لم يكد جثمان محمد بنعيسى يُوارى الثرى حتى اشتعلت المنافسة داخل حزب الأصالة والمعاصرة حول خلافته على رأس بلدية أصيلة، المنصب الذي ظل محجوزًا باسمه لما يقارب 45 عامًا.
فبمجرد رحيله، تيقظت الطموحات وتحرّكت الحسابات، ليجد المجلس الجماعي نفسه أمام معركة داخلية تتشكل ملامحها بين النائب الأول للرئيس، جابر العدلاني، والنائب الثاني، عبد الله الكعبوري، وكلاهما يسعى لوراثة إرث الرجل القوي في المدينة.
أصيلة، التي تخضع لنظام الاقتراع الفردي، ستشهد مسطرة انتخابية تختلف عن الجماعات التي تُجرى فيها الانتخابات وفق اللوائح.
فالقانون يتيح الفرصة لجميع المنتخبين في المجلس للترشح، ما يفتح الباب أمام مفاجآت غير متوقعة، خصوصًا مع غياب شخصية جامعة بحجم بنعيسى، الذي صنع معادلة المدينة لعقود طويلة. وبانتظار أن تحدد السلطات موعد الدورة الاستثنائية لانتخاب الرئيس الجديد، يبقى السؤال: من سيكون قادراً على ملء الفراغ الكبير الذي تركه الرجل الذي طبع أصيلة بمشاريعه الثقافية والتنموية؟
كيفما كانت نتيجة السباق، فإن المدينة مقبلة على مرحلة جديدة، عنوانها اختبار صعب للحفاظ على الإرث الثقافي والتنموي الذي بناه الراحل. فمهرجاناتها، ومعارضها، وديناميتها الثقافية التي تحولت إلى رافعة تنموية، تحتاج اليوم إلى من يملك الرؤية والشجاعة لحمايتها من الاندثار.
ورغم أن المنافسة تدور داخل الحزب نفسه، إلا أن المدينة قد تكون أمام منعطف غير مألوف، حيث لا يُستبعد أن يتغير مسارها تمامًا، خاصة إذا مالت الكفة لصالح حسابات سياسية ضيقة على حساب الاستمرار في نهج التنمية الذي رسخه بنعيسى.



