في خطوة لا شك في أنها تحمل طابعًا إيجابيًا على مستوى الشكل، أعلن الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (CNOPS) عن إدراج عدد من الفحوصات والعلاجات الجديدة ضمن الخدمات القابلة للتعويض.
وبينما يبدو القرار في ظاهره خطوة نحو تحسين التغطية الصحية، فإن الواقع يكشف عن سلسلة من الثغرات التي تجعل من هذه التغطيات شكلاً فارغًا لا يرتقي إلى مستوى التطلعات.
من بين هذه الإضافات التي أعلن عنها الصندوق نجد:
Calprotectine fécale لتشخيص الأمراض الالتهابية المعوية.
Test respiratoire à l'urée للكشف عن جرثومة المعدة (Helicobacter pylori).
Dosage des chaînes légères Lambda et Kappa للكشف عن اضطرابات الجهاز المناعي.
Dosage de leptine لتقييم اضطرابات الوزن والسمنة.
Tumor Solid Panel للكشف عن الطفرات الجينية المرتبطة بالأورام السرطانية.
PCR Multiplex respiratoire للكشف عن الفيروسات التنفسية المتعددة.
Test - Quantiféron TB للكشف عن مرض السل.
ورغم أهمية هذه الفحوصات في تشخيص العديد من الأمراض التي تؤرق صحة المواطنين، فإن التحديات المترتبة على تطبيق هذه التعويضات تظل أكبر من الحلول المطروحة.
أولى هذه التحديات تتمثل في قيمة التعويضات المتدنية التي لا تكاد تلامس التكاليف الحقيقية للعلاج في المصحات الخاصة. فبينما تُعلن عن إدراج خدمات جديدة، لا يزال المواطن يواجه واقعًا مريرًا من العبء المالي الكبير الذي يتحمله، في ظل تعويضات لا تغطي سوى جزء يسير من تكاليف العلاج.
أما الانتظارات الطويلة التي يعاني منها المرضى للحصول على تعويضاتهم، فهي الأخرى تُعدّ واحدة من أبرز العوائق التي تحول دون استفادة فعّالة من هذه التغطيات. حيث يؤدي بطء الإجراءات إلى تفاقم معاناة المرضى ويزيد من عبء الانتظار، في وقت كان ينبغي فيه تسريع الخدمة لتخفيف الأعباء عن المواطنين.
غياب الرقمنة ومنصةرقمية لتحميل الملفات دون ضرورة التنقل المنهك، وعدم تحديث مقاربة لامادية لإرسال الملفات، على غرار مؤسسات التأمين الخاصة...أهم الأسباب الرئيسة لتفاقم هذه المشاكل، الهدر الزمني واعتماد الرقمنة فقط في المتابعة رغم اختلالات المنصة، والتحلل من الاتفاقيات وعدم تقييم تجربة الصيدليات المتعاقدة، وما يبدو سرياليا عند مقارنة التعويضات والتكلفة العلاجية، تجعل المنخرطين يؤدون لنظام صحي مختل، ربما التحول نحو الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي قد يحل معضلة الزمن، مع ضمان خصوصية القطاع العام، لكن قيمة التعويضات تظل مهزلة، كبرى.
كما أن أكثر الاتفاقيات التعاضدية على الأقل تبقى مجرد حبر على الورق، ويتنصل منها جل المصحات، في غياب اتفاقيات حقيقية ملزمة لا فولكورية.
عملية وضع ملفات المرض تتم في فضاءات تعرف الاكتظاظ، إرسال الوثائق تزيد من تعقيد الإجراءات الإدارية، مما يطيل أوقات معالجة الملفات ويضاعف من معاناة المرضى، ليظل المواطن في مواجهة معقدة مع بيروقراطية صحية خانقة... كما أن المراجعة الآنية للملفات يجعلها عرضة لخلل للرجوع.
وبالإضافة إلى كل ما سبق، يُسجل التفاوت الكبير بين التغطية الصحية في القطاعين العام والخاص، ما يخلق شعورًا عميقًا بعدم المساواة لدى المواطنين، ويزيد من الإحباط في نفوسهم.فالتغطية الصحية في القطاع الخاص غالبًا ما تكون أكثر كفاءة وجودة، لكنها بتعريفات خيالية...
ويعاني المؤمنون في القطاع العام من خدمات ضعيفة وتعويضات هزيلة، ومن لغة الأداء المسبق، والذي غالبا يكون عائقا للعلاج... ومازال الشيك على وجه ضمان الأداء لغة مصالح المحاسبة في أغلب المصحات، ولا زال مجرد تشخيص بالسكانير وغيره، غير قابل للتحمل فورا، مقابل أداء الفارق، عدا مصحة واحدة في الرباط، والباقي مجرد وهم؛ واتفاقيات لا تساوي الورق الذي دبجت عليه.
يطالب العديد من المتابعين بضرورة رفع التعريفة المرجعية لتتناسب مع التكاليف الحقيقية للعلاج، وبإيجاد تحمل حقيقي فوري لتغطية العلاج الكامل بدلًا من التحمل الجزئي، يبقى الكنوبس أمام تحديات مالية كبيرة تُفاقم من تعقيد الوضع، ما يتطلب حلولًا جذرية ومستدامة لضمان العدالة الصحية للمواطنين.
الواقع الصحي في المغرب يعكس صورة مأساوية للمواطن الذي يبحث عن حقوقه الصحية التعاضدية والتضامنية التي يجب أن تكون في متناوله وفق قيم الشفافية والحكامة.
إن قرارات رفع التعويضات ومراجعة التعريفة المرجعية البائدة، وفق الواقع الاستشفائي خطوة أساس نحو تحسين الوضع، لكن يبدو أنها أحلام ما تزال خارج أجندة الوكالة الوطنية الوصية، ومرافعة التعاضديات بحماس وقوة
