قال مولاي الحسن الداكي الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة إن مغربية الصحراء حقيقة لا مراء فيها، تشهد عليها فروض البيعة التلقائية لسكانها لمختلف سلاطين المغرب، باعتراف محكمة العدل الخاصة في قرارها التاريخي الصادر بتاريخ 16 أكتوبر 1975.
وأضاف الداكي بمناسبة تنظيم ندوة أمس الثلاثاء بمدينة الداخلة حول موضوع: “الأثر القانوني والسياسي للاعتراف بمغربية الصحراء”، أنه إذا كان تاريخ المغرب يشهد على أن السلطان المولى إسماعيل كان يمارس سيادته المباشرة على قبائل توات وكورارة وتيفورارين وواد الساورة من الصحراء الشرقية، وبالمنطقة الممتدة من وراء درعة، بدءً من الساقية الحمراء، وعلى تنظيم حركات سلطانية إلى الصحراء قادها مولاي الحسن سنة 1303/1886 قصد تجديد خطة القضاء بتعيين أحمد بن محمد الأعمشي الجنكي سنة 1886/1303. فإن التاريخ سجل أيضا أسماء قضاة أفداد ساهموا في الحياة اليومية للمجتمع الصحراوي إلى جانب زملائهم القضاة في باقي ربوع المملكة الشريفة، منهم محمد بنيوسف بن عبد الحق الركيبي، والخليل بن عبد الحي التهامي، وبابا أحمد ولد سيدي عثمان، وأحمد محمود بن الشيخ بوبكر الفيلالي، ومحمد كمال ولد المحفوظ الأزرقي، وحسنة بن سيدي عثمان، وأحمد بن محمد بن عبد الله النودوتي، فضلا عن مواجهتهم لمحاولات طمس هوية القضاء المغربي وتشتيت وحدته، حيث رفضوا أي عمل قضائي لا يكرس الوحدة الوطنية وكل تدخل في شؤون القضاء يمس استقلاليته وحياده.
وواصل الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة قائلا “إن المتحدث عن تاريخ القضاء في المغرب ودوره في وحدة البلاد ومغربية أقاليمه الجنوبية، لا يمكنه أن يتنكر للدور الذي لعبه تعيين القضاة في تكريس هذه الوحدة، وفي هذا السياق تؤكد بعض الوثائق التاريخية قيام السلطان مولاي عبد العزيز بتعيين القاضي الفقيه صالح بن مبارك المجاطي لتولي خطة القضاء بمرسى طرفاية. وهذا من بين الدلائل الأخرى التي تؤكد مكانة القضاء في المناطق الصحراوية من بلادنا”.
وأبرز المتحدث أن القضاء ساهم في مواكبة مسار النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، وفي بلورة الجهوية المتقدمة، سواء من حيث حماية الحقوق الأساسية، وتحقيق الأمن القضائي للمواطنين، أو المساهمة في تحسين مناخ الأعمال.
وتأكيداً لهذه الحقيقة، يضيف مولاي الحسن الداكي، أشار تقرير تقييم فعلية الحقوق الإنسانية الأساسية في الأقاليم الجنوبية، الذي تم إعداده من طرف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي سنة 2013، إلى أن الحق في الولوج إلى العدالة يمارس في الجهات الجنوبية بالطريقة ذاتها التي يمارس بها في باقي جهات المملكة، وأن مراقبة وتحسين احترام الوضعية القانونية للطفل وضمان الحماية القانونية للأمومة يجري ضمانها في مجموع أقاليم الجهات الجنوبية، على الشكل نفسه الذي تشهده باقي جهات المملكة.
وأكد الداكي أن الإيمان الجماعي بعدالة قضية الوحدة الترابية، هو الذي جعل المغرب يحقق انتصارات كبيرة، ومكتسبات مهمة متتالية، بالنظر لسعيها لإيجاد حل واقعي في احترام تام لسيادة المغرب ووحدته الترابية، في إطار مبادرة الحكم الذاتي، التي تظل الأفق الوحيد للتوصل إلى حل سلمي سياسي لهذا النزاع المفتعل. مذكرا أن هذا النهج الاستراتيجي الواقعي كلل باعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المغرب على كامل أراضي صحرائه بموجب المرسوم الرئاسي الصادر بتاريخ 04 دجنبر 2020، وما واكب ذلك من افتتاح مجموعة من التمثيليات الدبلوماسية الأجنبية بالأقاليم الجنوبية. وأخيرا القرار المهم الصادر عن مجلس الأمن في شهر أكتوبر الأخير حول تمديد ولاية بعثة “المينورسو” لعام إضافي.
وأشار إلى أن رئاسة النيابة العامة منذ تأسيسها عملت على استحضار الدور الذي يمكن أن تلعبه في الدفاع عن القضايا الوطنية الكبرى، حيث اعتمدت الديبلوماسية الموازية كآلية مواكبة للدبلوماسية الرسمية، وأخذت على عاتقها اعتماد وتفعيل استراتيجية تواصلية ومقاربة منفتحة قوامها نسج علاقات متينة مع السلطات القضائية الأجنبية وبعض المؤسسات والمنظمات الدولية، والتي تعنى بموضوع العدالة والقانون، مكنتها من التعريف بالتطورات التي تعرفها البلاد على المستوى القانوني والحقوقي، وأيضا على المستوى القضائي، وتحسيسها بأهمية القضايا الوطنية ووجاهة موقف البلاد اتجاهها.