جلالة الملك محمد السادس رسالة إلى المشاركين في الندوة الدولية التي ينظمها البرلمان بغرفتيه ابتداء من يومه 6 من الشهر الجاري إلى السابع منه، حول “التجربة المغربية في مجال العدالة الانتقالية”، تحت الرعاية السامية الملكية، وضمان فعاليات تخليد الذكرى العشرين لإحداث هيئة الإنصاف والمصالحة.
وفي هذا الصدد تلت آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الرسالة الملكية السامية والتي حملت دلالة حقوقية وإنسانية وتارخية وقيمية قوية، حيث حددت أهداف التجربة بدقة ليس” تحقيق المصالحة الوطنية ومعالجة انتهاكات الماضي، بل جعل العدالة الانتقالية أيضا ضمن أولويات خيار الانتقال الديمقراطي.
وأنعشت الرسالة الذاكرة الجماعية بالسياق الوطني والدولي الذي تبلورت فيه لدى المغاربة حينها، دولة ومجتمعا، ما وصفه جلالة الملك بالرؤية الاستباقية لعمق التحولات التي دخلها العالم نهاية الثمانينيات من القرن الماضي ولأهمية القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان ضمن الاختيارات الاستراتيجية.
وفي السياق ذاته وصفت الرسالة الملكية التجربة المغربية في مجال العدالة الانتقالية بالشفافية والموضوعية، مؤكدة على أنها “فرصة لتذكير الأجيال الحالية والمقبلة بما راكمته المملكة من إصلاحات ومصالحات، في إطار من التوافق والجرأة في قراءة تاريخنا وماضينا دون عقد أو مركب نقص“
وذكرت الرسالة الملكية بمسار مأسسة إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة، باعتبارها حسب الرسالة استمرارا للهيئة المستقلة لتعويض ضحايا الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي، التي كان قد أحدثها الملك الراحل الحسن الثاني مؤكدا جلالته على الطابع السيادي للقرار ضمن مسار طوعي لتدبير الشأن العام يقوم على مفهوم جديد للسلطة وعلى مسؤولية المؤسسات ومحاسبتها لضمان كرامة كل المغاربة.
وفي السياق نفسه أكدت الرسالة الملكية على أن العدالة الانتقالية في المغرب استندت على أسس صلبة، منها التاريخية المرتبطة بخصوصية الشخصية المغربية، ومنها المجالية والجغرافية، محددة أن الهدف كان هو الاهتمام بكل الضحايا على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم، والانكباب على كل الانتهاكات لحقوق الإنسان من السنوات الأولى للاستقلال إلى تاريخ إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة.
وأضاف جلالة للملك أن هذه الإرادة السيادية هي التي مكنت من تحديد وتحليل كافة أوجه وأشكال الانتهاكات التي شهدتها بلادنا في الماضي كيفما كان نوعها وحجمها والقيام بالتحريات الميدانية والتحقيقات اللازمة وتنظيم جلسات استماع عمومية في المدن والقرى وأخرى لاستقاء الشهادات بهدف كشف الحقيقة المتوفرة وجبر الأضرار الفردية والجماعية مع مراعاة بعد النوع؛ وبالتالي تعزيز المصالحة بين المجتمع المغربي وتاريخه.
وثمنت الرسالة الملكية جانبا مضيئا ومتميزا للتجربة المغربية في العدالة الانتقالية، متجليا في انخراط المجتمع المدني بكل أطيافه في بلورة وإنجاح العملية، مؤكدة على ما حظي به من اهتمام كبير لدى الرأي الوطني والرأي العام الدولي، مذكرة بكون قرار العدالة الانتقالية فتح الفضاء العام أمام نقاشات عمومية وحوارات مجتمعية حول مختلف الإصلاحات والقضايا الجوهرية، ومسلطة الضوء في الآن نفسه على قوة هذا القرار المرتبط بالعدالة الانتقالية في تعزيز الوعي الجماعي بشأن مناهضة انتهاكات حقوق الإنسان، مستحضرة أيضا مجمل الدروس التي تم استخلاصها من هذه التجربة، مؤكدة على ضرورة مواصلة ترسيخ أسس دولة الحق والقانون، بما يضمن احترام الحقوق والحريات وحمايتها ويوازن بين الحق في ممارستها بروح المسؤولية والمواطنة الملتزمة والتقيد بالنهوض بالواجبات.
وذكرت الرسالة بالمسار المؤسساتي لهذه التجربة بدءا بوضع إطار ناظم لإصلاحات مجتمعية واسعة بما فيها الدستورية والتشريعية، وإنشاء آليات تشاورية ومؤسساتية بهدف القطع مع انتهاكات الماضي وترسيخ تدبير عمومي يعتمد قواعد دولة الحق والقانون وإبراز ديناميات مجتمعية متجددة.
وأعربت الرسالة الملكية عن حرص جلالته على إعطاء لحقوق الإنسان في الدستور والقوانين والسياسات العمومية مدلولها الواسع، الذي يمتد من السياسي إلى البيئي مرورا بالاقتصادي والاجتماعي والثقافي، موضحا السياق العام الوطني لإحداث المؤسسات والآليات الدستورية الضرورية لحماية حقوق الإنسان في أبعادها المختلفة.
وأوضح جلالته أن العدالة الانتقالية بالمغرب شكلت تجربة متفردة ورائدة أحدثت طفرة نوعية في المسار السياسي الوطني ومكنت من تحقيق انتقال ديمقراطي سلس ومتوافق بشأنه وإقرار ممارسات فضلى على درب استكمال أسس دولة الحق والمؤسسات، مسجلا أن توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، طرحت مقترحات همت أيضا السياسيات العامة والعمومية، فضلا عن التشديد على الحاجة لتعزيز الحماية الدستورية لحقوق الإنسان.
Yenimahalle su kaçak tespiti Aile Dostu Hizmet: Evde çocuklar olduğu için hızlı ve sessiz çalıştılar, teşekkür ederiz. https://www.bseo-agency.com/ustaelektrikci