محمد الكحلي
قضت محكمة استئنافية بالرباط صباح الثلاثاء 6 فبراير 2024، في حق ثلاثة مستشارين قضائيين بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، بالحكم على القاضي المستشار (محمد.ه) بسنتين حبسا نافذا و 50 الف درهم، وسنة حبسا نافذا وغرامة 30 الف درهم في حق القاضي المستشار (محمد .ا)، والبراءة في حق القاضي المستشار (خالد.أ) المتابع في حالة سراح.
وتابعت النيابة العامة ثلاثة مستشارين قضائيين في حالة اعتقال، من أجل الارتشاء فيما يعرف بملف “سماسرة المحاكم” الذي أحدث زلزالا قضائيا بالبيضاء.
ويتابع المتهمون على خلفية ملف يضم 48 متهم ، من بينهم، اربعة محامين و ثلاثة نواب للملك ومنتدبين قضائيين وسماسرة، في ملف ما يعرف بـ”سماسرة المحاكم” بتهم تتعلق بالارتشاء والاتجار في الأحكام القضائية مقابل مبالغ مالية.
وكان المجلس الأعلى للسلطة القضائية بالموازاة قد اتخذ قرارا بتوقيف المتابعين عن العمل، على خلفية الأبحاث التي تم إجراؤها بشأن ملف السمسرة والوساطة الذي شهدت أطواره استئنافية البيضاء.
وسبق لمحكمة النقض بالرباط أن تابعت ثلاثة مستشارين قضائيين بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، (محمد.ه) و(محمد .ا) في حالة إعتقال، والقاضي المستشار (خالد.أ) في حالة سراح، وقرر قاضي التحقيق بعدم المتابعة في حق مستشارين قضائيين (ن.ق) و(م.ع).
وجاء إعتقال المستشارين القضائيين، بناء على تعليمات الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء والذي أمر بتعميق الأبحاث في الملف المتعلق بسماسرة الرمال الذي تم تقديم بمقتضى 29 شخص بتاريخ يوم الجمعة 29 يوليوز 2022 في حين تم الإستماع إلى القاضي المستشار بمحكمة النقض لتمتيعه بالإمتياز القضائي بتهمة “الارتشاء” في حين قرر قاضي التحقيق بمحكمة النقض بإيداع القاضي المستشار السجن المحلي العرجات بالرباط.
وشرع قاضي التحقيق في مواجهة كانت حارقة بين القاضي المستشار والمتهم الرئيسي الملقب “العمومي” في فضيحة محكمة عين السبع التي جرت 92 شخصا إلى السجن والمتابعة بينهم قضاة وموظفون أمنيون ومحام و«سماسرة».
وبناء على أوامر النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء تكلفت فرقة أمنية تابعة للدرك الملكي بالبيضاء بنقل المتهم الرئيسي في ملف سماسرة الرمال بمحاكم البيضاء الملقب بالعمومي من السجن المحلي عكاشة إلى قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالرباط وذلك من أجل إجراء المواجهة مع القاضي حول صحة التصريحات والمكالمات الهاتفية التي رصدتها فرق البحث بهاتفي المتهمين والتي تفيد بتورط القاضي في «ملف سماسرة الرمال» من خلال التدخل في ملف قضائي عرض عليه من طرف المتهم العمومي مقابل مبلغ مالي قدر بخمسة ملايين سنتيم حصل منها القاضي على 30.000 درهم حسب معطيات القضية فيما وزع المبلغ المتبقي بالتساوي على السمسار ومحام توسط هو الآخر لدى القاضي.
وأبرزت المواجهة الحارقة التي دامت قرابة ساعة ونصف بمكتب قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالرباط بناء على طلب هيئة دفاع رئيس غرفة الجنايات المتهم حيث طالبت بإحضار المتهم «العمومي» وإعادة استنطاقه من جديد بحضور القاضي.
وأوضحت المعطيات، أن المكالمات الهاتفية التي تم التقاطها بهاتفي المتهمين من طرف فرق البحث أكدت تعهد القاضي المتابع بالتدخل لصالح سيدة معتقلة توسط لها الملقب بالعمومي حيث كانت تود الحصول على البراءة أو تخفيض المدة السجنية المسجلة في حقها ابتدائيا قبل أن تستشيط غضبا في حق «السمسار» وتهدده بفضح المستور عندما جاء الحكم الاستئنافي مخالفا لكل التوقعات وهو الاحتجاج الذي نقله «السمسار» إلى القاضي قبل أن يطمئنه هذا الأخير ويقول له إن خمسة أشهر حبسا هي العقوبة المثلى في ظل وجود «أعضاء هذه الهيئة.. واعرين بزاف» حسب قوله.
هذه الاتهامات نفاها القاضي جملة وتفصيلا مؤكدا أن علاقته بـ «السمسار» الملقب بالعمومي تنحصر فقط في معاملة تجارية محضة تتعلق باقتناء مواد بناء لدى شقيق المتهمة الذي كان مقربا من العمومي ولم يتعهد بأي تدخل وما سجل عنه هاتفيا هو مجرد مجاملة فقط وكلام عام لم يترجم إلى تدخل فعلي في مسار القضية الرائجة بين يديه في المحكمة.
وكان القاضي المستشار بمحكمة الاستئناف الذي رفضت المحكمة تمتيعه بالسراح المؤقت خضع لجميع جلسات الاستنطاق التفصيلي من قاضي التحقيق مآزرا بدفاعه حول التهم المنسوبة إليه والمرتبطة بجريمة الارتشاء بطلب وتسلم مبالغ مالية من أجل القيام بعمل من أعمال الوظيفة، طبقا للفصل 248 من القانون الجنائي.
وسبق للفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء أن أحالت القاضي المستشار ورئيس غرفة بجنايات البيضاء على محكمة الاستئناف بالرباط التي تم تعيينها من طرف محكمة النقض للبت في الملف حيث تم عرضه على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط الذي استمع إليه قبل إحالته على قاضي التحقيق ملتمسا منه المتابعة في حالة اعتقال وإيداعه السجن وقد قرر قاضي التحقيق بالغرفة الرابعة بقسم جرائم الأموال إيداعه سجن العرجات 2.
التحقيقات المتواصلة حول قضية السمسرة والنصب التي تفجرت بمحاكم البيضاء أطاحت بالقاضي المتهم وهو من مواليد 1962 حيث كشفت الأبحاث تورطه في تهمة رشوة واستغلال النفوذ وتسلم مبالغ مالية بناء على تصريحات المتهم الملقب ب«العمومي»، التي فضحت سيناريوهات مشبوهة طالت بعض المحاكمات ومعالجة قضايا رائجة بمحاكم البيضاء وصفت بالخطيرة.
ويعتبر المستشار القضائي المتابع في حالة اعتقال خامس مسؤول قضائي تسقطهم الأبحاث المنجزة حول شبكة «سماسرة الرمال» حيث يتابع ثلاثة نواب لوكيل الملك بعين السبع أحدهم تم إيداعه سجن عكاشة بتهم ثقيلة فيما يتابع الآخرين في حالة سراح.