البرلمانية ككوس ومطاردة ظل الفساد: حارس الأمن الخاص هو الفاسد؟!

Last Update :
البرلمانية ككوس ومطاردة ظل الفساد: حارس الأمن الخاص هو الفاسد؟!
خالد أخازي

في برلماننا العتيد، لا تحتاج إلى عدسات مكبرة كي تكتشف أنّ السياسة أحيانًا تتحوّل إلى مسرح للفرجة. فبينما يغرق قطاع الصحة في أزمات بنيوية، تمتد من نقص التجهيزات إلى ارتباك الإدارة، اختارت النائبة نجوى ككوس، عن حزب الأصالة والمعاصرة، أن تشهر سيفها… في وجه حارس أمن خاص عند باب مستشفى ابن رشد.

حزب ككوس ليس مجرد حزب عابر في الحكومة، بل رقم صعب في الأغلبية. الحزب الذي يملك المقاعد والوزراء، ويجلس حول طاولة القرار، ويستطيع ـ إن أراد ـ أن يفرض إصلاحات حقيقية، قرر بدل ذلك أن يمارس هواية التصويب على الحلقة الأضعف. والنتيجة: سؤال برلماني فولكلوري يُدين الحارس المسكين الذي لم يتجاوز ذنبه أنه ظلّ لأزمة أكبر منه.

الحكاية كما روتها ككوس في سؤال كتابي لوزير الصحة تبدأ بشكايات من مواطنين ومرضى يتهمون حراس الأمن داخل المستشفى بارتكاب تجاوزات: التحكم في الولوج، التلاعب بالمواعيد الطبية، وربما طلب بعض "المبالغ الرمزية" لتسهيل الخدمة.

لكن السؤال الجوهري الذي قفزت عليه النائبة هو: لماذا يُترك مصير مرفق حيوي بحجم مستشفى ابن رشد رهينًا بشركة مناولة وحارس أمني بدوام جزئي؟
ولماذا يصبح الحارس في الواجهة بينما الشركات الناهبة تنجو من المساءلة، والصفقات المليونية تمر بلا ضجيج؟

إنه منطق السياسة الكسولة: نبحث عن كبش فداء جاهز، يثير العاطفة ويشغل الإعلام ليومين، دون أن يكلّفنا مواجهة "التماسيح" التي نعرف أسماءها وعناوينها.

لغة السؤال البرلماني نفسها كانت أقرب إلى دغدغة مشاعر انتخابية منها إلى مساءلة حقيقية. فقد نجحت ككوس في تقديم صورة بطولية عن نفسها: نائبة تتلقى شكايات الشعب، تدافع عن المظلومين، وتفتح النار على الفساد… لكنها في الواقع اختارت المعركة الخطأ.

الفساد في قطاع الصحة ليس حارسًا عند الباب، بل هو نظام معقّد يبدأ من تدبير الميزانيات وينتهي في شركات المناولة والموردين والمقاولات التي تحوّل المستشفيات إلى ضيعات للتجارب الإدارية.

إنّ ما فعلته البرلمانية أقرب إلى ما يسميه المغاربة "تسخينات لغوية": كلمات كبيرة، أسئلة عاجلة، عناوين براقة… تنتهي كلها بترك أصل الداء دون دواء.

الأكثر سخرية أنّ ككوس تملك، من موقعها داخل الأغلبية، فرصة ذهبية لمناقشة الاختلالات وجهًا لوجه مع وزراء حزبها، ومع المرأة الحديدية فاطمة الزهراء المنصوري، لوضع خطة إصلاح شاملة تحاصر الرشوة، وتُنهي استعباد حراس الأمن، وتعيد كرامة المريض.

لكن ذلك يتطلب شجاعة سياسية، والشجاعة في زمن الملهاة البرلمانية عملة نادرة.
أما الأسهل فهو تحويل الحارس التعيس إلى بطل أسود في فيلم قصير، والتصفيق في النهاية لأننا "حاربنا الفساد".

في النهاية، يظل السؤال مفتوحًا: هل سيُصلح سؤال فولكلوري واحد ما أفسدته سنوات من السياسات العرجاء؟ أم أنّنا سنظل نلاحق ظلال الفساد بينما الأصل يضحك في مكاتبه المكيفة؟

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الأخبار العاجلة

We use cookies to personalize content and ads , to provide social media features and to analyze our traffic...Learn More

Accept