مفتش تربوي وطني جدا يبتدع عبارة غريبة ” حساسية وطنية” لاستبعاد نص امتحان من منهاج سلطة أبي مازن عن النكبة

Last Update :
مفتش تربوي وطني جدا يبتدع عبارة غريبة ” حساسية وطنية” لاستبعاد نص امتحان من منهاج سلطة أبي مازن عن النكبة
خالد أخازي

 في فجر الامتحانات، ينهض أحد  لا غير ...أقول أحد المفتشين التربويين..مبتدع عبارة الحساسية الوطنية  من نص يتحدث عن النكبة... من سباته، يلمع قلمه الأحمر كما يلمع جندي بندقيته في ثكنة بلا عدو.  

يرتدي بدلته الرمادية، يحدق في المرآة: "اليوم سأحمي الوطن من نص فلسطيني متسلل إلى عقول الصغار".  

أي وطن هذا الذي يخاف من كلمة، ويرتجف من ذكرى؟

في قاعة الامتحان، يجلس طفلٌ على مقعده الخشبي، يقرأ نصاً عن "الفرع" و"الحنين" و"اللاجئين".  

لا يدري أن وراء الجدران، هناك من يعتبر هذه الكلمات قنابل موقوتة، تهدد الأمن التربوي وتزلزل أركان الحساسية الوطنية.  

الطفل يكتب: "أبحث عن خريطة للنكبة".  

المفتش يكتب: "أبحث عن خريطة للرقابة". 

يا لهذا الوطنوي المتحمس!  

يرى علم فلسطين يرفرف في السفارات، لكنه يراه خطراً في نص امتحان.  

 يستقبل الرئيس عباس في الرباط، لكن المفتش يهلع من نص عن العودة في امتحان ابتدائي... لا يفرق بين نص في منهاج تربوي لدولة أبي مازن، ونص غزاوي مخيف.

أي انفصام هذا؟  

هل الوطنية بروتوكول دبلوماسي أم ذاكرة حية في الكتب والقلوب؟   

نص بسيط عن ذكرى لا تموت، عن بيت غادره أهله قسراً، عن مفتاح عالق في الجيب، وعن حلم بالعودة.  

نص كتب ليحرك الحنين، لا ليشعل الحرائق.  

لكن المفتش التربوي يرى فيه فتنة، يرى فيه "حساسية وطنية"، يرى فيه شبهة سياسية.  

يخاف أن يتهن بالحنين، كما يخاف البيروقراطي من السؤال... يخاف أن يكون خارج الموقف الرسمي.... لأنه يجهل هذا الملف... ولا يفرق بين سلطة أبي مازن وحماس والقسام والجهاد.

رسالته.... تخلص من خوف توهمه...

لغة إدارية باردة، جافة كصحراء بيروقراطية.  

"يرجى استبدال موضوع مادة اللغة العربية"، لأنه ذكر فلسطين.... النكبة... وله علاقة بحساسية وطنية

"نص حساس... نص غير مناسب... نص يتطرق إلى مجال السياسة..."  

يا لهذا الحذر!  

كأن الكلمات ألغام، وكأن الجمل شراك خفية.

كم مسؤولا في هذا الوطن يظن أن الوطنية تبدأ من حذف فلسطين من الكتب وتنتهي عند حدود التقارير الإدارية؟  كم موظفاً يخلط بين الخوف على الكرسي والخوف على الوطن؟  

كم مرة استبدلنا الحقيقة بالسكوت، والذاكرة بالنسيان، والحنين بالحذر؟

"الحساسية الوطنية"وحش خرافي لا يظهر إلا في الإدارات.يتضخم عند ذكر فلسطين، يتقزم عند ذكر الفساد.  

يتفجر عند كلمة "احتلال"، يتبخر عند كلمة "تطبيع".  

يخاف من معاناة اللاجئين، ولا يتحسس من معاناة التلاميذ في المدارس المهترئة.  

في كل صباح، يجلس طفل فلسطيني على ركام بيته، يكتب اسمه على حجر، يرسم مفتاح العودة على جدار مهدوم.  

وفي كل صباح، يجلس طفل مغربي في قاعة امتحان، يتعلم أن بعض الذكريات "ممنوعة"، وبعض الأحلام "محظورة".  

أي جيل نربي؟  

جيل يحفظ أن المغرب يدعم فلسطين، لكنه لا يعرف لماذا.  

جيل يرفع الأعلام في المظاهرات، لكنه لا يقرأ عن فلسطين في الكتب. 

متى أصبح الحنين جريمة تربوية؟متى صار ذكر اللاجئين خطراً على الأمن المدرسي؟  

متى صار مثل هذا  المفتش التربوي حارساً للذاكرة المبتورة، لا للذاكرة الحية؟ 

الطفل يسأل: "لماذا غادر صاحب النص بيته؟"  

المعلم يهمس: "لأسباب... لا تكتبها في الامتحان".  

المفتش يبتسم: "أحسنت... الوطنية أن تحفظ ولا تسأل". 

"يرجى استبدال الموضوع".  نص الامتحان تصرخ:  "الذكرى التي لا تموت".  

بين الوثيقتين، يموت السؤال، ويُشنق الحنين على مشجب الحساسية الوطنية. 

أيها المفتش المحافظ على الحساسية الوطنية،هل قرأت يوماً خطاباً ملكياً عن القدس؟هل زرت متحف المقاومة في الرباط؟ هل سمعت عن أحياء المغاربة في القدس القديمة؟  

أم أن الوطنية عندك تبدأ من حذف اسم فلسطين وتنتهي عند توقيع التقرير؟.  

في كل إدارة، هناك "فزاعة" اسمها "الحساسية الوطنية".  

تخيف بها الموظفين، تبرر بها حذف الأسئلة، تمنع بها ذكر الحقائق.  

لكن الوطنية الحقيقية لا تخاف من الذاكرة، ولا ترتجف من الحنين.

الطفل المغربي يخرج من الامتحان، يحمل في حقيبته نصاً مبتوراً وذاكرة ممزقة.  

يسأل أباه: "لماذا حذفوا فلسطين من كتابي؟"  

يجيبه الأب: "لأنهم يخافون من الأسئلة أكثر مما يخافون من الاحتلال".

في كل عام، نحتفل بيوم التضامن مع فلسطين.  

نرفع الأعلام، نردد الشعارات، نوقع البيانات.  

وفي نفس الوقت، نحذف اسم فلسطين من الكتب، ونخشى من نص عن العودة. 

أي وطن هذا الذي يخاف من ذاكرته؟  

أي وطن هذا الذي يعلم أبناءه أن بعض الحقائق "ممنوعة"؟  

أي وطن هذا الذي يختصر الوطنية في "امسح ولا تسأل"؟

ربما حان الوقت لأن نصحو من "الحساسية الوطنية" الزائفة:  

بقراءة خطاب ملكي أو اثنين.  

بزيارة متحف المقاومة.  

بجرعة شجاعة تسمح لنا بأن نكون أوفياء لمواقف بلادنا بالفعل، لا بالكلام فقط.

فالوطنية ليست حبراً أحمر على الأوراق...  

بل دماً أحمر في العروق.

أيها المفتش مبتدع الحساسية الوطنية،  

حين ترفع تقريرك القادم، تذكر أن التاريخ لا يُمحى بالتقارير، وأن الذاكرة لا تُحذف بالممحاة، وأن الحنين لا يُمنع بقرار إداري.

فأنت لا تعرف ملكك وموقفه القوية وكل دعمه لفلسطين الأبية... ولا مواقف بلدك القوية... حد لخطب الملك وخذ درسا في الدبلوماسية... لتفرق بين السلطة الفلسطينية وحماس وما يقع في غزة....

سيبقى الأطفال يسألون... 

وسيظل المفتاح في الجيب،  

وسيظل الحلم بالعودة أقوى من كل حساسية وطنية،  

وأصدق من كل تقرير.

شذرات على جرح الذاكرة، من قلب مدرسة مغربية، إلى قلب فلسطين...  

من قلم طفل، إلى قلم مفتش...  

من نص ممنوع، إلى ذكرى لا تموت...

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

Comments 5 تعليقات
Type a small note about the comments posted on your site (you can hide this note from comments settings)
  • Jariorejw 25 يونيو 2025 - 5:18

    Мы предлагаем быстро и выгодно купить диплом, который выполняется на оригинальном бланке и заверен печатями, водяными знаками, подписями. Данный документ пройдет лубую проверку, даже с использованием специально предназначенного оборудования. b98385gb.beget.tech/2025/06/11/vashe-buduschee-s-diplomom-v-rukah.html

  • Jariorgbz 25 يونيو 2025 - 6:13

    Наша компания предлагает максимально быстро купить диплом, который выполнен на оригинальном бланке и заверен печатями, штампами, подписями должностных лиц. Документ способен пройти любые проверки, даже при использовании специальных приборов. volunteering.ishayoga.eu/employer/diplomirovans

  • Diplomi_smSl 25 يونيو 2025 - 12:20

    Мы предлагаем документы университетов, расположенных на территории всей Российской Федерации. Купить диплом любого ВУЗа:
    moskat.flybb.ru/viewtopic.php?f=2&t=5109

  • Diplomi_tgSl 25 يونيو 2025 - 1:13

    Мы готовы предложить документы институтов, которые находятся в любом регионе России. Приобрести диплом любого университета:
    [url=http://tuciudadenred.club/kachestvennye-diplomy-dlja-vashego-uspeha-218/]tuciudadenred.club/kachestvennye-diplomy-dlja-vashego-uspeha-218[/url]

  • Vernonoxync 26 يونيو 2025 - 10:36

    проверить сайт [url=http://retrocasino.io/]yeni retro gazino[/url]

الأخبار العاجلة

We use cookies to personalize content and ads , to provide social media features and to analyze our traffic...Learn More

Accept