زينب العدوي أمام البرلمان: المساءلة الحقيقية هي الكفيلة بترسيخ ثقة المواطنين في مؤسساتهم

آخر تحديث :
زينب العدوي أمام البرلمان: المساءلة الحقيقية هي الكفيلة بترسيخ ثقة المواطنين في مؤسساتهم
تمغربيت24

في واحدة من أكثر المحطات البرلمانية أهمية هذا العام، قدّمت زينب العدوي، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، يوم 15 يناير 2025، تقريرًا شاملاً حمل تحذيرات صريحة ورؤية جريئة لمعالجة أزمات تتشابك بين التقاعد، الفساد، والإدارة المالية. الخطاب لم يكن مجرد استعراض للمعطيات، بل جرس إنذار يطالب بتحرك عاجل لاستباق انهيارات قد تعصف بالاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.

صندوق التقاعد: أزمة تتطلب تدخلًا عاجلًا

الصندوق المغربي للتقاعد، الذي يُفترض أن يكون صمام أمان للمستفيدين، بات أقرب إلى أزمة وجودية. وفقًا للعدوي، بلغ العجز التقني 9.8 مليار درهم في 2023، مع توقع نفاد الرصيد الاحتياطي، البالغ حاليًا 65.8 مليار درهم، بحلول عام 2028 إذا استمرت وتيرة العجز.

دعوة العدوي للإصلاح لم تكن مجرد توصية، بل مطلب حتمي للحفاظ على استدامة النظام. وأكدت أن استثمارًا قدره 143 مليار درهم خلال الفترة 2020-2027 سيكون أساسيًا لسد الفجوات المالية وإعادة هيكلة النظام بما يتلاءم مع تحديات المستقبل.

الفساد: تفاصيل تكشف عمق الخلل

في ملف الفساد، أعلنت العدوي عن إحالة 18 ملفًا جنائيًا إلى القضاء، تتعلق بتجاوزات في تدبير المال العام. كما أشارت إلى تدقيق 6,283 حسابًا من قبل المجلس الأعلى للحسابات، ما أدى إلى إصدار 1,068 مذكرة ملاحظات، تعكس ثغرات خطيرة في إدارة الموارد العامة.

أما المحاكم المالية، فقد أصدرت 2,735 قرارًا نهائيًا، ساهمت في استرجاع 70.98 مليون درهم لصالح الأجهزة العمومية، مع إبراء ذمة حسابات بمبلغ 28.28 مليون درهم. ومع ذلك، أكدت العدوي أن هذه الأرقام، رغم أهميتها، ليست كافية لطي صفحة الفساد، بل خطوة ضمن مسار طويل لتعزيز النزاهة والشفافية.

الاستثمار والجهوية: طموحات تصطدم بالواقع

لم تغفل العدوي قضية الاستثمار العمومي، حيث لفتت إلى تضاعف نفقاته من 52.3 مليار درهم في 2015 إلى 119.2 مليار درهم في 2023. لكنها حذرت من غياب أدوات كفيلة بضمان فعالية هذه الاستثمارات، داعية إلى ترشيد النفقات وتعزيز الشراكات مع القطاع الخاص.

كما انتقدت البطء في تنفيذ ميثاق التمركز الإداري، مشيرة إلى أن نسبة إنجازه لم تتجاوز 36% حتى أكتوبر 2024. وأكدت أن تحقيق الجهوية المتقدمة يتطلب تسريع تفويض الاختصاصات وتحسين التنسيق بين الجهات والمصالح المركزية.

الإجهاد المائي وإعادة الإعمار: تحديات إضافية

على صعيد البنية التحتية، شددت العدوي على ضرورة مواجهة أزمة الإجهاد المائي، التي تستدعي استثمارًا بقيمة 143 مليار درهم ضمن البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي. كما تناولت جهود إعادة إعمار منطقة الحوز بعد الزلزال، مشيرة إلى أن النفقات تجاوزت 9.5 مليار درهم حتى أكتوبر 2024، في خطوة تهدف إلى استعادة الحياة الطبيعية للمتضررين.

رسالة العدوي: الإصلاح أو المواجهة مع المجهول

لم يكن خطاب زينب العدوي مجرد عرض للبيانات، بل دعوة صريحة للحكومة والمؤسسات المختلفة لتحمل مسؤولياتها. أمام أزمات تتشابك بين التقاعد، الفساد، وإدارة الموارد، يبدو المستقبل معلقًا على قدرة المغرب على اتخاذ قرارات جريئة وإصلاحات جذرية تُعيد رسم المسار التنموي، مما جعل العدوي تؤكد أن الطريق إلى الاستدامة يتطلب رؤية مشتركة، شجاعة في التنفيذ، ومساءلة حقيقية تُرسخ ثقة المواطنين في مؤسساتهم. الإصلاح لم يعد خيارًا، بل ضرورة بقاء.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الأخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق