في اكتشاف علمي غير مسبوق، أعلن فريق من الباحثين المغاربة والبريطانيين عن العثور على أحافير ديناصورات نادرة في الساحل الشمالي الشرقي لمدينة الدار البيضاء، يعود تاريخها إلى ما قبل الانقراض الجماعي الشهير الذي قضى على الديناصورات قبل حوالي 66 مليون سنة. ويعد هذا الاكتشاف من أهم الأدلة على وجود ديناصورات في شمال إفريقيا حتى اللحظات الأخيرة من العصر الطباشيري
ديناصورات قرب المحيط الأطلسي
المنطقة التي تم فيها الاكتشاف تُعرف جيولوجيًا باسم “حوض الدار البيضاء”، وقد كانت في العصر الطباشيري بيئة ساحلية غنية بالحياة، تتميز بتيارات دافئة وتنوع بحري كبير. وتمكّن الفريق العلمي، الذي يضم باحثين من جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، ومعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، بتعاون مع جامعة Bath البريطانية، من استخراج بقايا جماجم وعظام فخذ وأسنان تعود إلى نوعين من الديناصورات:
ديناصورات ذات منقار البط (Hadrosauridae): نباتية ضخمة، لم تكن معروفة سابقًا في شمال إفريقيا.
ديناصورات مفترسة صغيرة من فصيلة Abelisauridae: وهي فصيلة تنتمي للديناصورات ثنائية الأرجل التي كانت تسيطر على القارات الجنوبية.
تحليل دقيق وتاريخ مفاجئ
وُضعت الأحفورات تحت مجهر المختبرات المتقدمة في المغرب وبريطانيا، حيث أُجري عليها تحليل إشعاعي دقيق حدد عمرها بما بين 66.1 و66.3 مليون سنة، ما يجعلها أقدم دليل مباشر على وجود الديناصورات في المغرب قبل الانقراض الجماعي الذي يُعتقد أنه حدث بعد اصطدام نيزك ضخم بكوكب الأرض.
يقول الدكتور نيكولاس لونغريتش، أحد الباحثين المشاركين في المشروع:
"الاكتشاف يكشف أن الديناصورات لم تكن قد انقرضت تدريجيا، بل كانت لا تزال مزدهرة في شمال إفريقيا حتى اللحظة الأخيرة تقريبًا، وهو ما يتناقض مع بعض النظريات التي رجّحت انقراضًا تدريجيًا بسبب تغيّرات مناخية أو جيولوجية."
المغرب… رافد عالمي لعلم الحفريات
لم يعد المغرب مجرّد بلد تُكتشف فيه الأحافير، بل أصبح فاعلًا رئيسيًا في أبحاث الحفريات الجيولوجية العالمية. ويعزز هذا الاكتشاف الجديد مكانة المملكة باعتبارها أحد أغنى الحقول الأحفورية في العالم، خاصة في جهة الأطلس الكبير وحوض الدار البيضاء.
وتأتي هذه النتائج لتكمل اكتشافًا سابقًا نُشر قبل أشهر قليلة، كشف عن نوع جديد من الديناصورات النباتية في وسط المغرب، في منطقة "واد زعيتر"، مما يؤكد وجود شبكة إيكولوجية غنية ومتنوعة كانت تمتد من عمق اليابسة إلى الساحل الأطلسي.
آفاق بحثية وتربوية
ويُرتقب أن تعزز هذه النتائج من جاذبية المغرب في مجال السياحة العلمية والتعليمية، خاصة مع تنامي الاهتمام العالمي بعلوم الحياة القديمة. كما تعكف فرق البحث على إعداد معروضات تعليمية لعرض هذه الحفريات في المتاحف الوطنية والجامعات.