نذير اخازي
أصبحت ظاهرة شغب الملاعب في المغرب تأخذ أبعادًا مقلقة، حيث يتحول حب كرة القدم، الذي يُفترض أن يكون مصدر فرح ووحدة، إلى مأساة لكثير من الشباب والعائلات. فالشباب الذين يندفعون خلف هذا السلوك يجدون أنفسهم في مواجهة مع القانون، حيث يُتابع أغلبهم بالفصل 507 من القانون الجنائي، ما يؤدي إلى صدور أحكام تصل إلى 10 سنوات سجناً نافذاً، وبهذا ينتهي بهم المطاف خلف القضبان، بدلاً من تحقيق أحلامهم المستقبلية.
يشكل الشباب الذين ينخرطون في شغب الملاعب شريحة عمرية تتراوح غالبًا بين 16 و25 سنة. هؤلاء ليسوا مجرمين بالفطرة، بل هم طاقة حيوية تبحث عن متنفس للتعبير عن ذاتها في ظل واقع اجتماعي مليء بالتحديات. لكن غياب التوجيه وضعف الوعي بأهمية الحفاظ على قيم الروح الرياضية يقودهم إلى الانزلاق نحو العنف، ما يجعلهم عرضة للمساءلة القانونية.
الأحكام القاسية التي تُصدر في حق هؤلاء الشباب لا تؤثر عليهم فقط، بل تتجاوز ذلك لتشمل عائلاتهم، التي تجد نفسها غارقة في المعاناة النفسية والمالية والاجتماعية.
- آباء وأمهات في دوامة الألم: يعيش الآباء والأمهات صدمة كبيرة وهم يرون أبناءهم خلف القضبان، عاجزين عن إنقاذهم أو إبعادهم عن مصير أليم.
- ضياع مستقبل الأبناء: الشباب الذين يُسجنون يفقدون فرصة استكمال دراستهم، مما يقلل من حظوظهم في الحصول على فرص عمل مستقبلاً.
- وصمة اجتماعية: تعاني العائلات من نظرة المجتمع القاسية، وكأنها مسؤولة عن تصرفات أبنائها.
يمكن إرجاع تفاقم ظاهرة شغب الملاعب إلى عدة أسباب:
- الفقر والتهميش: غياب فرص العمل والأنشطة الترفيهية البديلة يجعل الملاعب ملاذًا للشباب المحبط.
- الفراغ التربوي: ضعف التوجيه من الأسرة والمدرسة يترك الشباب عرضة للتأثر بالسلوكيات السلبية.
- ضعف الردع الرياضي: غياب برامج التوعية داخل الأندية والجمعيات الرياضية التي تساهم في نشر الروح الرياضية.
ماذا بعد؟ حلول لإنقاذ الشباب
إن معالجة هذه الظاهرة تتطلب جهدًا مشتركًا بين جميع الأطراف، من الحكومة إلى الجمعيات والمجتمع المدني:
- إعادة النظر في القوانين: يجب أن تركز العقوبات على إعادة التأهيل بدلاً من السجن فقط، مثل فرض برامج تدريبية أو خدمات اجتماعية.
- تعزيز التوعية: إطلاق حملات توعوية في المدارس والملاعب حول خطورة الشغب الرياضي.
- خلق بدائل: توفير أنشطة رياضية وثقافية تعطي الشباب متنفسًا إيجابيًا بعيدًا عن العنف.
- دعم العائلات: إنشاء مراكز استشارية تقدم الدعم النفسي والقانوني للعائلات المتضررة.
شغب الملاعب ليس مجرد قضية رياضية، بل هو مؤشر على أزمة اجتماعية أعمق. إن الشباب الذين يُسجنون بسبب اندفاع لحظي هم ضحايا واقع معقد يحتاج إلى حلول جذرية. التعاطف مع هؤلاء لا يعني تبرير أفعالهم، بل محاولة فهم ظروفهم والعمل على إنقاذهم من طريق الضياع. لأنهم، في نهاية المطاف، يمثلون مستقبل المغرب، وأملنا الوحيد هو تحويل طاقاتهم السلبية إلى إبداع يسهم في بناء وطنهم، بدلًا من أن تتحول حياتهم إلى مآسٍ خلف القضبان.
عذراً التعليقات مغلقة