ملامح خروج حزب الاستقلال من الحكومة: تشاؤم نزار بركة

آخر تحديث :
ملامح خروج حزب الاستقلال من الحكومة: تشاؤم نزار بركة
خالد أخازي

يعيش حزب الاستقلال، أحد أقدم الأحزاب السياسية في المغرب، مرحلة حرجة تحت قيادة نزار بركة. فبينما يتزايد الضغط على الحكومة لمواجهة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، يبدو أن الحزب يفتقر إلى رؤية واضحة تعيد له مكانته التاريخية كقوة سياسية مؤثرة.

وفي هذاالسياق، أقر بركة بأن معدلات البطالة في المغرب وصلت إلى 21.3%، وهو رقم يعكس أزمة عميقة تؤثر بشكل خاص على الشباب. ومع ذلك، فإن هذا الاعتراف لا يتماشى مع الإجراءات الفعلية التي يتخذها الحزب. بركة، الذي يواصل شغل منصبه كوزير، يبدو وكأنه يعيش فصاما سياسيا، بعدما قطع حبل السرة مع ” التعادلية” و” من أين لك هذا” بموافقته على سحب قانونيْ الإثراء غير المشروع واحتلال الملك البحري، وبعد صمته عن مسلسل تضارب المصالح، وخرجات وهبي التي غالبا ما تكون نشازا مع مرجعية حزب الاستقلال.

وفي هذا الصدد، وخلال تجمع احتفالي بمناسبة الذكرى 81 لوثيقة المطالبة بالاستقلال، أكد بركة أن حزبه هو “شريك موثوق” للحكومة، لكن هذه التصريحات تثير تساؤلات حول مدى التزام الحزب بتحقيق التغيير المطلوب، في وقت تتزايد فيه أسعار المعيشة بشكل ملحوظ، ورغم ذلك يبدو أن بركة يعتقد أن الحل يكمن في “توحيد الرؤية”، بدلاً من تقديم استراتيجيات عملية تتناسب مع احتياجات المواطنين.

هذه السلوك السياسي يعكس حالة من الانفصال بين القيادة وواقع الناس، حيث تظل الوعود الحكومية مجرد شعارات دون تنفيذ فعلي.

وجدير  بالذكر أنه منذ تولي بركة زمام الأمور، شهد الحزب تراجعًا ملحوظًا في شعبيته وتأثيره. فقد تحول من حزب يُعرف بمواقفه القوية إلى كيان يسعى للحفاظ على المقاعد والمناصب. وقد تعرض لانتقادات شديدة بسبب عدم وفائه بوعوده المتعلقة بتسقيف أسعار المحروقات ومكافحة الفساد. هذه الوعود التي كانت تُعتبر جزءًا أساسا من برنامجه الانتخابي أصبحت اليوم مجرد كلمات فارغة.

وفي هذا الصدد، يكاد يجمع المحللون السياسيون على أن الحزب يعاني من أزمة هوية حقيقية. بينما يسعى للحفاظ على إرثه الوطني، فإنه يواجه تحديات جديدة تتطلب منه إعادة تقييم استراتيجيته وأهدافه. هناك شعور متزايد بأن الحزب قد أصبح بعيدًا عن هموم المواطنين الحقيقية مثل التعليم والصحة والسكن، مما يزيد من حالة الإحباط لدى الشباب المغربي.

في ظل هذه الظروف، يجب أن يتساءل الجميع: أين هو حزب الاستقلال الذي كان يُعتبر رمزًا للنضال الوطني؟ هل تحول إلى مجرد كيان يسعى للحفاظ على مصالح قادته وأعضائه؟ إن الممارسات الحالية تشير بوضوح إلى أن الحزب بحاجة ماسة إلى مراجعة شاملة تعيد له مكانته كقوة سياسية فعالة.

إعادة بناء الثقة مع المواطنين، في أفق انتخابات 2026 تتطلب من حزب الاستقلال تقديم برامج حقيقية تستجيب لتطلعاتهم. مع التركيز على القضايا الاجتماعية والاقتصادية الملحة بدلاً من الانغماس في الصراعات الداخلية والتكتيكات السياسية الضيقة، والاستماع لصوت الشباب وإشراكهم في اتخاذ القرارات السياسية.

 

 

 

 

فهل هي بداية وعي سياسي، تخرج الحزب من تحالف حكومي لم يعد منسجما مع مرجعيته، وأصبح عبئا سياسيا ثقيلا عليه…؟

هل الحقائب الوزارية تستحق التضحية بكل هذا الإرث السياسي، والتحول من حزب قيادي إلى حزب تابع…؟ حزب الاستقلال الوحيد القادر على العودة من باب واسع اسمه الخروج من مشاركة حكومية انتحارية.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الأخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق