مصطفى التراب: وما خفي أعظم….المؤامرة العارية

Last Update :
مصطفى التراب: وما خفي أعظم….المؤامرة العارية
مولاي عبد الله الفيلالي

في خضم الزخم الإعلامي الذي يستهدف المكتب الشريف للفوسفاط، يتصدر اسم مصطفى التراب المشهد، محاصرًا بسيل من الانتقادات التي تُطرح بحدة وبأسلوب يوحي بترصّد مقصود. في كل كلمة كُتبت بحبر النقد اللاذع، وفي كل فاصلة مُصاغة بذكاء، يكمن قصد خفي يتجاوز مجرد تسليط الضوء على شخصية عامة.

تحت قيادة مصطفى التراب منذ عام 2006، تحولت مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط من مؤسسة تقليدية إلى فاعل عالمي في صناعة الفوسفاط والأسمدة، مع توسع لافت في الأسواق الدولية وزيادة كبيرة في الإنتاج.

كما أسهمت المجموعة في دعم البحث العلمي وإنشاء جامعة محمد السادس متعددة التخصصات، ما عزز من مكانتها على الساحة الدولية كقوة اقتصادية وعلمية بارزة.

ورغم هذه الإنجازات التي لا يمكن إنكارها، تنطلق اليوم حملات إعلامية تستهدف شخصية التراب، تصفه بـ"الغطرسة" وتوجه له اتهامات تُقدم وكأنها حقائق دامغة. لكن، هل يعقل أن تتوجه كل السهام في هذا التوقيت بالذات؟ لماذا الآن؟ لماذا هذا الإخراج المنسق؟ ولماذا إعادة تركيب معطيات معروفة بدقة مريبة؟

في كل كلمة، في كل فاصلة سُطِّرت بحبرٍ حامض من النقد، رجفةُ قصدٍ خفي. وفي هذا المقال – المتّقد في بنائه، المحسوب في ضرباته – لم تعد التفاصيل مجرد زينة: بل أصبحت النصل.

"غطرسة"، يقولون. ويُعلَّق اسم مصطفى التراب. تحت ضوء ساطع بلا رحمة، يجد الرجل نفسه وسط العاصفة، وتحول مسيرته المضيئة إلى شبهة. لكن ما يلفت الانتباه ليس الجوهر، بل التوقيت. لماذا الآن؟ لماذا هذا الإخراج المتقن، وهذا العرض الانتقائي لعناصر معروفة، أُعيد تركيبها بدقة جراحٍ بنوايا مُريبة؟

التفصيل هنا ليس بريئًا. إنه يرسم "أنا" عمودية، وحيدة، متعالية تقريبًا – ضمير الحكم، الإصبع الممدود، العين التي تتهم. "أنا" أُقيِّم، "أنا" أفضح، "أنا" أُشير.

فهل نقرأ هذا الهجوم كفعل حقيقة، أم كمقدمة لتصفية حسابات؟ محاولة ناعمة لإعادة توازن سلطة ما، للحفاظ على امتيازاتٍ قديمة يُهددها مركزُ ثقلٍ جديد؟ هل النقد قناع أنيق، لكنه ساخر، يخفي خوفًا أقل نبلًا: الخوف من فقدان امتياز السرد؟

في الجوهر، قد لا يكون الأمر متعلقًا بالتراب، ولا حتى بـ OCP. إنما يتعلق الأمر بأرض – رمزية، اقتصادية، سياسية – وبأولئك الذين، من خلف الستار، يرفضون التنازل عن شبرٍ منها.

وفي هذا المسرح الظليل، تعود "أنا" دائمًا. شامخة، قاطعة. أنانية، مصلحة، مؤامرة.

من المهم الوقوف عند هذه النقطة: لماذا تتعالى أصوات النقد في هذا التوقيت تحديدًا؟ ألا يثير ذلك تساؤلًا مشروعًا حول خلفية الحملة وأهدافها؟ فالنقد في حد ذاته ليس المشكلة، بل الأسلوب الانتقائي والاتهامي الذي يسعى إلى تصوير التراب كرمز للأزمة.

عند التمحيص، نجد أن التفاصيل ليست بريئة، بل تشكّل بناءً سرديًا يهدف إلى تقويض صورة الرجل وتشويه مسيرته المهنية دون تقديم أدلة دامغة. إن ما يُلفت الانتباه ليس جوهر الادعاءات بقدر ما هو سياقها وتوقيتها. فقد تزامنت هذه الحملة مع تحولات استراتيجية يقودها المكتب الشريف للفوسفاط، مما يوحي بأن ثمة أطرافًا ترى في هذه النجاحات تهديدًا لمصالحها.

في الواقع، لا يمكن إغفال الإنجازات البارزة التي حققها المكتب الشريف للفوسفاط تحت قيادة مصطفى التراب، حيث تمكن من تحويل المؤسسة إلى فاعل دولي مرموق في قطاع الفوسفاط والأسمدة.

فكيف يمكن لمثل هذه القيادة الناجحة أن تتحول فجأة إلى محور للانتقادات؟ ألا يستدعي ذلك تحقيقًا دقيقًا في خلفيات هذه الحملة؟

إن كانت هناك حقائق تستحق النقد، فلا بد أن تكون واضحة ومبنية على أدلة صريحة. أما حين يتوارى النقد وراء تكتيكات غامضة وتفاصيل مبهمة، فإن الشكوك تتجه إلى نوايا هذه الحملات أكثر من مضمونها. يجب أن ننظر بحذر إلى هذه الاتهامات، لأن شيطان التفاصيل ليس دائمًا بريئًا، بل قد يكون قناعًا يُخفي أطماعًا ومصالح لا علاقة لها بحقيقة الأمور.

في النهاية، لا يمكن اعتبار النقد الحقيقي إلا حين يكون مستندًا إلى وقائع دامغة وتحليل موضوعي، بعيدًا عن استغلال الظروف لتوجيه ضربات خفية. إن إعلاء منطق الحق والحفاظ على استقرار المؤسسات الاستراتيجية يقتضي التحقق من المعطيات قبل تبني روايات قد تسيء أكثر مما تصلح... 

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الأخبار العاجلة

We use cookies to personalize content and ads , to provide social media features and to analyze our traffic...Learn More

Accept