محمد حاجب الذي اختفى مدة عن وسائل التواصل الاجتماعي، يعود مؤخرا ليظهر على “الميديا” حاملا خطابه المقيت، المشحون بالحقد والعداء لبلده الأصلي، خطاب التحريض والتطرف والإرهاب.
يقول عن نفسه إنه إعلامي محترف يمارس حريته في التعبير، ويتابعه عدد مهم في وسائل التواصل الإجتماعي وهذا بحسبه ما يمنحه شرعية تقديم خطاب التطرف والإرهاب كمادة يسوقها أمام جمهور المتابعين لهذيانه المحموم، ولكلماته النابية، وتحريضاته الإجرامية المليئة بالعنف والإقصاء، لكن لا غرابة في أن تكون هذه الصفات تلتقي في شخصية سيكوباثية اتخذت طريق الإرهاب سبيلا لتحقيق الذات، لكن تبقى هي ذات مهزوزة نفسيا وذهنيا، إذ سيتحول هذا الشخص إلي متطرف إرهابي يتخذ الدين الإسلامي كذريعة لشرعنة ميولاته العدوانية اتجاه الآخرين المختلفين عنه فكريا وعقائديا، وبالتالي تحقيق أوهام شخصية مضطربة لا تعيش واقعها الراهن، بل ترتد بالزمن إلى عصر القرون الوسطى في انفصال تام عن وجودها في الزمن الحاضر.
حاجب غالبا ما يقدم نفسه كمعتقل سياسي سابق، وهذا في الحقيقة افتراء على الحقيقة، ذلك أنه كان قد اعتقل في 2009 وهو على الحدود الباكستنية الأفغانية، اعتقلته سلطات البلد أثناء محاولته التسلل إلى الأراضي الأفغانية، حيث تجتمع الكيانات المتطرفة من شتي أنحاء العالم للمشاركة فيما يعتبره الفكر الأصولي، جهاد ضد أعداء الله، اعتقلته باكستان ورحلته إلى ألمانيا التي حولته بدورها إلى بلده الأصلي الذي سيقضي فيه عقوبته السجنية، بعد أن تمت متابعته قضائيا وحكم بتهمة الإرهاب.
إن كان دائما ينفي هذه الحقيقة المثبتة في المحاضر، بادعائه أنه اعتقل وهو على الحدود الإيرانية، وهذا كما يظهر جليا، لا يمكن أن يقنع حتى السدج، إذ كيف لشاب مغربي عاقل سوي التفكير يعيش في ألمانيا أن يفكر بالمخاطرة والتجوال بين إيران وباكستان وأفغانستان، وأي جاذبية يمكن أن تكون دافع للقيام بمثل هذه الرحلة سوي جاذبية الإرهاب وممارسة العنف ضد أبرياء باسم الدين وباسم الله.
إرهابي إسلامي خطير” للغاية
“سياسي سابق” يقول عن نفسه بدلا من “إسلامي ارهابي متطرف”، فسياسي وصف لا يستقيم ولا يتوافق مع شخص يستغل الدين الإسلامي ويلبس جبة المتدين الورع، ويتكلم باسم النصوص المقدسة لتبرير سلوكات عدوانية وأفعال متطرفة هدفها إقصاء الأخر المختلف عنه فكريا وإيديولوجيا.
كذلك من بين الإدعاءات الأخرى أيضا نجد هذا المدعو حاحب غالبا ما يكرر أمام الجمهور الافتراضي لازمة يقول فيها بأن مهمته هي “الدفاع عن حقوق الإنسان بشكل عام، وليس فقط حقوق الإسلاميين المعتقلين”، لكن العكس يمكن أن يكون معقولا، إذا ما بحثنا من خلال منشوراته عبر وسائل الاتصال الاجتماعي، وكذلك في جوهر خطابه نحد بالدليل القاطع أنه يدعو المغاربة للتمرد وإراقة الدماء، ونشر الفوضى دون أن يرف له جفن، ودون أي إحساس أخلاقي أو سياسي، ويتناسى أنه يتحدث عن مصير أمة وأمن وأمان شعب بكامله، وهذه مسؤولية ضخمة، ولا تليق بفرد لا يتجاوز في معارفه سقف تلميذ في الإعدادي، ولا أدل على هذا القصور سوى إيمانه واعتقاده في فكر خرافي، مستندا إلى آراء شيوخ يدعون العلم متأثرا كذلك بأفكار تعتقد في إمكانية العودة بالزمن ألف سنة إلي الوراء، وهذا مؤشر حقيقي على تخلفه المعرفي، بالإضافة إلى قصوره العلمي، بل وحتى الديني والسياسي لا يفقه فيهما إلا بقدر ما يعلمه شخص عادي، وهذا القصور يكشف عنه سهولة انقياده وتسليم رقبته لفكرة الضلاميين والمتطرفين من شيوخ وأمراء الدين والحرب.
