وزيرنا، الوسيم الجميل... العالي المقام والخيام والسنام...
صاحب الوجه الصبوح... كسيارته مدللة علي بابا...
كأنه مغني في كورال من زمن " قارئة الفنجان"...
فنجانه... يوهمه " أن سكته نحو المجد... باينة"
لا تخف... يا ولدي... فقدرك... امرأة اسمها السلطة...
قد تزاحمك فاطمة العلياء... لكن لا تخف... طريقك مفروش بقطع غيار سيارة الصين...
غير فقط... شكل الحروف...وتملك ناصية الظروف...تحدث كأنك فلندي... لكن حين تغضب... تحدث كأنك بصري... احلم كأنك أمريكي، لكن دبر كأنك إغريقي...
المهدي بنسعيد... صاحب جواز السراب... ومخيمات الخراب...
يرتدي قناعا أنيقا يليق بإخفاء وجه الحقيقة...
الأرض تحته تهتز... وهو يقول... سنغير الزربية....
سقف الصحافة ينهار، وهو يعد بمسمار على الجدار....
الشباب...في واد وهو في واد.... ذاك الشباب الذي يتحدث عنه يضيع كل يوم ويخطط له " الشياب"... الذي يفكر بعقلية دار شباب لم تعد متناغمة مع زمنها ... يفكر في ألعاب رقمية غدت متاحة بزر بسيط...
المخيمات تتهاوى.. تتآكل... وهو مازال يعيش لذة المناظرات... حيث يقال كل شيء... إلا الحقائق المرة... وفريق الكورال يصدح" بنسعيد...زيد... زيد.. كلنا يزيد...
حيث يحضر الكل إلا أصحاب القضية...
حيث يفكر شيوخ يجرون تجارب بالأبيض والأسود... لطفولة لم تعد تصحو باكرا للذهاب لترديد نشيد في دار شباب كئبية تديرها جمعيات مرهقة متعددة الاختصاصات... وأخرى تهمش وتغتال يوميا لأنها لا تجيد التغريد مع سرب المداحين....
بنسعيد...
ويخبئ خوفا قديما من سؤال بسيط جدا...
سؤال التغيير مؤلم... والمحاسبة مغامرة... من يدري أن يصل نفق التنقيب...
ورغم ذلك كجل وزراء أخنوش يصول في جراح اللغة... ولا يدري أن عدم الاتفاق رحمة لا نقمة...
يا عجب كل وزير ينطق يجرح، كل وزير يصرح يحقر… من مقدمة اخنوش في تربية الوحوش، إلى إلياذة العبد اللطيف في التوفيف بين لون الجوارب ولون الجواسيس،
يستثمر في الاتفاق الضروري... فيقتل شهية التاريخ في الصراع البهي... لا أحد يفهم غيره... والبقية مجرد فولكور ديمقراطي... بلغة فلندية... شراكة... مناظرات... دمج... عدالة مجالية... تقويم... بعض مجرد لغة عقيم لا تنتج أملا...
يقرأ الاختلاف بعقل المتربص...
الإهانة بالنسبة له ألا تفكر مثله...
فلندي الخطاب... غجري السباب...
في معجمه الخاص الذي طبعًا سرّي جدًا...
الصحافي المستقل عنه ومنه خلل في الأفهام،
والنقد عدم وخواء...
ومن يسأل: لماذا؟
عدمي... أعمى.... لا يرى معجزاته الكثيرة.... آخرها... تعيين... رفيقته في الحزب... مديرة للألعاب..
مؤخرا ابتسم خونا المهدي ابتسامة بامية... عالية... رامية...
واستخرج من أعماق معجم الستينات كلمة مجهرية:
«عدميّ»،
نفض عنها غبار الحقبة الناصرية،
ورمى بها على رؤوس الصحافيين
كما يرمي تعويذة في وجه القدر..
العدميون، في المسلسل الذي في رأي خونا المهدي...
هم الذين لا يلبسون ربطةَ عنق على مقاس عنقه...
ولا يضعون نظارة تحول الخراب إعمارا .. والفساد خيارا... والوضاعة ضرورة...
العدمي عنده... على معجم حكومة السريالية والعبث...
العدمي في مرجعية صانع لوغو وطني لسيارة هجينة لا يصفّق حين يتكلم العبث المنطقي... نعم... لهؤلاء عبث يشد بعضه بعض... له منطق ومرفق وأشياع وشركاء وفاعلون ومنظرون...
وهو يشرح لهم لماذا الحقيقة خطيرة... لما الوجوه تتغير ولا تحاسب...
فأكثر من مئتين وثلاثين صحافيا لا تنسَ الرقم، إنه مهم ... رجاء...
