شهادات طبية تزج بالمظلومين في غياهب السجون: مأساة أب اتهم ظلمًا بهتك عرض طفلته

Last Update :
شهادات طبية تزج بالمظلومين في غياهب السجون: مأساة أب اتهم ظلمًا بهتك عرض طفلته
خالد أخازي

في قلب الدار البيضاء، حيث يُفترض أن تكون الخبرة الطبية سهلة ومتاحة في قضايا حساسة، يسقط أب بريء في قبضة الظلم بسبب ورقة مزورة.

شهادة طبية كانت كافية، من طبيبة نكثت بقسمها وخالفت قيم أشرف مهنة، خلافا لكثير من زملائها الذين كرسوا حياتهم لإنقاذ أرواح الناس في أصعب الظروف، حررت شهادة لم تُكتب بالضمير المهني، ولا الحس الإنساني، ولا البعد العلمي، بل بالحبر الأسود الذي يعميه الجشع والعماء الوجداني.

وفي هذا الصدد، تمكنت الزوجة الغاضبة من اتهام الأب بهتك عرض فلذة كبده، وإن ظل يرفع صوته بالبراءة، للأسف قطعت آلة التحقيق العمياء طريقها وليس لها من دليل غير شهادة طبية وتحقيق لم يرق مهنيا لحجم القضية المصيرية.

كان الثمت غاليا: عشر سنوات من عمره تمزقت في اليأس خلف القضبان. بينما الجلاد الحقيقي طليق، يختبئ خلف توقيع مزور لطبيبة خانت قسمها، وباعت روحها للشيطان لمن يدفع أكثر.

في هذا السياق، كشف فجر رشيد حمدان، المنسق الوطني للمنظمة المغربية لحريات حقوق الإنسان لمنابر صحفية، عن تفاصيل هذه الفضيحة التي تفوح منها رائحة الإهمال والتواطؤ، وتعيد سؤال: متى ستخرج من المقاربة التقليدية للتحقيق ونعتمد الخبرة الطبية لكل ملف من شأنه تغيير مصائر الناس بمجرد وثيقة، حتى وإن صحت تظل تحت سلطة تقديرية للطبيب؟

رجل متهم بهتك عرض ابنته، بناءً على شهادة طبيبة موقوفة اليوم بسبب تورطها في تزوير وثائق طبية.

شهادة واحدة كانت كافية لتحطيم حياته، رغم أنه لم يلتقِ بابنته منذ أشهر قبل تقديم الشكوى. لم يسأله أحد، لم يمنحه أحد فرصة للدفاع عن نفسه، لأن توقيع الطبيبة كان كافيًا لإغلاق الأبواب في وجهه وإلقائه إلى ظلام السجن.

لم تتوقف الطبيبة عند هذا الحد، فقد منحت شهادة طبية لشخص متوفى، وكأنها تمنح صكوك الغفران لمن لا يستطيع النطق أو الاعتراض. كم شخصًا آخر سقط ضحية؟ كم روحًا دُمرت؟ كم حياةً أُهدرت بسبب ورقة تحمل ختمًا مزورًا؟ كم أمًا فقدت ابنها؟ كم طفلًا عاش يتيمًا بينما والده على قيد الحياة، لكنه محكوم عليه بالنسيان خلف القضبان؟

قانونيًا، تشكل هذه الواقعة انتهاكًا جسيمًا لمبادئ العدالة الجنائية، حيث يعد تزوير الوثائق الطبية جريمة يعاقب عليها القانون المغربي وفقًا للفصل 366 من القانون الجنائي، الذي يجرّم صنع أو استخدام وثيقة مزورة بنية الإضرار بالغير.

كما أن إصدار أحكام قضائية استنادًا إلى أدلة غير محققة يتعارض مع مبدأ المحاكمة العادلة، الذي تكفله المواثيق الدولية والدستور المغربي في فصله الـ 120، والذي يضمن حق كل متهم في محاكمة عادلة تستند إلى تحقيق نزيه ودقيق.

في هذا السياق، تبرز الضرورة الملحة وإلزامية الخبرة الطبية الشرعية في القضايا الجنائية التي قد ترهن حياة الناس وراء القضبان، ذات الطابع الحساس، بحيث لا يُعتد بأي شهادة طبية فردية دون مراجعة من هيئة طبية محايدة مع الحق في رأي طبي ثان ومضاد.

كما أن إعادة التحقيق في القضايا التي يثبت فيها وجود أدلة مزورة ليست مجرد خيار قانوني، بل واجب يفرضه مبدأ الإنصاف.

لا شيء يعيد السنوات الضائعة، لا شيء يمسح أثر القهر من قلب رجل بريء، ولا شيء يعوض ابنته عن عناق كان من المفترض أن يكون حقها، لا جريمة تستحق هذا العقاب سوى الجريمة التي ارتُكبت ضده. أي عدالة هذه التي تستند إلى أكاذيب؟ أي قضاء هذا الذي لا يتحقق قبل أن يحكم؟ التحقيق ليس رفاهية، والبحث عن الحقيقة ليس خيارًا، بل هو الحد الفاصل بين العدالة والظلم، بين الإنصاف والجريمة.

وراء القضبان، يجلس رجل يحصي أيامه المسلوبة، يخط بيده على الجدران قصة لم يسمعها أحد، لأن صوته غرق في ضجيج الشهادات الطبية الملفقة.

العدالة الحقيقية ليست في الأحكام، بل في التأكد من أنها صدرت بحق من يستحقها. هذه الفضيحة ليست مجرد خبر عابر، إنها مأساة إنسانية وقانونية تفرض علينا أن نسأل: كم بريئًا آخر ينتظر دوره في قفص الظلم بسبب شهادة طبية عرف كيف يحصل عليها بتوجيه من بوابة المستشفيات ؟

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الأخبار العاجلة

We use cookies to personalize content and ads , to provide social media features and to analyze our traffic...Learn More

Accept