صياغة قواعد عمل المنظمات الثقافية.
رغم دعوة المكتب التنفيذي للأعضاء إلى “التوجه نحو إصلاحات حقيقية”، يبقى مصير الاتحاد مرهونًا بإجابتين : هل سيتمكن الطرفان من تبني حوار داخلي يعيد الاعتبار للديمقراطية التشاركية؟ أم ستُهدر طاقة الاتحاد في معارك قضائية تكرس انقساماته؟
يُعلق الكُتّاب، خاصة الشباب، آمالًا على وعي النخبة الثقافية بأهمية إنقاذ المؤسسة، سواء كإطار جامع للأدباء أو كنقابة تدافع عن حقوقهم أو كمؤسسة ثقافية تساهم في تشكيل الوعي المجتمعي. التحدي الأكبر هو استعادة الثقة المفقودة قبل فوات الأوان.




Hi would you mind letting me know which hoszting company
you’re working with? I’ve loaded your blog in 3 different internet browsers and I muat say this blog load a lot faster then most.
Can you recommend a good webb hostig proviider at a honest price?
Kudos, I appreciate it! https://hallofgodsinglassi.wordpress.com/