مع جدبة “سي مو” الذي وصف الكوفية ب “الشرويطة” نحتاج إلى جرعة من الاستبداد… فالديمقراطية كلفتنا كثيرا

Last Update :
مع جدبة “سي مو” الذي وصف الكوفية ب “الشرويطة” نحتاج إلى جرعة من الاستبداد… فالديمقراطية كلفتنا كثيرا
خالد أخازي

في مشهد يتجاوز حدود العبث السياسي، وقف البرلماني العجيب، في جلباب المجد الذي لا يليق إلا بفرسان المغرب المسمى”سي مو” تحت قبة البرلمان، متحدثًا بارتباك واضح وحركات عشوائية، محاولًا تبرير هجومه الغريب على رموز القضية الفلسطينية. بدا كمن يُلقي عرضًا مرتجلًا لا هدف له سوى إثارة الجدل، ليصل في النهاية إلى وصف الكوفية الفلسطينية بـ”الشرويطة”، في تصريح أثار غضبًا شعبيًا عارمًا، واعتُبر إهانة لتاريخ طويل من التضامن المغربي مع فلسطين.

تصريحاته لم تكن مجرد زلة لسان، بل إساءة متعمدة لرمز نضالي يحمله أطفال فلسطين بفخر، خاصة أولئك الذين استضافهم المغرب في مخيمات صيفية، حيث وجدوا في المملكة ملاذًا يمدهم بالأمل والحب. كيف لرئيس لجنة الصداقة المغربية الفلسطينية أن يتجاهل هذا الإرث الإنساني، ويحول الكوفية إلى مادة للسخرية؟

وما يجعل تصريحاته أكثر فجاجة هو تجاهله للتاريخ المشرف للمغرب في دعم القضية الفلسطينية. فمنذ عهد الملك الراحل محمد الخامس، الذي وقف ضد الاحتلال ودعم الشعب الفلسطيني، إلى الملك الحسن الثاني الذي استقبل ياسر عرفات بالكوفية الفلسطينية في مناسبات عدة، ثم الملك محمد السادس الذي يواصل مسيرة الدعم من خلال رئاسته للجنة القدس، كان المغرب دائمًا في الصف الأول للدفاع عن حقوق الفلسطينيين. الكوفية الفلسطينية، التي سخر منها “سي مو”، كانت حاضرة في كل هذه المحطات، تزين أعناق القادة الفلسطينيين الذين استقبلتهم المملكة، بدءًا من عرفات الذي اعتبر المغرب حليفًا استراتيجيًا، وصولًا إلى أصغر طفل فلسطيني زار المغرب في المخيمات الصيفية والتقى ولي العهد.

ومع محاولاته البائسة لتجميل موقفه، لجأ إلى مديح الملك محمد السادس، وكأنه يريد تغليف تصريحاته المسيئة بإشادة سطحية. لكن مواقف الملك واضحة ولا تحتاج إلى كلمات جوفاء. فالمغرب، بقيادة الملك، قدم دعمًا حقيقيًا للقضية الفلسطينية، من خلال مشاريع تنموية في القدس الشريف واستضافة أطفال فلسطين، تأكيدًا على التزامه المبدئي تجاه هذه القضية.

ومع تصاعد الغضب الشعبي، فإن محاسبة “سي مو” لم تعد مجرد مطلب قضائي يتعلق بشبهات فساد تحيط به، بل أصبحت ضرورة سياسية. هذا البرلماني، الذي أساء ليس فقط للكوفية بل لصورة البرلمان نفسه، يجب أن يخضع لمساءلة سياسية تُعيد الهيبة للمؤسسة التشريعية، وتؤكد أن العمل البرلماني ليس مسرحًا للارتجال أو السخرية.

اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، يتعين على الأحزاب  السياسية تحمل مسؤوليتها بمراجعة أداء ممثليها ومحاسبة من يسيء استخدام منصبه. فـ”سي مو” ليس مجرد حالة فردية، بل علامة على أزمة أعمق تحتاج إلى إصلاح يعيد للمؤسسات السياسية مصداقيتها، ويضمن أن تبقى مواقف المغرب تجاه القضايا النبيلة منزهة عن عبثية البعض.

من ينقذنا من هذا القرف؟ لقد سئمنا الديمقراطية التي تأتي بالمجاديب والتافهين… نريد جرعة من الاستبداد تصحح هذا المشهد الهزلي وتعيد الأمور إلى نصابها. فهل سنظل نشاهد هذه المسرحيات السياسية أم سنرى يومًا ما عقولًا ناضجة تتولى زمام الأمور.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الأخبار العاجلة

We use cookies to personalize content and ads , to provide social media features and to analyze our traffic...Learn More

Accept