محمد الكحلي
عقدت غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بالجرائم المالية، اليوم الجمعة، جلسة جديدة لمحاكمة طبيب التجميل الدكتور التازي وزوجته وشقيقه وٱخرين، والتي عرفت مرافعة تعقيبية لممثل الحق العام والتي دامت لأكثر من ساعتين.
وشدد ممثل النيابة العامة خلال مرافعته على وجود العناصر المكونة لجريمة الاتجار بالبشر، التي تنطبق تمام الانطباق على الأفعال المنسوبة إلى المتهمين، مشيرا إلى الشيكات التي تطلبها المصحة على سبيل الضمان وفرض وضع الشيك قبل تلقي العلاج، الشيء الذي لا يمكن القبول به بأي شكل من الأشكال في إشارة إلى مرافعة المحامي مبارك المسكيني قائلا “إنها كانت ذات قيمة قانونا ولكن ليست واقعا، حيث بسط خلالها أمام المحكمة ليستدل على شرعنة طلب الشيك”.
وعرج النائب العام على الاستقبال الحار للضحايا مؤكدا “أنه ازداد حرارة خلال فترة كورنا إذ أصبح الشيك شيكان قبل ولوج المرضى للمصحة، وهذا مثبت في المذكرة الكتابية، مردفا، أن الخير وإن تجدر في المغاربة فهناك من يستغل الظروف لتحصيل المزيد من الأرباح وجمع المزيد من الأموال بالطريقة التي لا تتناسب مع الخير المتجدر في نفوس المغاربة”.
وبالنسبة لما أثير في كون مصحة الشفاء تعالج وتحيي الموتى في شخص التازي، قال ممثل الحق العام:” إن هذا يرجع لما وفقه الله به من شفاء المرضى ولا يمكنه نسب ذلك لنفسه فهو بمشيئة الله، مضيفا أنه من غير اللائق قول فلان أو علان يحيي من دخل ميتا بعدما لفظته مستشفيات أخرى”.
وعقب الوكيل العام على مضمون مرافعة المحامي عطاف في المذكرة من وسائل الاثبات كون ما أثير من قبله كلام في كلام، ليرد بأن ماورد في المذكرة الترافعية ليس صحيحا، متسائلا ” فهل المكالمات المرصودة للمتهمين والتي لم ينفي أي واحد منهم أنها صادرة عنه، ومما جاء فيها من مضامين وهل الكشوفات البنكية ل” زينب. ب” وابنتها التي كانت تستقبل مبالغ مالية كلام في كلام؟ والتحويلات المالية من المحسنين للمتهمين كلام في كلام، وهل الصور التي ثبت التقاطها للمرضى داخل مصحة الشفاء والاعترافات القضائية لأغلب المتهمين وأمام المحكمة كلام في كلام؟”.
وأضاف المتحدث عينه ” كانت هناك محاولة لإبعاد “مونيا. ب” ونفي أن لها علاقة مهنية بمصحة الشفاء، وقد جاء على لسان دفاعها في عرض مكالمة مع المتهمة “سعيدة.ا” لإعطاء زينب رزقها”، متسائلا في ذات الوقت “إذا كانت لا علاقة لها ولا تشغتل بالمصحة، ولاتشغل أية مهمة أو منصب فبأي صفة تتدخل بشأن يهم مالية المصحة ؟”.
وعن عبد الرزاق التازي كونه لم يكن مديرا ماليا وفق الدفاع، وأنه فقط كان يتدخل في فض بعض النزاعات وهذا ما فصلنا فيه من شهادة بعض الشهود التي قدمناها للمحكمة يضيف الوكيل العام.
وردا على مرافعات دفاع التازي حول كون مصحة الشفاء هي ملاذ المرضى الذين لا يخرجون إلا في أتم صحة وعافية، معتبرا أن المساطر التي تسلكها المصحة تتنافى والقسم الذي يؤديه الطبيب والقوانين المسطرة لقوانين المصحات والمستشفيات والقوانين التشريعية.
