خرجة بوانو غير الموفقة ضد وزير الصحة: مزايدة أعمت بصيرة العدالة

Last Update :
خرجة بوانو غير الموفقة ضد وزير الصحة: مزايدة أعمت بصيرة العدالة
خالد أخازي
 ننتقد الحكومة متى كان هناك تقصير، لكن عندما تتخذ قرارات منصفة، فمن الموضوعية الإقرار بوجاهتها. وزير الصحة لم يلغ الصفقات لمجرد الإلغاء، بل وضع معايير تضمن حقوق المستخدمين وترفع من كفاءة الخدمة داخل المستشفيات، وهو توجه يستحق الإشادة، وليس المتزايدة السياسوية.

وفي هذا الصدد فخرجة عبد الله بوانو لم تكن موفقة هذه المرة، بموقفه المعارض لقرار وزير الصحة، منتقدًا إلغاء صفقات المناولة في مجالي الحراسة والنظافة، بحجة أنه سيؤدي إلى إقصاء المقاولات الصغرى والمتوسطة من المنافسة، تعليل بوانو خطير ونشم منه رائحة المزايدة، لأنه يفترض قناعة عنده بنجاح هذه المقاولات بتبخيس الحقوق والمؤهلات، فإن لم يكن الأمر كذلك، فقد خانه التعبير، فالمعارضة ليست قدرا، بل منها.

هذا الطرح الذي جاء به بوانو يتجاهل جوهر القرار، الذي يهدف إلى تحسين شروط العمل وضمان حقوق المستخدمين في هذا القطاع الحساس، وهو ما يجعل موقف الوزير أكثر انسجامًا مع مبادئ العدالة الاجتماعية واحترام القوانين المنظمة لسوق الشغل.

 

وفي هذا الصدد فاشتراط مستوى دراسي معين للعاملين في الحراسة وربط الأجور بالحد الأدنى المحدد قانونيًا ليس تعجيزًا، بل خطوة ضرورية لضمان كفاءة العاملين وحمايتهم من الاستغلال، وهذه تحسب للوزير وليس ضده، ورفع ميزانية هذه الخدمات توجه صحيح، ولا ضير فس ذلك.

فمهن الحراسة داخل المؤسسات الصحية لا تقل أهمية عن غيرها، وتحتاج إلى عناصر مؤهلة قادرة على التعامل مع مختلف الحالات داخل المستشفيات، خاصة أن بعضهم يوجد في تماس مباشر مع المرضى والزوار.

كما أن اشتراط احترام الحد الأدنى للأجور يعزز من حقوق المستخدمين، الذين يعانون غالبًا من هشاشة التشغيل في هذا المجال.

 

القول بأن هذه الإصلاحات ستؤدي إلى رفع التكلفة على الوزارة ليس حجة مقنعة، لأن أي إصلاح يهدف إلى تحسين جودة الخدمات يفترض بالضرورة إعادة النظر في شروط العمل، بما يحقق التوازن بين جودة الأداء وحماية حقوق المستخدمين.

المقاولات التي تعتمد على تشغيل عمال بأجور زهيدة ودون احترام للحد الأدنى من المعايير ليست نموذجًا يجب حمايته، بل على العكس، يتعين دعم المقاولات التي تلتزم بشروط قانونية وإنسانية توفر بيئة عمل ملائمة للعاملين.

لا يمكن إنكار أن سوق الشغل في المغرب يعاني من عدة اختلالات، من بينها ضعف احترام الحد الأدنى للأجور، وغياب الحماية الاجتماعية في بعض القطاعات.

خطوة الوزير الجديدة تستحق التنويه، و حسن الظن، كونها تعكس توجهًا للرقي بقطاع وسيط ظل المواطنون يشتكون من سلوكاته وتصرفاته غير المشرفة، التي تصل درحة القهر المعنوي والعنف الجسدي.

  وفي هذا الصدد إن كان ذلك يقتضي إعادة النظر في بعض العقود والشروط المرتبطة بها، فلا عيب في ذلك، وإن كان عدم احترام الحد الأدنى للأحرار سيعصف بالمقاولات المتوسطة والصغرى، فهذا دفاع عن اختلالات خطيرة، بلغة المظلومين، ولا خير في مقاولات لا تلتزم بالحد الأدنى للأجور. 

القرارات التي تعزز الإنصاف وتحسن من وضعية العمال لا يمكن أن تكون محل تشكيك، بل ينبغي تثمينها ودعمها، لأنها تؤسس لمنظومة تشغيل أكثر عدالة وإنسانية، مهما كان التدافع السياسي.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

Comments 9 تعليقات
Type a small note about the comments posted on your site (you can hide this note from comments settings)
الأخبار العاجلة

We use cookies to personalize content and ads , to provide social media features and to analyze our traffic...Learn More

Accept