جربناكم...ثوبا تلو ثوب، لكل محطة انتخابية لواء، فيلق أعيدت صباغته، ويخلد القائد الحالم بالأمجاد والضياع الآلة النهمة بأتباع يطيلون زمن الفراغ مقابل حظوظ وفرص ....صوتا مع صوت، أوضما أو لفا لفيف القبيلة...المرجعية أسطورة... والاختلاف السياسي مجرد توزيع ذكي للأدوات...
يا وليتنا نحن الشعب...والشعب نحن... ومعنا...الرجاء يمدد عمر اللصوص والأوغاد...
جربناكم من كل الأطياف... جربنا حتى ظلال الزنازن، ومن حملوا أكفانهم وجابوا خرائط الأمل، برجع وجع سنوات الرصاص، جربنا من كان رأسمالهم الكبير حكاية مع جلاد وكوة حزينة...ثم تحولت الحكاية صكا تجاريا سياسيا... وحين وصلوا.... غنموا واختفوا...وما قنعوا...ولا خجلوا...
العيب ليس في اللعبة... بل في اللاعب الذي أدمن الغفلة والغلة... والشعب الذي ألف أن يساق سوق القطيع، ليلة اغتيال الكرامة باسم الديمقراطية...
يا ويلتنا... نحن الشعب... الشعب نحن... ومعنا فقط رجاء متجدد... وخوف على أمل يتبدد..
أي خيار بقي لنا، وقد جربنا الفقيه الذي خفف اللحية ونمق البيان بالرواء وخلط الأهواء والدعاء، واستغل السماء والملائكة...وأتى الريع خفيا في فتوى...والنعم في الفانية دس من أجل فتنتها آية بريئة من غواية... ويبكي لحال العباد... وقد خذل العباد.... والبلاد والعياذ بالله من غباء الشعوب مطية المنابر المزيفة للسلطة الفاتنة.
كم قلنا: هذه المحطة حاسمة....نعم هذه المرة سيتغير الكثير....فلم يتغير غير طريقة الاقتراع... وظللنا القطيع المطيع... نباع بالقفف والفتوة السياسية...
كم قلنا سينتصر الوطن....هذه المرة... فانتصار الوطن... نعمة للبشر والشجر والحجر والغجر والغفر.... وأمل مهما كانت المحن... فالضراء مع العدالة تطاق، والسراء مع الغبن احتكار وانتحار...
قلنا دوما سينتصر الوطن ومعه الآمال وتتغير الأحوال والمصائر....فما يضعف الأوطان ليس قلة العتاد، بل فساد يخرب الأساس ويعلن نفسه مصلحا صالحا بلباس عامة الناس...
فخرج على حين غرة من معرة القول القديم القوي الثقيل... من يدين بشراسة صوتا دان الفساد واليأس، ومن يسفه مطلبا نقيا صفيا لمحاربة الاغتناء غير المشروع...ومن يفتح طريقا لصوت حر عبر نحو سجن في قفر... ومن علق أمل شعب في لون جورب، ومن خلط عجين السياسة بملح التجارة، فأتى فريةً في الحكم ما أتى بها من سبق... ولو في أحلك المحن... الحكم بالغنيمة قبل دفة السفينة... وتحت البرلمان الحاكم يترافع عن المغانم..
وطل علينا صاحب بدلة وربطة عنق بعد غفلة وشقة، وسمنة مستجدة، من باب تجمع ديمقراطي أصيل، فخلط الأوراق والأبواق... ومعه كل قاطع طريق... مهرب حشيش... أين الحلم الجميل القديم لأهل الهمة العالية، قبل أن يحولوا اللواء من وطنية الهواء، إلا وثنية الأهواء
وحمدنا الله أن الوطن نجا من هذا التيار الغبار الذي علمنا الهتاف، واختطف النعم في المدن والأرياف ونحن نهتف باسمه في المسيرات... وحين نصحو على وجع... نوزع.. فريقين... منعمين خدام الدولة...و معدمين خدام خدام الدولة
لو حكم لأعدم، فإن جاع باع، وإن غضب سجن.. وما عدل ولا حن...
رحم الله الوطن من أشباه مناضلين يحلمون بوردة تنمو ولو بلون السماء في مطبخ حمامة بلا علامة ولا عمامة، مقابل التفاتة وعناية ومنة وسخاء... والتابعون الغاوون... يطعمون من فتات الزعامة شرط الرفادة...
جربناكم... كلكم... من كل فج سياسي ... من العابد إلى من يحكي حكايته في الحانات عن السجون والجنون، من خدام الدولة إلى خصوم الدولة... من المنشقين إلى المتحدين، من حفدة الموريسكيين إلى حفدة البلانكيين...