ورفض الوكيل العام ما جاء على لسان دفاع الدكتور التازي بخصوص وجود مؤامرة ضده لإسقاط إمبراطورية التازي الصحية، متسائلا: ” إذا كانت هذه المؤامرة صحيحة فما الجدوى بالزج بزوجته وشقيقه فلماذا ستتوجه النيابة العامة إلى إسقاط عائلته”، مشددا على أن مصحة الشفاء ليس من دخلها كان آمنا فهناك من دخل وخرج ميتا ولدينا حالات مثبتة.
وتطرق الوكيل العام لأحد الملفات التي عرضت على النيابة العامة، حينما كان الدكتور التازي في طور التحقيق من قبل شخص سعودي اتهم فيها التازي بإحداث عاهة مستديمة بعد إجرائه عملية شفط دهون من بطنه، مؤكدا أن النيابة العامة لا تتحامل على أحد وأن ما يهمها هو الحرص على التطبيق السليم للقانون.
وأضاف ان النيابة العامة التمست من قاضي التحقيق تكييف حالة السعودي ليس على أنها جناية عاهة، مستديمة وإنما خطا طبي، وإنما طلبنا التصريح بعدم الاختصاص.
ووقف عند مناقشة الأفعال المنسوبة إلى التازي استنادا لحوار قصير دار بينه وبين المحكمة أشار فيها أخذا عن المحامي عطاف لورد وصف فيه النازلة، ولكن للأسف لم يتلقط المحامون الاشارة إلا من المحامي المسكيني ولكن تجاوزها”.
وقول النيابة العامة لمصطلح الراعي، لتفسير وجه الأفعال التي جعلته أمام المحكمة، لكونه يسأل بصفته راعيا، مضيفا أن التازي ليس راعيا فقط بل متهما أتى فعلا جرميا أكدته “أمينة. ف” في تصريحها على أنها أخذت أوامر لالتقاط صور لطفل تنفيذا لنفس الأوامر لبعتها إلى ” زينب. ب” فهذه مصحة الدكتور والأفعال وقعت بالمصحة وزينب اعترفت أمام قاضي التحقيق أنه عرض عليها الحصول عل 20 في المائة وتمكنت بأمر من مونيا.
وذكر الوكيل العام على أن المصحة الخاصة وضعت بين يدي زينب مكانا اعتباريا ومكنتها من هاتف تابع للمصحة تستعمله في الاتصال بالمحسنين ولا يمكن الدفع بأن التازي لم يكن على علم بذلك باعترافه أنه كان على علم بملفات عالقة ولماذا لم يتتبع طريقة أداء واجبات الملفات العالقة وقد كان مساهما ولم يكن فقط راع مسؤول عن رعيته”.
وعن اعتقال التازي بسبب دارهم معدودة، أورد ممثل الحق العام” أن ما تم احتسابه وبطريقة غريبة لمصاريف بعض الملفات ليتم استنتاج أن التازي معتقل بسبب دارهم معدودة اقول انه لا يتعلق بملف بقي فيه الدكتور التازي دينا بدارهم بل صرحت زينب أن الملفات العالقة ليست 16بل تعداه الى المئات من الملفات” مستدلا على ذلك بالتحويلات البنكية التي صبت في حسابها الشخصي والتي حولت لها واستخلصتها من وكالات وأن مجموع هذه المبالغ كانت كبيرة ويضرب في الصميم أن الحسن التازي ليس معتقلا لأجل دراهم معدودة”.
وبخصوص نفي تهمة الإتجار بالبشر المتابع على خلفيتها المتهمين كأخطر جريمة في الملف أوضح الوكيل العام في تعقيبه على أن ضحايا الاتجار في البشر مصنف الى 3 ضحية محددة لهوية وضحية محتملة وضحية مزعومة، مضيفا أن من الضحايا من أكدوا أمام الضابطة القضائية أنهم ضحايا اتجار بالبشر، وضحايا الاتجار بالبشر قد يكونوا معترضين لم يتم تحديد هويتهم ولكن انطلاقا من الأفعال ضدهم يمكن استنباط أنهم ضحايا الاتجار بالبشر، استشهد على ذلك بقرارات صادرة عن محكمة النقض عبارة عن اجتهادات قضائية وهي الدفع بعدم وجود ضحية.
وأثار ذات المتحدث استقطاب اشخاص من مؤسسات اخرى إلى مصحة الشفاء وهو الدور الذي تقوم به “زينب. ب” مقابل نسب مالية وهي شهادة أكدها أحد المرضى وعززتها تصريحات جاءت على لسان المتهمة المكلفة بقسم الحسابات ” سعيد. ا”، مستدلا بتصريحات بعض الشهود أمام جهات قضائية.
وأكد النائب العام على مسألة استدراج المرض عن طريق تطويعهم أو تطويع ذويهم وجعلهم عرضة للمتاجرة بصحتهم”، موضحا عنصر “الحصول على الاموال في ملف محدد مقابل استعمالها في تصفية ملفات أخرى عالقة أو لمآرب خاصة من طرف “زينب.ب”، أو استعمالها لغايات غير مشروعة باستعمال وسائل منها التقرير، مما يجعل المعنية في وضعية تابعة للجاني وفق ما ورد في مقتضيات القانون”.
ولفت الوكيل العام المحكمة إلى عنصر الاستدراج في استغلال حاجة وهشاشة المرضى، معللا ثبوت عنصر من عناصر جريمة الاتجار بالبشر من خلال ما فسره المشرع الجنائي وما فسره فقهاء القانون، بحيث لا يبقى للضحية حل غير الخضوع، مع استعمال وسائل التغرير بالضحية وجعلها في وضعية تبعية واستغلال الهشاشة والضعف والحاجة وإخضاعها للتبعية.
وعن وسائل الاثبات فصل النائب العام في عنصر الجلب مؤكدا وجود عنصر اخر يمكن اعتباره ركنا ماديا وهو الإيواء بالنظر للحالات التي ثبت الاحتفاظ بها بإذن طبيب معالج والغاية منها جمع المزيد من الأموال من المحسنين عن طريق تصوير الحالات واستجداء عطف المحسنين”، مشيرا إلى اعترافات “سعيدة .ع” و”زينب.بن” عند استنطاقهما ابتدائيا وأنها هذه الأخيرة تجمع الأموال منذ سبع سنوات”.
وعرج النائب العام على الاحتيال والخداع وهما الوسيلة التي يستخدمها الجاني لارتكاب جريمة التسول والتي تؤكد أوجه الاستغلال في القانون المغربي واستغلال الضحايا لتحقيق ربح مادي مبرزا “أن كل الضحايا استدرجوا للقبول بتصوير رضعهم لاستجداء اموال المحسنين وهنا يتجلى أبشع انواع الاستغلال” مضيف ان الجاني لم يكلف نفسه عناء إغواء الضحية وخداعه بوقائع غير صحيحة بل تم ذلك دون موافقة ودون علم المجني عليهم وهذا تابث في وقائع محددة بالملف، لافتا إلى عنصر الاحتجاز لحالتين ورضيعيين لم يسمح لهم بالمغادرة إلى حين تسوية وضعيتهم المالية وتسديد ما بذمتهم”.
وخلص الوكيل العام إلى توفر العناصر التكوينية لجريمة الاتجار بالبشر، مؤكدا على جميع الملتمسات السابقة والمضمنة في المذكرة الترافعية الكتابية للنيابة العامة والتي قدمها الوكيل العام لهيئة الحكم.
ويتابع الدكتور التازي رفقة شقيقه وزوجته وخمس متهمين آخرين، ضمنهم سيدة واحدة في حالة سراح، بينما يقبع الجميع بالمركب السجني عكاشة بتهم تتعلق بـ”جناية الاتجار بالبشر تجاه طفل تقل سنه عن 18 سنة، والنصب، والمشاركة، والتزوير في محرر تجاري واستعماله، والمشاركة في صنع عن علم شهادة تتضمن وقائع مصطنعة غير صحيحة واستعمالها”. كل حسب المنسوب إليه.