اجتمع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة مع نظرائه بمجموعة “فيسغراد” والتي تشمل كلا من بولونيا والتشيك وسلوفاكيا وهنغاريا، يوم الاثنين الماضي ببودابست، حيث أكدوا على دور المغرب الهام بالقارة الإفريقية، باعتباره شريكا ذو مصداقية، كما جددوا دعمهم لإستئناف الاتحاد الأوربي من أجل إلغاء الأحكام الصادرة عن محكمة الاتحاد الأوربي، بشأن إتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري المبرمتين مع المغرب.
وفي هذا الإطار يرى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس، تاج الدين الحسيني، أن هذا النوع من التقارب يدخل في إطار الإستراتيجية المغربية التي ارتبطت بالسياسة الملكية منذ حوالي ست سنوات، والتي تقضي بألا يضع المغرب كل بيضه في سلة واحدة، أن ينوع شراكاته على عدة مستويات، فإذا كان المغرب قد نوع هاته الشراكات على مستوى كل من الصين وروسيا والهند منذ سنة 2016 في إطار شركات استراتيجية، فبطبيعة الحال سيكون من المنطقي أن ينميها مع بلدان تجاوزت المد الإشتراكي الذي عرفته المنطقة، وإلتحقت بالإتحاد الأوربي وكذلك بالحلف الأطلسي.
وأضاف الحسيني في تصريح لـ”تغربيت 24″، أن هاته البلدان التي اجتمع معها وزير الخارجية بوريطة، تضم مجموعة ارتأت منذ انضمامها للاتحاد الأوربي، أن تشرع في سياسة تحالفية بين بعضها البعض، من أجل أن تأخذ مكانها المناسب داخل الإتحاد الأوربي، وكذا داخل الحلف الاطلسي، فبين سنة 1977 وسنة 2004 تميزت بفترة التقارب بين هاته الدول، أما الآن فهي أكملت إندماجها وأصبحت تشكل قوة مركزية في قلب القارة الأوربية، ومن حقها أن تتعاون مع دول أجنبية في إطار سياسة رابح-رابح، والمغرب يبحث عن هاته الشراكة كذلك في هذا السياق.
وأردف المتحدث ذاته، أن المغرب كان ينتظر الكثير من بلدان الإتحاد الأوربي بعد الإعتراف الامريكي بمغربية الصحراء، خاصة من دول لها علاقات شراكة محورية، كإسبانيا وفرنسا وإيطاليا، وكان يعول في إطار هاته الشراكات الاقتصادية، أن تسير هي الأخرى في نفس الإتجاه الذي ذهبت إليه الولايات المتحدة الأمريكية، لكن الإتحاد الأوربي نهج في مستوى المفوضية الأوربية أو في إطار البرلمان الأوربي، سياسة التوحيد في المواقف الخارجية، حيث هناك ناطق رسمي وحيد بإسمه، وبالتالي لم تتمكن أي من هاته البلدان من أن تقوم بمثل هذا الاعتراف المباشر.
وأضاف استاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس، أن هناك أصوات معارضة داخل القارة الأوربية نفسها، وبالتالي حتى بعض الدول التي إرتأت أن تذهب في موجة الاعتراف بمغربية الصحراء، كانت مواقفها جد محتشمة كـ”حزب للأمام” الذي يتزعمه الرئيس الفرنسي ماكرون، والذي قام بفتح مركز له بالداخلة، وبالتالي تظهر رغبة أوربية داخلية للإعتراف بصحرائنا، لكن هاته الرغبة تبقى مفرملة، حسب تعبيره، بسبب التوجهات السياسية الخارجية للاتحاد الأوربي، وكذا مواقف إسبانيا بعد استقبالها لزعيم مرتزقة البوليزاريو، وألمانيا عندما تسرعت وطلبت عقد مجلس الأمن بعد الإعتراف الأمريكي، لأهداف إقتصادية محضة.
وخلص الحسيني إلى أن المغرب اعتبر أن من حقه خلق علاقات جديدة مع دول مجموعة فيسغراد، من أجل بناء مستقبل إقتصادي، وكذا العمل من خلال هاته الشراكة على تشكيل “قوة ضاغطة” داخل الاتحاد الاوربي، لإعادة التوازن لمصلحة المغرب في علاقاته مع الحلفاء التقليدين بأوربا.