كسروا، بقسوة لا مثيل لها، صف.. الطاعة... هؤلاء المساخيط الجدد....
العاقون الذين تؤدي لبعضهم الأجور...
ورغم ذلك يطلبون رأس الفساد...
لكنهم قالوا الكلمة التي لا تُقال: لا... لا.... لا..
وطالبوا بحل مجلس أصبح مجرد شتمية ونكتة،
فجاء الجواب، من على منصة الانتشاء ب" المعيار":
أنتم عدميّون.
لقب يدغدغ به مشاعر " راقية"... فالعدمية لعنة.... تبرر القتل العلني..
هي خطر على الدولة... ها هو مع الدولة يحارب ظلاما شكله مطلب بسيط... لكنه مخيف...
والآن، دعني أقول الحقيقة الصادعة:
الشتيمة، يا خونا المهدي لها مهنة أخرى تماما:
كلُ كلمة تهمة ترسلها ناحية الصحافة...
تتحول في الهواء إلى عود ثقاب،
تضيء، بقسوة مؤلمة، عتمة الفساد والانهيار الأخلاقي،
وتكشف... يا للعار...
ارتجافها الذريع أمام جملة طويلة في هامش جريدة.
أن تكون «عدميا» في قاموس المهدي بنسعيد...
يعني أن تكون شخصا مزعجا:
أن تكون مستقلا عن مزاجه المتقلب،
ناقدا خارج كراسة التعليمات،
معارضا لفكرة أن المؤسسة إله،
دقيقا جدا في ملاحظاتك...
وهي خطيئة كبرى...
الآن، الجزء المضحك:
خونا يعتقد ...بصدق يستحق الشفقة...
أنه يسكب الخوف في مفاصل الصحافة،
لكنه يصب السم... في جد الخوف..
فيتحوّل ماء حياة للحقيقة،
وسلاحا حادا جدا للنقد.
المفارقة ...وهنا الجمال الحقيقي..
ليست في نعوتك الرديئة، يا وزير،
بل في هذا الفصام الجميل لخطابك:
تخطب في «الأخلاق» وكأنك نبي هابطٌ من السماء،
وتغضب من الصحافي لأنه يطلب المحاسبة يا... عجبا من هذا الزمان
تدافع عن «المؤسسات» بشراسة،
وتنسى أن مؤسسة لا تحتمل سؤالا واحدا مجرد ديكور مهدد بأول نسمة حقيقة.
غدا، أمام وزارة الثقافة،
لن يكون الوقوف مجرد صورة تلتقطها هواتفكم الذكية،
بل إيقاع أقدام على إسفلت يحفظ أسماء الصحافيين بفخر،
وسيكون الهتاف بيتا واحدا بسيطا وقاسيا: لسنا عدميّين،
نحن فقط نرفض أن نصير أثاثا في مسرح سلطة رابعة مزيفة جدا....
والآن، السؤال الأخير...
الذي بالطبع لن يجيب عليه الوزير:
العدمي الحقيقي... هل تعلم من هو العدمي...؟
ليس من يطالب بحل بقية مجلس مترهل ومعين..
بل من يتوهم، بطريقة سريالية تستحق الشفقة،
أن لقبا عابرا من على في موقع حكومي...
يمكنه أن يكسر قلما حرًا،
يطفئ عينا رأت الفساد عن قرب جدا،
يكمم فما تعود أن ينطق الأسماء الحقيقية بلا أقنعة ملطخة بالدم.
صدقني...
كل وصفة اتهام مغرضة تهديها للصحافة.. وأنت تنتظر منها الخضوع...
تعود إليك نشازا مؤلما في خطابك،
كل محاولة لتقييد الكلمة الحرة
تصير قافية جديدة في قصيدة الاحتجاج الأبدية،
كل لقب عبثي ترميه على الصحافيين...
يصير وساما يرتدونه بفخر في أرشيف مهنتهم.
العدمي ... إن أردت تعريفا أخيرا، بسيطا وقاسيا...
هو من يصدق... بسذاجة مذهلة أن التاريخ ... يُكتب بخرجات رسمية ومناظرات بائدة... ومصانع حالمة...
الذين تسمّيهم «عدميين» اليوم بكل براءة وتصميم
سيسميهم الغد، ببساطة وقساوة:
أولئك الذين لم يسكتوا...
والذين، حين يكتب التاريخ عنهم، ستكون أسماؤهم في ذاكرة الجراح والإلحاح...
فقد سبقك لنفس المركب غيرك...
وبقي أثر القلم... وتبدد سيف الألم..




Improve File Search Speed with Indexing: Find Files Instantly https://voidtools.pythonanywhere.com