كم قلنا.... أخيرا.. سينعم الشعب على الأقل بالدواء والهواء والحلم ورائحة البحر ؟
سينعم بجرعة كرامة ودفق العدالة وطعم الحياة الكريمة؟
لا يهم المشقة... والصعاب...والمحنة...مادام الباب مفتوح لكل حلم بلا حاجب يوزع الرعايا حسب العطايا...
وسنقطع حبل المحن مع الزمن حين نوزع الرغيف حسب العرق وضوء الصباح؟
قلنا على الأقل...سنحظى بالسكن الكريم لا الماكر البديل في منافي الضواحي البئيسة؟
سنعيش في أحلام أبنائنا.... بلا خوف من غد بلا رجاء...
قلنا مرارا ونحن ندس صوتنا في الصناديق حان زمن الرخاء... والإخاء والهواء والصفاء... والقطع مع قطاع الطرق من الساسة في النخاسة الجديدة..
كم تمنيت ألا يمشي المال العفن على قدمين في الأحياء في كبرياء ويشتري الإرادة... أمام أنظار الإدارة...
تمنيت أن تكون السلطة معنا.... ونحن مع السلطة... فنحن الاستمرارية.... نحن قلب الدستور....نحن روح العملية... نحن قوة الساعد... وملء السنابل...
كم تمنيت أنن نحرج القناع وقادة الغوغاء من لعبة الخفاء وتغول الأوغاد...بهمم ولا لبلاد....وسادة الأبدية في الكراسي من كابوس الشوارع للعيد للطريق شجره الأصيل..
فجربنا كل الصيغ الانتخابية من الفردي القبلي.... إلى اللوائح الجوارح... إلى الهجين العليل...
جربنا كل شكل من أشكال الورقة والرمز والصورة... والعلامة والنرد الحزبي...
وكل مرة نفتح الصندوق نجد نفس الوجوه تبتسم لنا... لكن بلون جديد... ولا نعرف من أين أتوا... لكن نعرف كيف أتوا...؟
الخطاب يعاد تدويره حسب المرحلة والمزلقة... ظل الغنائم القديمة نفسه يشتهي زمنا جديدا... ومعه كل منا خذل الوطن حتى رجال ال
كأن الزمن عندنا توقف عند قاعة الاجتماعات الحزبية الخفية الصفقات عن المناضلين الغافلين.... حين تباع التزكية والمنصب.. فتلك خيانة عظمى.... لا حكم لها سوى الإعدام... لأنها إبادة جماعية للوطن....
هل تبني غدا مع من يبيعون التزكيات والمنصات...؟ مع من المداحين الجدد على الشاشات؟ تبا لهذا الزمن الأغبر..
والشعب مازال يدور في حلقة مفرغة... كل محطة يحلم بلحظة فارقة... حاسمة...بهية الغور والنور والقطع...
كفأر في عجلة معدنية.... مازلنا ندور وندور... ونجلس كل مرة لاغير ما لا يغير العقول، مع من أفسدوا تربة الحقول، وبهجة العيون... وعدالة العبور، وماء وردة الحياة في دفاتر الشعوب...
سيتغير لون الخطاب والناب وريش الغراب... الوجوه ستغدو أكثر حدة... بل تطرفا وجدة... لتنعم بكرسي وثير سياسي يريح بطن الزعيم... وتدبج افتتاحية عن الفتح المبين من ظلال واحات طريق زعير...
قد يختلفون حول وزن الغنيمة لا الفكرة... فيغيرون الهودج والشال والدار...وكل سحابة سياسية تحلق نحو دار النخبة الرخوة...
الجوهر لم يتغير... لهم هم.... لكنْ متعددو الأقنعة والأحصنة واللحن والطبال والمزمار واللواء... مهما تعددوا فهم قبيلة واحدة تجيد سبي الأحلام، والإغارة ليلا على غجر الغربة...
الوعود تتكرر كنسخ مسجلة من زمن مضى... لكننا نصدق بغباء...
نحن الشعب نصرخ اليوم من معنا قبل فوات الأوان...؟
نريد أن نتحرر من القناع....القناع الخادع الذي أفسدنا وأفسد الرعاع حد الضياع..
أنتم يا من جربناكم... تغيرتم جدا... جدا... جدا... نعلم... ونعيد للأسف نفس السفه...
الشيوخ والمريدون من ساسة الدين ...تنعموا وتقلبوا في نعم الأرض ولم ينتظروا وعد الآخرة.. ولهم فقيه يفتي ألا عيب في الغنى بالسياسة... حتى إذا ما نطق فسق وينهى عن الرفث...
