في مشهد يبعث برسالة صريحة إلى كل المتلاعبين بمال وأشغال الدولة، أقدمت السلطات المحلية بأكادير، صباح اليوم السبت 5 يوليوز 2025، على إزالة أرضية تبليط تم إنجازها حديثًا بمحاذاة مسجد لبنان، أحد أبرز المرافق الدينية بالمدينة، بعد أن ثبت عدم مطابقتها للمعايير التقنية المنصوص عليها في دفتر التحملات.
هذه الخطوة الحاسمة جاءت تنفيذًا لتعليمات والي جهة سوس ماسة، سعيد أمزازي، والتي تندرج في إطار الرؤية الجديدة لوزارة الداخلية بقيادة عبد الوافي لفتيت، والقائمة على تتبع ميداني صارم لكل المشاريع، انطلاقًا من المراقبة القبلية للتصاميم والتراخيص، وصولًا إلى التتبع اليومي لوتيرة الأشغال وجودتها.
وبحسب معطيات خاصة حصلت عليها "تمغربيت 24"، فإن لجنة تقنية متخصصة، تضم مهندسين ومفتشين، كانت قد حلت بموقع المشروع عقب تلقي تقارير أولية من السلطة المحلية، وقفت خلالها على عيوب تقنية واضحة، تشمل ضعفًا في تقنيات التبليط، ورداءة المواد المستعملة، وتجاوزات خطيرة لمقتضيات دفتر التحملات، ما جعل استمرار الأشغال يشكل خطرًا على سلامة المارة، لا سيما في منطقة تحظى بكثافة سكانية وحركية كبيرة.
وقد قررت اللجنة، بتنسيق مع السلطات المحلية، سحب الأشغال من المقاول المشرف، وبدء عملية إزالة التبليط بالكامل، في إجراء استباقي لتدارك الخلل، ورسالة واضحة مفادها أن زمن التجاوزات قد انتهى، وأن أعين وزارة الداخلية أصبحت حاضرة في الميدان أكثر من أي وقت مضى.
لفتيت يُفعل الرقابة الصارمة.. وأمزازي يُنفذ التعليمات ميدانيًا
هذا التحرك الميداني يترجم عمليًا التحول الجذري في نهج وزارة الداخلية، التي تعمل، منذ أشهر، على إعادة الاعتبار لوظيفة "رجل السلطة" كمراقب صارم وميداني للأشغال العمومية. حيث يتابع رجال السلطة، من قياد وباشاوات وولاة، بتوجيه مباشر من الوزير لفتيت، مختلف مراحل الإنجاز، بتنسيق مع المصالح التقنية والمجالس المنتخبة.
وتشير مصادر "تمغربيت 24" إلى أن تعليمات صارمة صدرت لرجال السلطة بمختلف تراب عمالة أكادير إدوتنان بضرورة تكثيف الزيارات التفقدية المفاجئة، وتحرير تقارير دقيقة، ومواكبة المقاولات في كل أطوار الأشغال، مع التشديد على التفعيل الفوري للجزاءات عند تسجيل أي خرق، ولو جزئي، لمقتضيات دفاتر التحملات.
المراقبة القبلية والآنية تعيد الثقة في أوراش التهيئة
ويرى متابعون للشأن المحلي أن الرقابة الميدانية أصبحت اليوم عنصرًا حاسمًا في ضبط جودة المشاريع، خصوصًا أن عدة أوراش شهدت في الماضي اختلالات كادت أن تمر دون محاسبة، لولا يقظة بعض رجال الإدارة الترابية الذين باتوا يقومون بدور محوري يتجاوز التسيير الإداري إلى الرقابة والتتبع الدقيق.
ويطالب فاعلون مدنيون بتعميم هذا النهج على باقي المشاريع، خصوصًا تلك المتعلقة بالبنية التحتية، وتأهيل الأحياء، والمساحات العمومية، التي تُعد العمود الفقري لتحسين ظروف عيش الساكنة.
كما شددوا على ضرورة تفعيل المساءلة والمحاسبة في حق كل مقاول ثبت تورطه في الغش أو التلاعب، حمايةً للمال العام، وصونًا لثقة المواطن في الإدارة.