عادت ظاهرة الغش في مباريات التوظيف لتثير نقاشًا حادًا في الأوساط المغربية، عقب كشف الأستاذ الجامعي والإطار القضائي السابق، الدكتور عبد الكبير الصوصي العلوي، عن واقعة محاولة غش خلال مباراة توظيف المنتدبين القضائيين من الدرجة الثالثة، التي جرت يوم الأحد 22 يونيو 2025.
الصوصي العلوي، المعروف باشتغاله السابق في الوكالة القضائية للمملكة وتدريسه بكلية الحقوق، نشر تدوينة مرفقة بصور لمحادثة تلقاها صباح يوم المباراة من مترشحة، أرسلت له صورة لورقة الامتحان من داخل القاعة، تطلب فيها مساعدته في الإجابة على الأسئلة.
وقد عقّب الصوصي العلوي على الحادثة بلهجة ساخرة قائلاً: "اللي ما عندو هم تولد ليه نمرتو"، في إشارة إلى مدى الاستهتار الذي أصبح يطبع سلوك بعض المترشحين، حتى في مباريات تتعلق بمناصب ترتبط مباشرة بمنظومة العدالة والقانون.
الواقعة أثارت سخطًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، لما تحمله من تحدٍ خطير لقيم النزاهة وتكافؤ الفرص، خاصة وأن المباراة المعنية تستهدف توظيف أطر في قطاع يفترض فيه أن يكون قدوة في احترام القانون.
وكانت وزارة العدل قد أعلنت في أبريل 2025 عن فتح باب الترشح لمباراة المنتدبين القضائيين من الدرجة الثالثة، موجّهة لحاملي الإجازة في الحقوق أو الشريعة، على أن تُجرى يوم 22 يونيو بمراكز متعددة عبر التراب الوطني.
الفضيحة أعادت إلى الواجهة التساؤلات القديمة-الجديدة حول مدى نجاعة الإجراءات المتخذة لضمان نزاهة الامتحانات، ومدى فعالية الرقابة داخل القاعات، رغم الإعلان عن تدابير صارمة تشمل التفتيش ومنع الهواتف الذكية.
عدد من المهتمين بالشأن العام اعتبروا أن الواقعة تقتضي تحقيقًا عاجلًا وتطبيقًا حازمًا للمساطر التأديبية، لتوجيه رسالة واضحة مفادها أن الغش في مباريات التوظيف، خصوصًا في قطاع العدالة، لن يمر دون مساءلة.
حتى لحظة نشر هذا المقال، لم تصدر وزارة العدل أي بيان رسمي بخصوص الواقعة، ما فتح الباب أمام التأويلات والمطالب بضرورة توضيح الموقف، والكشف عن الإجراءات المتخذة في حال تأكدت صحة الواقعة.
تدعو هذه الواقعة إلى مراجعة جذرية لآليات تنظيم المباريات الوطنية، مع تشديد المراقبة التقنية داخل القاعات وحظر الهواتف الذكية بشكل صارم وتفعيل آلية العقوبات الفورية، دون إغفال تعزيز التكوين الأخلاقي للمترشحين.
كما أنها تطرح ضرورة إرساء ثقافة تربوية وقانونية جديدة، تؤسس لمفهوم الاستحقاق الحقيقي، بعيدًا عن منطق التحايل والغش الذي يهدد الثقة في المؤسسات.