محمد حاجب بصفته شخصيا يعترف في محاضر الشرطة الباكستنية أن سبب تواجده في تلك البؤر يتمثل في نشر الدعوة الإسلامية والمشاركة في المؤتمر العالمي الذي تنظمه إحدى الجماعات الإسلامية، وإن كان يدعي أن خطاب هذه الأخيرة، والتي ينتمي إليها، لا تدعو للعنف، وهذا الإدعاء لا يمكن تصديقه خاصة مع إدراكنا لاستعمال التقية ضمن أدبيات الحركات الجهادية، فمحمد حاجب هذا كان عضو من أعضاء السلفية الجهادية بكل تأكيد.
عمالة للخارج واستقواء بأعداء الوطن
المغرب يصعد لغته الدبلوماسية إزاء الألمان، إذ قالت السلطات في بيان رسمي “إن السلطات الألمانية تعمل بتواطؤ مع مدان سابق بارتكاب أعمال إرهابية، ولاسيما من خلال الكشف عن معلومات حساسة قدمتها أجهزة الأمن المغربية لنظيرتها الألمانية”.
هذا المعتقل على خلفية جرائم إرهابية والذي قضى مدة عقوبته كأي معتقل أخر، وفي ظروف عادية اتخذ مواقع التواصل الاجتماعي، منصة لتوجيه التهم جزافا يلقي بها ذات اليمين وذات الشمال، موجها انتقاداته للمملكة، بالنيابة عن الآخرين دون رادع، وقد نصحه العديد من رفقائه السابقين من متطرفين قامو بحركات تصحيحية لمفاهيمهم، واعترفوا بأخطائهم مستدركين هذا بتوبتهم وانخراطهم في دينامية المحتمع، وجلهم الٱن ينصحونه بالتوبة، ومنهم من يتهمه بالكذب والتضليل، لكن دون جدوى ممعنا في ضرب بكل ما أوتي من حدة لسان في مصالح المملكة، مستهدفا مؤسساتها الدستورية ضاربا في نفس الوقت عرض الحائط كل القيم والمبادئ والانتماء الوطني لهوية راسخة في التاريخ وفي الجغرافية، مستعينا في ذلك مستغلا تواجده علي أرض أجنبية تعادي مصالح المغرب، وتطمع في استغلال موارده، دولة تخدم مصلحة أعداء الوحدة الترابية، وتسعى إلى تفرقة الشعب المغربي وإقامة الحدود بين أبناء البلد الواحد، لصالح جماعة تصنف جماعة إرهابية وهي نفس الدولة التي تفتح ذراعيها وتحتضن هذا المارق الذي وجدت فيه مخابرات هذه الدولة ضالتها، قبل أن تحوله لعميل يخدم مصالحها الاستخباراتية، كما تستعمله كورقة ابتزاز ضدا على المصالح المغربية.
حاجب هذا يعود مرة أخرى ليكشف عن عمالته المفضوحة للمخابرات الألمانية، ويبرر اختفاءه و ظهوره بضرورة لا يمكن إلا أن تكون للمخابرات اليد الطولى في هذه اللعبة، التي يلعب فيها هذا الغبي دور الثعلب الذي يظهر ويختفي، جاعلا من نفسه بيدقا يتم تحريكه في رقعة لا يعلم اتجاهها.