الاشتراكيون والرفاق يتلونون بالألوان حسب مزاج الغفلة... صاروا هنا وهناك... وغائبون بلا أثر... حين رفدوا وغنموا أفلوا....
أشباه الليبراليين المزيفيين من تجار خطاب الدولة الاجتماعية يبيعون وهم الحرية في المزاد مقابل قفة ووليمة ورقصة ومنصة خطابة لإعادة التربية لشعب يقبل عطية الزعيم الغريم...
أحفاد الحركة الوطنية يظنون أن التاريخ يشرّع لهم البقاء في البهاء ... وقد أفسدوا وما صدقوا أن زمن الشرعية التاريخية ولى... وأن هذا زمن جيل الثورة الرقمية... والصدق والحقيقة...
الجدد والقدماء... منهم...
الزعماء الشعراء... الفلاسفة والمفكرون جنبا إلى جنب مع الرعاة والقتلة والمجرمين... يفتون في غد البلد...
المناضلون والمعتقلون...
الحالمون والطوباويون...
كلّكم ترقيتم... حتى ركنتم لظ النعمة... والنعمة كسل وفتنة.
لم تعد أحياؤنا البئيسة تسعكم... نتفهم... من ألف المسبح... يتعلم حتى الذبح...
ملابسكم تغيرت... أسنانكم سويت... سياراتكم المقهورة تحوّلت إلى الباذخة... نتفهم... رجال الدولة لا يركبون الحمير... ولا الدرجات الهوائية...
تسافرون بعيدا لتنعموا بالعطل نحو العالم البلوري... لتنعموا بعطلة برائحة محار نادر...ونعطش وحدنا في حاراتنا وقرانا وجفاف أحلامنا...
أما الأعيان السياسيون…فهم وُلدوا ليحكموا بتوصية صدر الدولة والوزير العلاف... وحامل المظلة والظلة ..
يحكمون مع الفقراء... لا عيب... لكن بهم يفتون في لون الرصيف وتوزيع الدقيق وأموال القطيع والريع...
يحصّنون مصالحهم الجارية... بالسياسة... فهم في غنى عن المال، لكن الثروة لا سلطان، بلا طعم ولا جاه... طوبى لمن جمع بين السلطة والثروة...
تجار السلطة.... يدركون معنى علامة برلمانية على زجاج سيارة جامحة...
يتنافسون على الرئاسات... يشربون الشاي في القاعات الخفية الخلفية.... يتادلون نخب لعبة من هباء... فيها الغباء صياح وهتاف باسم زعيم خرف.
كل تصفيق محسوب في ميزان مصالحهم.... وموزع الأدوار حسب حجم الغنيمة... فالغانم أشد حماسة للزعيم الأبدي...
والحقيقة وهم بتشاورون في صيغ العرس الجديد لقبيلة الزيف، يبدو لنا أن النظام الفردي في الاقتىاع مزاد علني للمال حسب نفوذ الأتباع... والمناضل مسكين عليه أن يصفق أو يحلل أو يترافع عن حكمة الزعيم.
تقاسموا الكعكة قبل أن تصل الأصوات إلى الصندوق.
النظام باللائحة ستارة مزخرفة... وهم لنافذ... ثري... يشتري كلاب السباق...
التغيير سراب. الفساد ليس سرا... والحل ليس في صيغة الاقتراع بل في فساد الشراع وعفن زوايا مظلمة باسم الضرورة القاهرة.
تمويل غامض. أحزاب بلا ديمقراطية داخلية... لن تنفع معها أي خلطة تقنية سحرية...
الانتخابات طقس شكلي... مادامت الديمقراطية الحزبية الداخلية تصوم عن التغيير والحكامة... وتمشي في منامة خلال المؤتمرات....
تمنح شرعية زائفة بينما الثقة تنهار....
المواطن يرى أن الصندوق فارغ من معناه... ثم يملأ بصاحبه المحظوظ... ذي النعمة والرقة.
الكرسي أصبح للأصدقاء والأقارب قبل الناخبين... فكيف ندبر مع السلطة مرحلة ونحن العطب والغلط والخلل...؟
كلامنا لن يريح مديح الخاطر، ولا المسافر للماضي في شعرية العاطي... لكن تبا له... وليمت غيظا...إن كان مازال حيا... فحتى الموتى يكتبون...
كل صناديقنا آلات تدوير بشرية. عجيبة.. نفس النخب. نفس المصائر...
تغير لون الشرفة فقط... وظلت الشرفة ترانا قطعان نتشابه... دورنا التصويت والتصفيق، وأخذ صورة مع وجبة طعام وزعيم سياسي ثري يتواضع فيعانق امرأة تبيع اللبن على الطريق... ويسمع لبائع النعناع...
