الإحصاء الذي يخيف عسكر الجزائر: مخيمات تندوف خليط من العرقيات الإفريقية غير الصحراوية

Last Update :
الإحصاء الذي يخيف عسكر الجزائر: مخيمات تندوف خليط من العرقيات الإفريقية غير الصحراوية
خالد أخازي
في مخيمات تندوف، على التراب الجزائري افتراضا أنه جزائري، يعيش آلاف الأشخاص منذ عقود، لا أحد يعرف عددهم الحقيقي، ولا أوضاعهم، ولا حتى من أين جاءوا بالضبط. يعيشون في عزلة، بلا أسماء رسمية، بلا وثائق، بلا مستقبل واضح.

كأنهم عالقون في زمن لا يتحرك، ومصيرهم معلّق بقرارات لا يملكون منها شيئًا. والغريب أن الدولة التي تستضيفهم، وهي الجزائر، ترفض لحدّ الآن السماح بإحصائهم، رغم أن الأمم المتحدة تطلب ذلك منذ سنوات طويلة.

من وجهة نظر المغرب، هذا الرفض ليس مجرد قرار إداري أو سياسي، بل هو إنكار لحق بسيط جدًا: أن يُعترف بوجودك، أن يُعرف اسمك، أن تُحسب كإنسان.

كيف يمكن للعالم أن يساعدك أو يدافع عنك إذا لم يكن يعرف كم عددكم؟ كيف يمكن تقديم الطعام، أو الدواء، أو حتى فرص العودة والاختيار، إن لم تكن هناك معلومات واضحة وشفافة عن من يعيش هناك؟ ما يحدث في تندوف يجرّد الناس من حقوقهم الأساسية، ويحوّلهم إلى أوراق في لعبة سياسية لا نهاية لها.

الذين في تندوف، كثير منهم مغاربة، لهم أهل في الجنوب، لهم جذور وذكريات. ومنهم من يريد الرجوع، لكن لا يستطيع. ومنهم من لا يُسمح له حتى بالسفر أو التعبير عن رأيه. الجزائر تقول إنها ليست طرفًا، لكنها تسيطر على الأرض، وتمنع الإحصاء، وتسمح لجبهة لا تمثل الجميع بأن تتحدث باسمهم. أين العدل في ذلك؟

الإبقاء على هذا الغموض يخدم طرفين بالدرجة الأولى: الجزائر والبوليساريو. الجزائر تستثمر في هذا الملف دبلوماسيًا، تُقدّمه في المحافل الدولية كورقة ضغط ضد المغرب، وتستخدمه لصرف الانتباه عن مشاكلها الداخلية وتبرير إنفاق كبير لا يُناقش علنًا.

أما جبهة البوليساريو، فوجودها نفسه قائم على هذا الوضع غير الطبيعي؛ فهي تستفيد من غياب الشفافية كي تدّعي تمثيل عشرات الآلاف، وتحصل على دعم خارجي لا يُعرف مصيره بدقة، وتُحكم سيطرتها على سكان المخيمات من دون رقابة أممية حقيقية.

 ولذلك، فإن الخوف من الحقيقة هو ما يدفعهم إلى منع الإحصاء، وليس أي مبدأ إنساني أو قانوني.

ما يطلبه المغرب ليس شيئًا كبيرًا: فقط أن يُعامل هؤلاء الناس كأشخاص حقيقيين، لهم الحق في الاعتراف، في الاختيار، في الحياة. لا يمكن أن نطلب حلًا سياسيًا حقيقيًا، وهناك من يعيش في الظل، بلا صوت، وبلا اسم.

الحقيقة لا تُخيف إلا من يخفي شيئًا. والمغرب ليس هو من يخفي.

 

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

Comments تعليق واحد
Type a small note about the comments posted on your site (you can hide this note from comments settings)
  • https://Fortune-Glassi.Mystrikingly.com/ 26 أغسطس 2025 - 7:24

    I think everything published was actually very logical.
    However, think onn this, what if you added a little content?
    I am not suggessting your information is not solid., however suppose you added
    something that grabbed folk’s attention? I mean الإحصاء
    الذي يخيف عسكر الجزائر: مخيمات تندوف خليط
    من العرقيات الإفريقية غير الصحراوية – جريدة تمغربيت is
    a little boring. You should look at Yahoo’s home page and watch how tthey create article headlines to get viewers to click.
    You might add a video or a related pic or two to get readers interested about what you’ve got to say.
    Just mmy opinion, it would bring your blog a little biit more interesting. https://Fortune-Glassi.Mystrikingly.com/

الأخبار العاجلة

We use cookies to personalize content and ads , to provide social media features and to analyze our traffic...Learn More

Accept