محمد الشمسي*
استضافتني إذاعة خاصة خلال شهر انقضى، وكان موضوع الحلقة هو الدعم الحكومي للفلاحين للتخفيف من آثار الجفاف، حضر عبر الهاتف عن وزارة الفلاحة مسؤول أذكر أن اسمه هو شوقي استعرض برنامج الوزارة من سبع أو ثمان مراحل أو نقط، وغلافه المالي بملايير كثيرة، قال للناس وكلامه لازال مسجلا في أرشيف البرنامج إن الفلاحين سيحصلون على قدر ما شاؤوا ورغبوا واحتاجوا من كميات الشعير المدعم وثمنه درهمين للكيلو.
وحين عارضت معاليه موضحا أن التجارب السابقة أثبتت تناقضا بين القول والفعل، وأن الفلاحين بالكاد يحصلون على “خنشة وحدة”، سخر من قولي وتحداني على الهواء مباشرة، وقال ذلك الكلام الذي يقوله السياسيون من ذوي الوجوه الصحيحة… وزاد بالقول إن الوزارة تمسك سجلا يحصي الفلاحين كما يحصي لبهايم…
ولأن المياه تكذب الغطاس، جاء موعد توزيع شعير شوقي، ولم يكن في الجماعة القروية بالزيايدة ببنسليمان على سبيل المعاينة الحية إلا “خنشة وحدة وشي كيلوات للراس”… وطبعا لا حيلة للسلطة المحلية أمام هذا العوز، فهي مجرد جهة تنظم عملية التوزيع…
لا أدري إن كان السيد شوقي المسؤول عن سلاسل الإنتاج علم بهذه الفضيحة أم لا، ولا أدري إن كان سيقرأ مقالي هذا أم لا…
المثير في تلك الحلقة أنه حتى رئيس الغرفة الفلاحية لبني ملال اتصل بالبرنامج المباشر وآزر المسؤول الحكومي في قوله، ووجه عتابا ولوما لي ولضيف جمعوي آخر كان معي في البلاطو، وذكر لنا أنه هو وحده المؤهل دون غيره للحديث عن مشاكل الفلاحين، وتحدث عن الدستور وعن عدم استيعاب فلسفة الدعم، وعن وعن وعن …قبل أن أخبره أننا نمثل جمعيات تنشط في العالم القروي، وأن الدستور الذي يتبجح به أقر بالجميعات فاعلا وشريكا، وأن منصبه الانتخابي يلزمه بدعم الفلاح وليس دعم وزارة الفلاحة…عموما أدركت يومها أن الجفاف الخطير هو جفاف العقول…
أعود لشعير شوقي، في ماذا ستنفع الفلاح خنشة واحدة ديال الشعير يا سي شوقي، ويا سي الوزير اللي وزارتك فيها جوج سطورا؟ واش يلوحها للدجاج، أو يطحنها بلبولة، أو يتصور معاها أو ياكلها بالغدايد؟ فالجفاف لن ينتهي إلا في مستهل مارس من السنة المقبلة إلى طاحت شي شتا، بمعنى أنه من هاد مارس إلى مارس المقبل لا صوت يعلو فوق صوت الجفاف، لا حصايد لا تبن ولا زرع لا مياه في العيون أو السواقي أو في الآبار، بمعنى أن العلامات الصغرى والكبرى للمصيبة تتشكل فوق سماء البادية المغربية، بما يؤشر على إعدام ما تبقى من فصيلة الفلاحين المرتبطة بالأمن الغذائي.
وروى الرواة أن الدفعة الثانية من الدعم ستكون أكبر، وقد تصل إلى خنشة ونص، فإذا كان هذا عا الشعير المدعوم ولم تف به الوزارة، فكيف سيكون حال النقط السبع أو العشر الأخرى التي تحدث عنها رسول الوزارة السيد شوقي؟ أين سقي الاشجار؟ وأين دعم البقر الحلوب؟ وأين زرع المراعي؟ وأين حماية القطعان؟…
الحاصول نصيحة لوزارة الفلاحة، عاشدو عندكم شعيركم، فأنتم في أمس الحاجة لمزيد من الأعلاف، ووفروا عنكم الكلام والشعير معا…
الله يعطيناي عا الشتا… ولهلا يحوجنا لشي مسؤول… إليك الخط آسي شوقي مول الشعير…
*كاتب وحقوقي