عبد الحميد الغرباوي مكتبة على قدمين

Last Update :
عبد الحميد الغرباوي مكتبة على قدمين
خالد أخازي

في مساء الثالث من يونيو، ومن لدن نادي القلم المغربي، ضمن فعاليات الكتاب المستعمل، تم الاحتفاء بكبرياء الأديب المغربي من خلال تجربة عبد الحميد الغرباوي الإبداعية... منحنا هذا الأديب المتعدد المواهب فرصة لنكرم أنفسنا عبره، وداوى جراحنا بنصه الخفي قبل الظاهر.

قدم لنا نصًا سرديًا استثنائيًا، قرأته أكثر من مرة، ولم أخرج من تأملاته بعد. هو تعويذة لعينة، لكنها جرعة وجود تُنعش أمل اللقاء والبهاء.

حذارِ من قراءة "سيدة الصمت النبيل"

حذارِ من قراءة كتاب "سيدة الصمت النبيل"... لن تصمتوا بعدها.
تمنيت أن ألتقي لينا، هذا ما قاله الروائي الشاعر خالد أخازي، مصيفًا: "خفت أن تكون سيميائيًا مجرد شخصية ورقية، كناية عن الأمل المباغت، الذي يرمم الروح وخيبات الحبر."

جراح السرد بمشرط ناعم

منحنا المربي والقاص والروائي والمترجم، الحكيم بقفازين، عبد الحميد الغرباوي، جراح السرد بمشرط ناعم لكن موجع، بمشرط لغوي لا يهمه ندوب الشكل والنوع، بل يتغلغل في فتق الكتابة ليستأصل وهم الهوية النصية...منحنا فرصة لنتلقي مع مبدعين كبار، ومع نقاد من عيار ثقيل...تحية لذاك الصمت النبيل الذي أتت به مكالمة هاتفية، وبدفق لحظة تشكيلية تشكل كونًا جديدًا...شكرًا لك عبد الحميد الغرباوي...

فما زلت أقرأ "سيدة الصمت النبيل"، أقتفي لمسة "ميسي" كما فعلت... كنت تجري بسرعة جمالية تفوق سرعة اللغة، في نص مشاغب جمالًا وشغفًا رجاويًا لا يصنع الفوضى.

كلمات مبارك حسني في عرس الحبر

ولأن ارتجال الأديب الكبير مبارك حسني أدبٌ في حد ذاته، يليق بعرس الحبر، فقد قال في تدوينة له: "في لحظة ثقافية فارقة، أمس مساء، وعلى غير المتوقع، وجدتني بفرح غامر أدير لقاء تكريم الكاتب المغربي الكبير المتعدد، عبد الحميد الغرباوي، مع تقديم إصداره الأخير، سيدة الصمت النبيل، في إطار معرض الكتاب المستعمل في دربنا التاريخي الأسطوري، درب السلطان، بكل الأحياء التي يضمها، رفقة كتاب من عيار ثقيل أدبًا وإبداعًا... أنيس الرافعي، سعيد منتسب، خالد أخازي، وعبد العزيز أمزيان... ولا يمكن إلا أن ينجح هذا اللقاء... ليصير بالفعل حدثًا ثقافيًا باذخًا..."

الشاعر عبد العزيز أمزيان: شعرية الاحتفاء 

وفي هذا السياق الجميل، قال في تدوينة له الشاعر الفذ عبد العزيز أمزيان:

"غمرتنا سعادة كبيرة، وداهمتنا فرحة لا توصف، بهذا اللقاء الفاخر، والتكريم الباذخ، لكاتب متعدد، ومبدع شاهق، يستمد قوته الإبداعية من مراجع مختلفة، وينهل سحر ابتكاراته من روافد متباينة."

وهذا مقتطف من شهادته في حق القاص والروائي عبد الحميد الغرباوي:
"الكاتب عبد الحميد الغرباوي مبهر في سرده، يكمن تميزه في السلاسة التي تتمتع بها نصوصه، هذه السلاسة التي تعطي الانطباع أن الأحداث التي تُروى، زاخرة بالحياة، مليئة بالمغازي، طافحة بالمعاني الخفية، ومترعة بالأبعاد الإنسانية... ويتجلى أيضًا تفرده في الشخصيات التي تمتلك شرطها الوجودي، وتكتسب بعدها الواقعي؛ شخصيات تلتقي بها في عالمه القصصي، وتأنس إليها، وتألف أنماط عيشها، فتظل معك ردحًا من الزمن، تحفر عميقًا في الذاكرة، وتوشم روحك بزخم من الرؤى، وكثافة من التصورات، وبوارف من الأثر الذي لا يُمحى. يستطيع الغرباوي أن يبعث الحياة في الدروب والأزقة على نحو مدهش، ويزرع الروح في الشخوص بقدر عالٍ من المتعة... خيوط متتالية من الأحداث تجري بدم فائر، وتمضي بنبض خفّاق، كما لو تحدث في الشاشة التي في الواقع؛ تنقلها عين يقظة، وترسلها يد متقدة، غامرة..."

أنيس الرافعي: تكريم يليق بنسر الكتابة الأيقوني

كان القاص المبدع أنيس الرافعي، بهيّ الكلمة كنصوصه، صادق الطوية كحبره، حاضرًا بقوة الكلمة وعمق المبدع، في تدوينة تليق بقاص كبير علّمنا دوما التواضع، قال فيها:

"وكان تكريماً كما يليق بنسر الكتابة الأيقوني، الأديب المغربي الكبير عبد الحميد الغرباوي... الأستاذ الأديب عبد الحميد الغرباوي شاطئ أدبي رحب، ينبسط على مدّ النظر. في رماله النظيفة أحجار كريمة شتى لا حصر لها:

....الماس، وياقوت، وزمرد، وزفير، وتوباز، وكهرمان، ولؤلؤ، وعقيق، وزبرجد، وجمشت، وفيروز... فَقُمْ أيها المقبل على أعماله بجولتك على رِسلك، ثم التقط من جواهره ما طاب لك... ضعها في جيبك الأيمن، أو في بطين قلبك... كذلك، ضع في جيبك الأيسر أو في مخلاة فؤادك ما تيسّر من الزمن؛ هذا الشاطئ الثاني اللامرئي الذي لا تستطيع أن تراه بموازاة الشاطئ الحقيقي... توقف هناك للحظة متسمرًا أمام بحر إبداعه الثري، ثم انتظر الموجة القادمة، الموجات التالية، بمدّها وجزرها، بزبدها ولقِياتها؛ فستحمل لك يقينًا أحجارًا أخرى لامعة، صقيلة، رنانة، ومرصعة بدهشة التصوير، وذهول الإنشاء."

سعيد منتسب: مكتبة على قدمين

الكبير سندباد القصة القصيرة، سعيد منتسب، ورّطنا بورقة جمالية جامعة، صادقة، شاعرية اللغة، كأننا نقرأ نصًا بارتيا متعة" النص النقدي"...، لأنه دشن هذا الدفق بكلمة قاتلة ل "المابعد" ، فصعب الحديث بعده، واختطفنا منه تعبيرًا جميلاً: "عبد الحميد الغرباوي مكتبة على قدمين."

صعبت علينا مهمة القول المغاير، لأنه قال كل شيء عن الغرباوي القاص، الروائي، المترجم، والتشكيلي، وترك لي شخصيا فقط هامش بوح عن الخذلان وعن الغرباوي الحكيم بقفازين...

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الأخبار العاجلة

We use cookies to personalize content and ads , to provide social media features and to analyze our traffic...Learn More

Accept