لكن المرشح الجديد سيكون نسخة مطابقة... مؤقتة. جاهزة للنسيان... إلى حين...
اللعبة الحقيقية مستمرة خلف الستار.
الولاءات تغطي البرامج. الرشاوى الأسبقية تقرر في جنح الظلام بلا سيرة نضال ولا مسار.
الوعود تتعفن في خزانات الذاكرة الوطنية.
المواطن آخر المشاهدين.
يضحك أحيانا ليخفي الغضب.
يبكي أحيانا ليخفف الألم.
يحاول أن يصرخ، لكن صوته يبتلعه الصدى.
هو جزء من لعبة لا تنتهي... لكنه ضروري للواجهة..
الضحك مباح. البكاء ممنوع إلا حدادا على الكرامة...
الشيوخ الساسة يراقبون.... والطبال يطبل... والمداح عار ولا يدرك أنه بلا غطاء...
الكبار يمسكون بالعصا...يربحون القرارات بأصوات داعنة... تنعم في ظل الأبدية الحزبية والنقابية...
بعض الاشتراكيين يلونون الألوان حسب الريح... من الوسط إلى الطرف... ومن الدولة الاجتماعية إلى اللغة المهلهلة
وأشباه الليبراليين يبيعون الحرية... يشترون الصوت بالطعام... والبقاء بالعطاء... تبا لهم...
أحفاد الحركة الوطنية حالمون لكن خارج الوطن...
الجدد والقدماء يملأون القاعات.
يوزعون الابتسامات. يركبون سيارات فاخرة.
يتركون الشعب يراقب من خلف الأسوار.
الانتخابات مجرد طقس دوري... مالم يرحل زعيم ميت حي، ومداح أنبياء الانتخابات... ومنظر الضرورة والفرص الضائعة...
الانتخابات تدريبي على الصبر. انتظار نفس الوجوه..
نفس الوعود. نفس الصور. الابتسامات تتآكل مع الأيام.
اللعبة تقلب الحالم منهظ إلى نسخة من الذي قبله.
الشعب يراقب، ينظر، يضحك أحيانا ويبكي أحيانا..
2011، 2016، 2021… كل دورة.. نفس الصورة، نفس اللوائح، نفس التجارب، نفس الأصوات.
المزاد أكبر وأكبر... الرشاوى أكثر أناقة. الابتسامات أكثر فتنة...
المرشحون الجدد يظنون أنهم سيقلبون التاريخ.
لكن التاريخ هنا مقفول. مغلق على أوراق صفراء.
الزمن يمضي. اللعبة مستمرة.
الصندوق آلة للسراب.
تمويل غامض... أموال في الظل... لا أحد يعرف مصدرها.
الشفافية مجرد كلمة كبيرة تكتب على جدران القاعات.
البرامج شعارات ترفرف في الهواء.
الأصوات تحسب ثم تُعاد كآلة نسخ.
اللوائح الحزبية ستار أسود. تخفي الأصوات الخفية.
الكل يصفق. يضحك. ويبكي في الوقت نفسه.
السيارات الباذخة. الملابس الفاخرة. الشواطئ البلورية. المطاعم الكبيرة... مستقبل الديمقراطية في أبهى تجلٍّ
أما الشعب… فنحن...من ننتظر معجزة تعيد للعبة بريقها الحقيقي...
كل شيء يدور، كل شيء مكرر، كل شيء مبتذل... ماذا سيقولون غدا..؟ لا جديد..
الحل: قطع اليد عن لوائح التحكم والسيطرة.
منح الناخب القدرة على الاختيار.
فرض شفافية مالية صارمة.
إشراف انتخابي قوي صارم يمتلك القوة لا لحظة الإعلان فقط...
مع الأسف...صرتم أغنياء وظللنا أغبياء.
نمنح الشرعية للفاسد. ونبكي من انعدام الدواء.
نمنح تأشيرة العبور ليحكم للتافه...من أجل قفة وعناق غادر. ونشكو انعدام الكهرباء والغذاء....نفوض المصير لعابر مزيف بقناع في عوزنا.
نعي المسار... ونقبل باللقمة... ونلعن اللعبة... ونفوض القرار لمن يزداد غنى بصوتنا... ونفرح كمرضى فصاميين..
نتهم السلطة حين لا نرى أن اللعبة مع أحزاب خاوية بلا شرعية داخلية تقوي خيار السلطة.
فاللعب الديمقراطي لا يستقيم والزعامة الأبدية شرعية غبية...
اللعبة الديمقراطية لا تتناغم وقادة يموتون على المنصات.
وهذا الهوس..مصدر قوة السلطة حين لا تجد من يجيد اللعب على رقعة الديمقراطية.