تقرير صادم طموح يشكل طوق نجاة لبرادة: القطيعة مع الدوامة الفارغة للإصلاح

Last Update :
تقرير صادم طموح يشكل طوق نجاة لبرادة: القطيعة مع الدوامة الفارغة للإصلاح
خالد أخازي
في خطوة شجاعة وظرفية تربوية فارقة يطبعها الارتجال الإداري، والتجريب البيداغوجي الذي لا نهاية له، كشف المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي عن تقرير ثوري يحمل رؤية ثورية لإصلاح المنظومة التعليمية.

في هذا الصدد تمت صياغة التقرير باللغة بالعربية واللغة الفرنسية عسى برادة تسعفه لغة موليير للتجاوب مع رؤة تربوية جذرية، في استخراج عصارة عمل علمي وشاق بعيدا عن المزايدات السياسية والسجال الحزبي المعطل لأوراش الإصلاح.

أتى التقرير الذي تم تعميمه تحت عنوان "المدرسة الجديدة: تعاقد مجتمعي جديد من أجل التربية والتكوين" في سياق تنفيذ الرؤية الاستراتيجية 2015-2030، وعرض حلولًا شجاعة متبنيا مقاربات غير تقليدية لإحداث قطيعة مع الأساليب القديمة التي أعاقت تطور المدرسة المغربية لعقود.

يعترف التقرير صراحة بأن الإصلاحات السابقة لم تحقق التغيير المنشود، رغم مرور أربع سنوات على إصدار القانون الإطار 51.17.

فالمدرسة المغربية، كما يؤكد، عبر أت تحديات مصيرية مرتبطة بتحولات عالمية كبرى تواجه المنظومة مثل الثورة الرقمية، الذكاء الاصطناعي، وتغيرات سوق الشغل، مما يستدعي إعادة التفكير جذريًا في دور المدرسة ومناهجها وأساليب إدارتها.

في محاولة لتجاوز "الدوامة الفارغة لإصلاح الإصلاح"، يضع التقرير سبعة رهانات كبرى تتطلب قرارات حاسمة. أولها ضرورة الاستعداد لمتغيرات المستقبل عبر إعادة هيكلة التعليم ليصبح أكثر مرونة وانفتاحًا على المهارات الجديدة. ثانيها استقلالية المؤسسات التعليمية، حيث يدعو التقرير إلى تحرير المدارس من البيروقراطية وتمكينها من اتخاذ قراراتها بشكل ذاتي، في خطوة قد تحدث "زلزالًا إداريًا" داخل المنظومة التربوية.

ويركز التقرير على دور المجتمع المحلي، معتبرًا أن المدرسة ليست شأنًا حكوميًا فقط، بل مسؤولية جماعية تحتاج إلى انخراط الأسر، الجماعات الترابية، والمجتمع المدني. كما يدعو إلى تغيير جذري في العلاقة بين المدرسة والإدارة، بحيث تتحول هذه الأخيرة من سلطة تقليدية مركزية إلى هياكل دعم وتوجيه، لا تفرض قراراتها من أعلى هرم السلطة التربوية.

أما على مستوى المناهج، فالتقرير يقر بأن الأساليب التقليدية القائمة على الحفظ والتلقين أصبحت غير مجدية في عالم يحكمه الإبداع والتكنولوجيا.

من هنا، يقترح "ثورة بيداغوجية" تجعل من التعلم عملية تفاعلية تستند إلى التفكير النقدي، الذكاء الرقمي، والمهارات العملية بدلًا من التكرار الآلي للمعلومات.

ويذهب التقرير أبعد من ذلك عندما يتحدث عن الحاجة إلى "إزالة الحواجز العمودية" بين مكونات المنظومة التربوية، معتبرًا أن الفصل الصارم بين التعليم العام، التكوين المهني، والتعليم العالي لم يعد مناسبًا لعصر يتطلب تكاملًا وانفتاحًا بين مختلف المسارات الدراسية والمهنية.

لكن التحدي الأكبر، كما يقر التقرير، هو القدرة على قيادة هذا التغيير الجذري وسط منظومة مقاومة للتجديد. ولضمان النجاح، يدعو إلى مقاربة تشاركية حقيقية تشمل جميع الفاعلين التربويين، معتبراً أن الإصلاح يجب أن يكون مشروعًا وطنياً طويل النفس...

وليس مجرد قرارات فوقية تُفرض من دون إشراك المعنيين بها.

 

 يضع التقرير خارطة طريق واضحة لإنقاذ التعليم المغربي من الجمود، لكنه لا يخفي أن نجاحها يتطلب إرادة سياسية صلبة، وقرارات جريئة، ومجتمعًا واعيًا بأن المدرسة لم تعد مجرد مؤسسة تلقين، بل ورشًا حقيقيًا لإعداد أجيال قادرة على رفع تحديات المستقبل. السؤال الآن: هل نمتلك الشجاعة الكافية لفتح هذا الورش الثوري، أم أننا سنواصل الدوران في حلقة الإصلاحات غير المكتملة؟

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

Comments 11 تعليق
Type a small note about the comments posted on your site (you can hide this note from comments settings)
الأخبار العاجلة

We use cookies to personalize content and ads , to provide social media features and to analyze our traffic...Learn More

Accept